- لمواجهة الأزمة، اتخذت مصر خطوات استراتيجية مثل مشروع رأس الحكمة، قرض صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار الذي زيد لاحقًا إلى 8 مليارات دولار، واتفاق مع الاتحاد الأوروبي.
- العلاقات الدولية والإقليمية، بما في ذلك الشراكة مع الاتحاد الأوروبي والدعم الخليجي، تلعب دورًا محوريًا في استراتيجية مصر لمواجهة التحديات الاقتصادية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي.
تعاني مصر، منذ عدة سنوات، من أزمة اقتصادية تتمثل في تحديات متعددة، تشمل العجز في الميزان التجاري وارتفاع معدلات البطالة وزيادة الدين العام والخارجي، ما ألقى بظلال كثيفة على الاقتصاد المصري وحياة المواطنين. وفي هذا السياق، يأتي مشروع رأس الحكمة وقرض صندوق النقد الدولي والاتفاق الأخير مع الاتحاد الأوروبي كخطوات استراتيجية لمعالجة هذه الأزمة وتحقيق الاستقرار الاقتصادي المنشود.
"مصر للبيع"
وذكر الخبير الجيوسياسي والاقتصادي الإيطالي أليساندرو بوتزي أن "التحركات المصرية الأخيرة، بما في ذلك محاولات الوساطة في صراع غزة، تهدف إلى كسب الوقت لمراجعة برنامج الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، بناء على طلب صندوق النقد الدولي بإلحاح شديد، كشرط لصرف قرض بقيمة 3 مليارات دولار".
وتوصلت مصر، خلال الشهر الجاري، إلى اتفاق تاريخي مع صندوق النقد الدولي لزيادة برنامج القرض إلى 8 مليارات دولار، وذلك بعد ساعات من تحرير سعر صرف الجنيه، ورفع أسعار الفائدة 600 نقطة أساس، استجابة لشروط الصندوق.
وكتب بوتزي، في تحليل نشره الشهر الماضي على موقعه الإلكتروني الرسمي تحت عنوان "مصر للبيع، عملاق هش ولكنه استراتيجي"، أنّ "خبراً مثيراً طالعنا مؤخراً يفيد بأن حكومة (عبد الفتاح) السيسي 'باعت' قطعة من مصر (رأس الحكمة) لدولة الإمارات مقابل ضخ عاجل لـ35 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في شرايين الاقتصاد المصري، الذي يعيش في خضم أزمة نقدية تعتريها مشاكل اقتصادية هيكلية، لها تأثيرات مهمة على هامش مناورتها الجيوسياسية".
وأوضح الخبير الإيطالي، عضو المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، أنّ "هذا الاتفاق يأتي في وقت حرج بالنسبة لمصر، التي واجه اقتصادها عدة انتكاسات، بما في ذلك الصدمات المرتبطة بجائحة كورونا التي ألحقت أضراراً بالغة بصناعة السياحة الحيوية، وارتفاع تكاليف واردات القمح على ضوء الحرب في أوكرانيا، وتراجع إيرادات قناة السويس بسبب الصراعات الإقليمية، بما في ذلك حصار الحوثيين البحر الأحمر. كما أدت هذه العوامل إلى انخفاض تحويلات العاملين المصريين في الخارج بالعملة الأجنبية".
مصالح إيطالية
وفي ما يتعلق بأهمية العلاقات الإيطالية-المصرية، قال الخبير الإيطالي إنّ "مصر تعد شريكًا استراتيجيًا لحماية المصالح الإيطالية في منطقة البحر المتوسط الموسع، وتضطلع بدور حيوي في أمن واستقرار الشرق الأوسط، بحكم موقعها في مركز التجارة والطاقة وتدفقات الهجرة المتزايدة.
وتكفي الإشارة في هذا الصدد إلى الضرر البالغ الذي أصاب حركة التجارة البحرية الإيطالية، بالنظر إلى هجمات الحوثيين على السفن التجارية العابرة من مضيق باب المندب في طريقها إلى قناة السويس، التي يعبر منها أكثر من 40% من حركة التجارة الإيطالية عبر البحر".
وعرّج على صفقات التسليح بين البلدين، حيث احتلت إيطاليا بين عامي 2018 و2022 المركز الثاني بنسبة 19% بعد روسيا في صادرات الأسلحة والمعدات الحربية إلى مصر، التي خصصت 3 مليارات دولار في العام الجاري لشراء 24 مقاتلة من طراز يوروفايتر تايفون-2 في إطار مشروع أوروبي تشارك فيه صناعات الدفاع الإيطالية.
