مصر تقايض كينيا بالسلع مقابل الشاي لمواجهة أزمة نقص الدولار

07 نوفمبر 2023
تراجعت واردات الشاي الكيني لمصر بنسبة 23% منذ بداية العام (Getty)
+ الخط -

دفع نقص الدولار إلى طلب سفير مصر في العاصمة الكينية مومباسا توريد الشاي للأسواق المحلية بنظام المقايضة.

تمر كينيا بأزمة حادة في نقص العملات الصعبة، وتعد أكبر مصدر للشاي الأسود في العالم، والمفضل لدى المستهلك المصري.

وقال نجوجونا ندونغو وزير المالية الكيني وفقا لما ذكرته وكالات الأنباء إن سفير مصر أخبره بأنه "ليس لدينا دولارات ندفعها لنحصل على الشاي، فعليكم أن تقرروا ما تريدونه من مصر مقابل الحصول على الشاي منكم".

أدى نقص الدولار لدى البنوك الرسمية وصعوبة تدبيره للموردين، إلى تراجع واردات الشاي الكيني لمصر بنسبة 23% خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى سبتمبر/أيلول 2023.

بدائل لمواجهة الأزمة

من جانبه، قال الدكتور رشاد عبده خبير التمويل والاستثمار لــ" العربي الجديد" إن الصفقات المتكافئة أحد البدائل التي تواجه الحكومات غير القادرة على تدبير احتياجاتها من العملات الصعبة أو عملة البلد الذي تسعى إلى شراء منتجاته بدون عملة وسيطة، مبينا أن الحكومة سبق لها أن اتفقت على استيراد القمح الروسي مقابل تبادل سلعي.

وأضاف أن الطريقة الأخرى أن تلجأ الدولة إلى طرف ثالث لتمويل تلك الصفقات، كما فعلت مع الإمارات، عندما تدخلت لضمان توريد القمح الهندي والروسي وحصلت على قروض باليوان من الصين تعادل ملياري دولار، لتمويل شراء منتجات صينية.

يثني رشاد عبده على اتجاه الحكومة التوسع في الاستيراد عبر تنشيط الصفقات المتكافئة، مؤكدا دورها في تخفيف الضغط على طلب الدولار، والعملات الصعبة، مع توفير الحاجات الأساسية للمواطنين ومستلزمات المصانع.

يشترط " عبده" أن تلتزم الحكومة بإتمام تلك الصفقات بواسطة خبراء معروفين بكفاءتهم ونزاهتهم المهنية وليس عبر مسؤولين ضعفاء يمارسون المهام بوسائل بيروقراطية. 

يشير خبير التمويل والاستثمار إلى أن نقص الدولار والعملات الصعبة سيظل مستمرا خلال الفترة المقبلة، مدفوعا بتراجع عائدات السياحة، التي تراجعت خلال الأيام الماضية، متأثرة بالعدوان الإسرائيلي على غزة، والتوتر الجيوسياسي في المنطقة، واتساع الفجوة بين سعر الدولار الرسمي وسعره في السوق السوداء.

وأكد أن ذلك أدى إلى انخفاض عائدات المصريين بالخارج وتسرب المزيد من الدولارات إلى السوق السوداء، في وقت تعاني الحكومة من زيادة تكلفة الواردات، التي زادت أسعارها عالميا مع اندلاع الحرب وعدم وجود سقف زمني لنهايتها.

ويبين " عبده" أن السوق السوداء هيمنت بقوة على الدولار، مع إعلان صندوق النقد الدولي تأجيل التعويم الرابع للجنيه، لحين إجراء الانتخابات الرئاسية، بما أوجد يقينا لدى الكافة بأن التراجع بقيمة الجنيه عملية مستمرة رسميا، وأحدث قناعة لدى المستثمرين والمواطنين، بأهمية الاحتفاظ به أو بيعه بعيدا عن القنوات الرسمية، بما ساعد على ندرة وجوده وصعوبة تدبيره لشراء احتياجات الدولة.

حلول منقوصة 

يرى هشام حمدي المحلل المالي بمجموعة النعيم أن لجوء الحكومة إلى الصفقات المتكافئة لن يساهم في حل مشكلة نقص العملات، مشيرا إلى أن مصر تصدر منتجات البتروكيماويات والأسمدة لكينيا، وتحصل على قيمة صادراتها بالدولار، وتستورد الشاي وباقي المنتجات بالدولار، فإذا أجريت المقاصة عبر صفقات متكافئة فلن تصب في صالح الشركات المصرية.

