استهلّ الجنيه المصري موجة جديدة من التراجع أمام الدولار واليورو والعملات الأجنبية، بلغت نحو 1%، خلال الأيام الأربعة الماضية، وصفها خبراء في تصريحات لـ "العربي الجديد" بأنها "مقصودة، ومدارة من قبل البنك المركزي، وتأتي في إطار اتفاق غير معلن بين الحكومة وصندوق النقد الدولي، الذي يجري مفاوضات فنية مع مصر حاليا، تتعلق بترك السوق يحدد سعر الجنيه، خلال المرحلة المقبلة".
مزيد من التراجع للجنيه
توقع الخبراء أن يشهد الجنيه مزيدا من التراجع المدار من قبل البنك المركزي، يتراوح ما بين 10% إلى 15%، في بضع أسابيع. وفقد الجنيه، نحو 21% من قيمته، في موجة التراجع التي يتعرّض لها، منذ 4 أشهر، ويتوقع أن يصل قبيل نهاية العام الجاري، إلى أدنى مستوى له على الإطلاق، الذي بلغه في ديسمبر/ كانون الأول عام 2016، عندما وصل سعر الدولار 19.54 جنيها.
وتخطى سعر الدولار نهاية الأسبوع الماضي، 19.10 جنيه للشراء و19.14 جنيه للبيع، في البنوك وشركات الصرافة. ويشير مراقبون إلى مسؤولية البنك المركزي عن خفض قيمة الجنيه، إذ يتخذه وسيلة منذ عام 2016، لكبح جماح طلب المصريين على الدولار، مؤكدين أن التراجع الحالي، سيؤدي إلى قيام البنك المركزي برفع الفائدة على الجنيه، منتصف الشهر الحالي، بنسبة تتراوح ما بين 1.5%، إلى 2%، لتحفيز الجمهور على اقتناء الجنيه، بدلا من اللجوء إلى شراء الدولار أو رفع نسب التعامل به في السوق السوداء.
مرحلة الركود
يوضح المحلل المالي إيهاب مهدي في تصريح لـ "العربي الجديد" أن تأثير خفض الجنيه، لن يفيد حركة التعامل بالأسواق، في ظل تراجع القوة الشرائية للمواطنين وفرض البنك المركزي قيودا مشددة على توفير العملة للاستيراد والسفر للخارج.
ويؤكد المهدي أن الأسواق دخلت في مرحلة ركود، حيث تتوافر كثير من السلع، دون وجود طلب عليها، في ظل ندرة السيولة، والتضخم المتصاعد، في أسعار السلع والخدمات، وعدم وجود يقين في المستقبل القريب.
وقال رئيس لجنة التجارة الداخلية في الشعبة العامة للمستوردين، متى بشاي، إن عمليات استيراد السلع تامة الصنع متوقفة تماما، منذ صدور قرار البنك المركزي، بإلغاء التعامل بمستندات التحصيل، منوها بقرب نفاد المخزون لدى المستوردين مما سيؤدي إلى نقص حاد في الأدوات الصحية والأجهزة الكهربائية، والأدوات المنزلية، والمكتبية، والأخشاب والأثاث ولعب الأطفال وقطع غيار السيارات.
وأوضح أن النقص في المخزون دفع إلى ارتفاع الأسعار، من 20% إلى 45%، للواردات. وحذر مستوردون من تأخير إفراج الجمارك عن السلع الموجودة في الموانئ، لحين رفع قيمة الدولار، الأيام المقبلة، بما يعرضهم لمشاكل مالية خطيرة.
ارتفاع متسارع للأسعار
وكشف تقرير لمؤشر مديري المشتريات، الذي أصدرته مؤسسة "ستاندرد آند بورز غلوبال" المالية، عن لجوء المديرين إلى تمرير الزيادة في تكاليف التشغيل، إلى العملاء للمرة الثانية خلال شهرين، مع ارتفاع الأسعار بثاني أسرع معدل لها في 4 أعوام.
وأشار التقرير إلى تراجع طلب المديرين على الشراء، وإن كان بمعدلات أبطأ مما كان عليه في نتائج يونيو/حزيران، عندما وصلت إلى أدنى مستوياتها منذ الربع الثاني من عام 2020. وأكد التقرير أن الشركات لا تشعر بالتفاؤل حيث تراجعت مستويات الثقة إلى واحدة من أضعف مستوياتها على الإطلاق، مع تنبؤ المحللين بأن يعاود معدل التضخم ارتفاعه في الأشهر المقبلة.
قال رئيس لجنة التجارة الداخلية في الشعبة العامة للمستوردين، متى بشاي، إن عمليات استيراد السلع تامة الصنع متوقفة تماما، منذ صدور قرار البنك المركزي
وتتوقع 87% من الشركات التي بحثها التقرير، عدم نمو الإنتاج خلال العام المقبل. ولجأت بعض الشركات، وفقا للتقرير، إلى خفض الوظائف لديها لمواجهة التراجع في الطلبات الجديدة.
وسجل التقرير تراجعا في نشاط الأعمال بوتيرة أبطأ قليلا خلال شهر يوليو/ تموز الماضي، وسط مؤشرات بتراجع التضخم، بلغت نحو 0.04%، عن شهر يونيو/ حزيران الماضي، وارتفع المؤشر ليصل إلى 46.4 نقطة مرتفعا من أدنى مستوى له في عامين عند 45.2 نقطة في يونيو، بينما لا يزال أقل من 50 نقطة، الذي يفصل بين النمو والانكماش المستمر منذ عشرين شهرا على التوالي في القطاع الخاص غير النفطي بمصر.
ويتوقع الخبراء أن يعلن البنك المركزي، أرقام الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية لشهر يوليو قريبا، مع توقعات بانخفاضه مجدّداً. وتعرض الاحتياطي إلى تراجع حاد، على مدار الأشهر الثلاثة الماضية، حيث بلغ الشهر قبل الماضي 33.37 مليار دولار.