وأضاف أن المباحثات الجارية حالياً تتضمن شراء 4 فرقاطات أوروبية متعددة المهام (FREMM) وبعض زوارق الدورية البحرية متعددة الأغراض (PPA)، التي من المفترض أن تكون مجموعة فينكانتييري الإيطالية متداخلة فيها، و20 مقاتلة خفيفة لمهام التدريب من طراز M-346 ومروحيات النقل المتوسط من طراز AW-149، علاوة على قمر صناعي للمراقبة والاستطلاع تقدر قيمته بين 10 مليارات و12 مليار دولار.
وفي ضوء العواقب المحتملة للحرب الإسرائيلية على غزة على توازن القوى في المنطقة بأكملها، فإن صادرات التسليح والأمن الإيطالية تشكل أحد أهم عناصر القوة الإيطالية الناعمة، طالما بقيت روما والقاهرة على الموجة ذاتها، بحسب الكاتب.
توغل الجيش المصري في الاقتصاد
ولفت بوتزي إلى أن "استقرار مصر تضرر قبل مدة طويلة من الحرب في غزة، ما يرجع إلى عدم كفاءة الإنفاق العام، والدور المتوغل والمهيمن للجيش في الاقتصاد، والاعتماد المالي والزراعي الكبير على الخارج مع استهلاك داخلي متزايد للمحروقات، ما من شأنه إبطاء عملية تنمية الصادرات، خاصة في ظل الدين الخارجي الذي بلغ 165 مليار دولار".
وأشار إلى أن "الحكومة المصرية عمدت إلى تقليص شبكة الضمان الاجتماعي من أجل خفض الديون الهائلة والتصدي لأزمة ندرة النقد الأجنبي التي طال أمدها. وفي هذا السياق، بدا إلغاء الدعم على المحروقات والخبز على وجه الخصوص موضع خلاف، مع مزيد من الارتفاع في الأسعار نتيجة لفرض ضرائب جديدة على القيمة المضافة".
ومنذ انقلاب عام 2013، انخرطت الشركات التي تسيطر عليها القوات المسلحة، بشكل كبير، في قطاعات البناء والاتصالات والنقل والإعلام مزيحة القطاع الخاص. وقد سمح الحضور الكبير للعسكريين في الحياة المدنية بتنمية شبكات زبائنية في البلاد، وفق الخبير الإيطالي.
وذكّر بأن السيسي، الذي يتولى السلطة منذ عام 2014 بعد أن قاد انقلاباً في 2013 ضد محمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطياً في البلاد، "أعطى منذ ذلك الحين الأولوية للاستقرار والأمن، لكنه أشرف أيضًا على أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخ مصر في العقود الأخيرة، وترك بلاده تعتمد على الدول الشريكة والمنظمات المالية الدولية".
أيقونية العاصمة الإدارية الجديدة
وأوضح أن مشروع تطوير العاصمة الإدارية الجديدة التي تقع على بعد 35 كيلومترًا شرق القاهرة، والذي تشير التقديرات إلى أنه كلف الحكومة أكثر من 50 مليار دولار، كان أحد أكبر الأولويات على المستوى المحلي. والهدف المعلن للمشروع هو الحد من مشاكل الزيادة السكانية، في حين تتركز مهمة العاصمة الإدارية الجديدة "في واقع الأمر في نقل مقر ورموز سلطة الدولة من المراكز التي يتكدس فيها السكان ومعها احتمالات الاحتجاجات أو التعبئة أو الثورات، فضلاً عن الترويج للقطاع العقاري والاستحواذ على قبول النخبة في البلاد".
وأشار إلى أن إدارة مقاولات المشروع أُسندت إلى شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية المملوكة بنسبة 51% لوزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية والنسبة المتبقية 49% مملوكة للجيش المصري، الذي لا يخضع لقيود الشفافية ذاتها المفروضة على بقية قطاعات الإنفاق العام.
مصالح حلفاء مصر
وتابع أنّ "الحلفاء الخليجيين، ولا سيما الكويت والسعودية والإمارات، دعموا السيسي، الذي يعتبرونه عنصراً أساسياً لاستقرار الشرق الأوسط، بمساعدات إنقاذ بمليارات الدولارات. وفي هذا السياق، خلص بحث نشره المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن، في أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إلى أن إجمالي عمليات الإنقاذ الخليجية لمصر منذ الستينيات بلغ 107.9 مليارات دولار؛ 52.9% منها جاءت من السعودية"، مضيفاً أن "هذه الأخيرة قد توافق أيضًا على إجراء بعض المبادلات التجارية مع القاهرة بالعملة المحلية، ما يدعم وضع الاقتصاد الكلي للبنك المركزي المصري".
وعلى الرغم من ذلك، و"في علامة على الإحباط من المحسوبية، تعاونت دول الخليج مع صندوق النقد الدولي للدعوة إلى إعادة هيكلة الشركات المملوكة للقوات المسلحة".