يبين خبير أسواق السلع الغذائية لـ" العربي الجديد" أن الصفقات المتكافئة تحتاج إلى آلية منظمة، حيث تتولى الحكومة شراء المنتجات من القطاع الخاص، لتتولى تصديرها مقابل استيراد المنتجات المطلوبة محليا، حتى تضمن توفير السلع المطلوبة وعدم تحميل المصدرين والموردين أية خسائر مرتبة على الصفقات المتكافئة.

يؤكد" حمدي" ضرورة أن تبحث الحكومة عن وسائل عملية تساهم في توليد العملة الصعبة، تضمن تدبير المدفوعات الخاصة بشراء احتياجات المواطنين الأساسية والوفاء بالديون الخارجية، لصعوبة تحقيق الصفقات المتكافئة الأهداف المرجوة منها، وهي خفض الضغط على طلب الدولار والعملات الصعبة. 

انفلات الدولار

وفي السياق، وبعد صعود مستمر تشهد أسعار الدولار والعملات الدولية الرئيسية انفلاتا في السوق الموازية، منذ بداية الأسبوع الجاري.

يرتفع الدولار بوتيرة أقل عنفا من باقي العملات، ليصل إلى 47.73 جنيها، متأثرا بمؤشرات استقرار سعر الفائدة بالفيدرالي الأميركي، بينما زادت أسعار باقي العملات مدفوعة بزيادة الطلب المحلي.

قفز اليورو قفزة كبرى ليتجاوز 50 جنيها لأول مرة، ويباع بسعر 50.30 جنيها، في مضاربة نحو سعر الجنيه الإسترليني الذي بلغ 56.20 جنيها.

وجاء الدينار الكويتي على قمة العملات تأثرا بقفزات السوق السوداء، حيث بلغ 150.65 جنيها، وتأثر الريال السعودي بزيادة الطلب مع انتعاش رحلات العمرة، ليصل إلى 12.52 جنيها، ليقترب من قيمة الدرهم الإماراتي المباع بسعر 12.57 جنيها ويتجاوز الريال القطري الذي بلغ 12.37 جنيها. 

ظلت أسعار العملات الرئيسية مستقرة للشهر الثامن على التوالي، عند 30.95 جنيها للدولار و33.29 لليورو و38.48 للجنيه الإسترليني، و8.25 للريال السعودي و8.42 للدرهم الإماراتي و100.32 للدينار الكويتي و4.2 لليوان الصيني بينما انخفض الين الياباني عند مستوى 20.69 جنيها. 

وأعلن البنك المركزي عن زيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي في أكتوبر الماضي ليسجل 35 مليارا و108 ملايين دولار، مقابل 34 مليارا و790 مليون دولار بنهاية سبتمبر/أيلول 2023.

يتكون الاحتياطي من غطاء ذهبي وسلة العملات الدولية الرئيسية، تشمل الدولار واليورو والجنيه الإسترليني والين واليوان، وتشمل نحو 14 مليار دولار ودائع خليجية، تنتهي عام 2026. 

خفض البنك المركزي قيمة العملة 3 مرات منذ فبراير/شباط 2022، أدى إلى فقد الجنيه نحو 50% من قيمته رسميا، بينما تعددت أسواق بيع العملة، تحدد قيمة الدولار في سوق المعاملات الفورية لتسعير السلع الغذائية والعقارات والذهب والسلع المعمرة ومواد البناء.  

اتفق صندوق النقد الدولي مع الحكومة على تأجيل صفقة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار، تستهدف تخفيضا رابعا للجنيه ومرونة سعر الصرف، لحين إجراء الانتخابات الرئاسية في ديسمبر/كانون الأول المقبل. 

وارتفع حجم الدين الخارجي لمصر إلى 164.7 مليار دولار بنهاية العام المالي 2022-2023، تتضمن ديونا قصيرة الأجل بنحو 28.15 مليار دولار وودائع وقروضا وتسهيلات 9.4 مليارات دولار، تتطلب سداد 83.7 مليار دولار منها خلال السنوات الثلاث المقبلة. 

المساهمون