شنّ أعضاء الاتحاد المصري لجمعيات ومؤسسات المستثمرين هجوماً شديداً على وزارة المالية والهيئات التابعة لها، لوضعها تقديرات ضريبية جزافية تصيب المستثمرين بصدمات، وملاحقة الشركات بملفات ضريبية سبق حسمها، مرّ عليها أكثر من 15 عاماً.
وقال أعضاء يمثلون اتحادات المستثمرين في المحافظات والمدن الصناعية والسياحية الجديدة: "إن خدمات وزارة المالية قاصرة على العاصمة والمدن القريبة منها، بينما تظل محدودة المكاتب والخبرات في أنحاء البلاد، وخاصة بالصعيد، بما يكلف المستثمرين أعباء مالية وتأخير في إنهاء الأوراق اللازمة للتشغيل اليومي لمعداتهم، خاصة في الوجه القبلي".
دقّ الأعضاء خلال اجتماع شهده "العربي الجديد" في مقر الاتحاد أمس، ناقوس الخطر أمام الحكومة، من زيادة الأعباء الضريبية على المنشآت الصناعية، إلى نسب تراوح ما بين 45% إلى 52% في المتوسط، بما يجعلها من أعلى نسب الضرائب في العالم، تزيد على السائدة بأوروبا وتقترب من معدلات الضرائب بالولايات المتحدة، تجعلها عنصراً طارداً للمستثمرين.
وأكد الأعضاء خلال الاجتماع الموسع الذي رأسه محرم هلال، رئيس اتحاد المستثمرين، لجوء المالية إلى تحصيل ضرائب، بفرض 22.5% ضريبة أرباح صناعية وتجارية و10% ضريبة توزيع أرباح، وضرائب تكافلية وتأمين، بخلاف القيمة المضافة على مدخلات الإنتاج بنسبة 14%، مشيرين إلى أن التعسف الضريبي يشجع على توسيع دائرة الاقتصاد الموازي، الذي تصل حجم تعاملاته حالياً إلى ما بين 2 إلى 3 تريليونات جنيه، لا تستطيع الحكومة دمجه في الاقتصاد الرسمي.
واتهم الأعضاء وزارة المالية بعدم تنفيذ الحافز الضريبي الذي يمنحه قانون 2017 للمستثمرين، والخاص بمنح المنشآت الجديدة حسماً من الوعاء الضريبي يصل إلى 50% من حجم المال المستثمر بالمشروعات. تواصل الدكتور محمد معيط وزير المالية مع رئيس الاتحاد خلال الاجتماع، لامتصاص غضب رجال الأعمال، الذين يعزفون منذ أشهر عن حضور اجتماعات رسمية، مع مسؤولي المالية والجهات الحكومية، لعدم قناعتهم بقدرة المسؤولين على حل مشاكلهم.
قال الأعضاء للوزير: إذا كنت تريد استعادة علاقة الثقة بين المستثمرين والحكومة، عليك أن تنزل بنفسك ورجالك إلى أرض الواقع، وخاصة في المناطق الاستثمارية بالصعيد، لتعرف الصعوبات التي تدفع أغلبية المصانع للتوقف عن العمل، وعزوف رجال الأعمال عن حضور اجتماعات لا طائل من ورائها.
وافق الوزير على مقترح تقدم به اتحاد المستثمرين، بتقسيم الجمهورية إلى 5 مناطق جغرافية، ليقوم بزيارة كل منها على حدة، مع قيادات الوزارة والجهات الحكومية ذات الصلة، منها التنمية الصناعية وشؤون البيئة والدفاع المدني والإدارة المحلية، للإسراع في حل مشاكل المستثمرين التي أثاروها في المؤتمر الاقتصادي الأخير، دفعت مؤسسات الرئاسة وأخرى دولية إلى المطالبة بضرورة الإسراع بمواجهتها، لإعادة تشغيل آلاف المصانع المعطلة، بعد أن أثارت مخاوف لدى الاستثمار الأجنبي المباشر.
قرر الوزير أن يجري الاجتماع الأول بأسيوط، مع المستثمرين بمناطق الصعيد. وأعلن ممثل وزارة المالية تجهيز تطبيق إلكتروني لدفع الفواتير وتحصيل الضرائب من المحلات الصغيرة وأصحاب المشروعات غير القادرين على القراءة والكتابة، سيعمّم استخدامه، خلال العام المقبل، لتوسيع نطاق المجتمع الضريبي. تمثل الضرائب 77% من موارد الموازنة العامة للدولة، تجاوزت العام الحالي تريليون جنيه.
أشار الدكتور محمد خميس، الأمين العام لاتحاد المستثمرين، إلى عدم فاعلية وسائل التحول الرقمي التي طبقتها وزارة المالية، في الدفع الإلكتروني والفاتورة الإلكترونية، التي تتجاهل وجود ملايين من منشآت صغار الأعمال غير القادرين على التعامل مع أجهزة الكمبيوتر، بما يدفع مأموري الضرائب إلى ملاحقة كبار الممولين، بتقديرات جزافية، لجمع الحصيلة المطلوبة منهم، دون تنفيذ الوعود التي طرحتها وزارة المالية، بالتصالح في المطالبات القديمة لدافعي الضرائب.
وأبدى محمود الشندويلي، رئيس جمعية مستثمري سوهاج، ونائب رئيس الاتحاد، دهشته من أن تخصص وزارة المالية مكتباً وحيداً في مدينة الأقصر لإنهاء أوراق التراخيص والبطاقة الضريبية لجميع محافظات الصعيد والوادي الجديد، يضطر المواطن إلى قطع مسافة 1000 كيلومتر لإنهاء طلب بسيط، فيما تدعي وزارة المالية أنها تحولت إلى نظام الحكومة الإلكترونية.
أثار الأعضاء قضية شائكة تتعلق بعدم قدرة الممولين على تقديم كشف حساب بمصروفات المحامين والأطباء وبعض المهنيين الذين يحصلون على رواتبهم نقداً، دون تقديم فواتير، وفوجئوا بدعوة مسؤولي وزارة المالية لهم إلى أن يتقدموا ببلاغ ضد المحامين أو الأطباء الذين يقومون بذلك لإخضاعهم لقانون التهريب الضريبي، لعدم قدرتهم على حسم تلك القضية مع النقابات المهنية، وملاحقة الأطباء والمحامين، بعد تهديدهم بإمكانية تنظيم إضرابات احتجاجية ضد الضرائب.
أشار إيهاب رأفت، عضو الاتحاد، إلى عدم تصدي لجان فضّ المنازعات الضريبية للتقديرات الجزافية، التي يضعها مأمورو الضرائب، على الممولين، ويفاجئ المتظلم بإحالة شكواه على قضية بإدارة مكافحة التهرب الضريبي مع تضخيم قيمتها، لتضييق الخناق على من يشكو، فلا يكون أمامه مفر إلا دفع القيمة المعترض عليها، أو الاستمرار في مواجهة قضية تهدد مستقبله.
شارك في الاجتماع علاء السقطي، نائب رئيس الاتحاد، واللواء حازم عناني، رئيس هيئة التنمية الصناعية، ووكلاء وزارة المالية، ومصلحة الضرائب، وممثلو جمعيات المستثمرين بالمحافظات.