أصدر البنك المركزي المصري، اليوم الاثنين، قراراً بوقف التعامل مع مستندات التحصيل في تنفيذ كافة عمليات الاستيراد، وقصر العمل على الاعتمادات المستندية فقط، اعتباراً من بداية مارس/آذار المقبل، بهدف السيطرة على سعر الدولار في مقابل الجنيه، من خلال تحجيم عمليات الاستيراد.
واستثنى البنك المركزي، فروع الشركات الأجنبية العاملة في مصر، والشركات التابعة لها، مع السماح للبنوك بقبول مستندات التحصيل الواردة عن بضائع تم شحنها بالفعل قبل صدور القرار.
وقال البنك، في خطاب وجهه للبنوك العاملة في السوق، إن "القرار يأتي في إطار توجيهات مجلس الوزراء بشأن حوكمة عملية الاستيراد، وتفعيل منظومة التسجيل المسبق للشحنات، المقرر تطبيقها بصورة إلزامية اعتباراً من 1 مارس/آذار 2022".
واعتادت الشركات المصرية التعامل بمستندات التحصيل، التي يكون التعامل فيها ما بين المستورد والمصدر بشكل مباشر، ويكون البنك وسيطاً في هذه العملية. أما التعامل بالاعتمادات المستندية وحدها، معناه أن التعامل سيكون ما بين البنك المستورد والبنك المصدر.
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد شدد على "عدم السماح بدخول أي بضائع إلى البلاد، إلا طبقاً للمعايير الأوروبية بدءاً من الأول من الشهر المقبل، مبررا ذلك بضبط عملية الاستيراد العشوائي، التي انعكست بالسلب على الميزان التجاري.
ووفق البيانات الرسمية تجاوزت قيمة الواردات 61 مليار دولار، خـلال الفترة من يناير/كانون الثاني حتى سبتمبر/أيلول 2021، مقارنة مع 52.4 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2020، بارتفاع بلغت نسبته 16%.
وأقر وزير المالية، محمد معيط، ضوابط جديدة مؤخراً لنظام التسجيل المسبق للشحنات، مشيرا إلى ضرورة اعتماد المستورد أو وكيله مستندات الشحنة باستخدام التوقيع الإلكتروني، وحفظ هذه المستندات في الأرشيف الإلكتروني المؤمن والمعتمد، من دون الإخلال بحق الجمركي المختص في طلب أية مستندات أو بيانات ورقية أو إلكترونية، تكون ضرورية لإتمام عملية الإفراج النهائي.
والتسجيل المسبق للشحنات (ACI) هو نظام جمركي جديد، يعتمد على إتاحة بيانات ومستندات الشحنة، متمثلة في الفاتورة التجارية، وبوليصة الشحن النهائية أو المبدئية، قبل الشحن بـ48 ساعة على الأقل، بدعوى تمكين الجهات المعنية من رصد أي خطر على البلاد عن طريق نظام إدارة المخاطر التابعة للبنك المركزي.
وفي 10 يناير/كانون الثاني الماضي، قرر البنك المركزي منح البنوك العاملة في السوق المحلية "سيولة طارئة" بسعر فائدة لا يقل عن 5%، حال عدم قدرتها على توفير السيولة من سوق الإنتربنك (شبكة داخلية تربط بين الأنظمة البنكية).
يذكر أن السوق المصري يواجه أزمة دولارية شبيهة بالتي حدثت قبل تعويم الجنيه أواخر عام 2016، ارتباطاً باحتلال مصر المركز الثاني، بعد الأرجنتين، بين أعلى الدول اقتراضاً من صندوق النقد الدولي، والتحذيرات التي أطلقها الأخير في كتابه الدوري، بشأن مواجهة الاقتصادات الناشئة فترات من الاضطراب مع رفع البنك المركزي الأميركي معدلات الفائدة الأساسية، وتباطؤ النمو العالمي بسبب متحور "أوميكرون" الجديد من فيروس كورونا.
ودعمت الحكومة، الجنيه في مواجهة الدولار خلال السنوات الخمس الماضية، من خلال الإبقاء على أسعار فائدة مرتفعة لجذب المزيد من المستثمرين الأجانب في أذون الخزانة المحلية، فضلاً عن التوسع في أسواق السندات الدولية باللجوء إلى أنواع جديدة في الآونة الأخيرة، ومنها السندات الخضراء، والصكوك السيادية.