ولذلك تجد مصر نفسها، وفقاً لبوتزي، "بين مطرقة صندوق النقد الدولي، الذي منح في ديسمبر/ كانون الأول 2022 قرضًا بقيمة 3 مليارات دولار يُسدد خلال 46 شهرًا، ويطالب بإصلاحات في المقابل، وسندان دول الخليج التي أصبحت دائنة بمطالب متزايدة. وغيرت مصر، على مدار العقد الماضي، مواقفها الدولية لتعويض تراجع الدعم من واشنطن، وزادت علاقاتها مع روسيا والصين، وأصبحت على وجه الخصوص تعتمد أكثر على الشريكين الإقليميين: السعودية والإمارات".
ولفت إلى أن "مصر تتعاون بشكل وثيق أيضاً مع إسرائيل، من منظور عسكري واستخباري، من أجل المصلحة المشتركة في أمن منطقة سيناء الحدودية، وتنمية موارد الطاقة في إطار منتدى غاز شرق البحر المتوسط (EMGF).
واليوم، فإن التعاون الوثيق بين الحكومة المصرية وإسرائيل يضعها في موقف حساس في ما يتعلق بالحرب في غزة التي بدأت في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، حيث يتوقع المصريون أن تتبنى قيادتهم موقفاً أكثر تفهماً تجاه الفلسطينيين، على الرغم من أن القاهرة لعبت دوراً حاسماً في الحفاظ على الحصار الإسرائيلي لغزة منذ عام 2007".
موقف مصر "المقلق" في المنطقة
وفي ما يتعلق بالعلاقات بين مصر وتركيا، أوضح الخبير الإيطالي أنه على الرغم من الأجواء المتوترة بالفعل بسبب دعم الأطراف المتعارضة في الصراع الليبي وارتفاع وتيرة التعقيد بسبب الانقلاب في مصر والطرد اللاحق لعناصر جماعة الإخوان المسلمين، الذين وجدوا ملجأ في تركيا، فقد ظل التبادل التجاري قوياً وبدأ البلدان في التقارب وتبادل السفراء مجدداً.
ورأى أن "الأزمة الاقتصادية وفقدان الدعم الشعبي قد يجبران السيسي على اللجوء إلى القوة للحفاظ على السلطة. ومن ناحية أخرى، فإن الصراع بين حماس وإسرائيل يضيف المزيد من التعقيدات، حيث تحاول مصر الموازنة بين شراكتها الوثيقة مع إسرائيل ومسؤولياتها حيال فلسطين".
وأشار إلى أنه "بعد انقلاب 2013، لم تُعالَج المشاكل الهيكلية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية بشكل ملائم، ولم ينس المصريون مطالبهم منذ 12 عاماً بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية. وربما يخشى الكثيرون ممن عاشوا ثورة 2011 وانقلاب 2013 وقوع المزيد من الاضطرابات المرتبطة بأعمال ثورية أو تغييرات جذرية".
وختم الخبير الإيطالي بقوله إن "كل ما سبق يوضح مرة أخرى أنه في عالم الجيوسياسة ليس ثمة أصدقاء أو أعداء دائمون، بل مصالح استراتيجية فقط".
اتفاقية الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي
ووقعت مصر، يوم 17 مارس/ آذار الجاري، في القاهرة، اتفاقية للشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي بحضور رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين ورئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو، الذي تترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، و5 رؤساء دول وحكومات أوروبية، من بينهم رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني التي وصفت توقيع الاتفاق بـ"الحدث التاريخي".
وبلغت قيمة الاتفاقية 7.4 مليارات يورو على مدى 4 أعوام في مجالات عدة، تشمل قروضاً واستثمارات وتعاوناً في ملفي الهجرة إلى أوروبا ومكافحة الإرهاب.
انتقادات حقوقية ونقابية: سيناريو رأيناه من قبل
وأثارت هذه الاتفاقية انتقادات عدة من قبل منظمات حقوقية دولية على رأسها "هيومن رايتس ووتش" و"العفو" الدولية.
وفي إيطاليا، كتبت منظمة إيميرجينسي الحقوقية، في تدوينة على منصة إكس بتاريخ 19 مارس، حملت عنوان "شراكة استراتيجية مع مصر: سيناريو رأيناه من قبل"، أنّ "وراء العبارات المعتادة (مكافحة الاتجار بالبشر) و(إطلاق مسارات نظامية للهجرة) يواري السيناريو الذي شهدناه بالفعل مع ليبيا وتونس: تمويل مليوني بأموال عامة وأيضاً بأموالنا من أجل إحكام السيطرة على الحدود في بلدان غير آمنة، حيث ليس من الممكن ضمان أبسط الحقوق الأساسية فيها".
وفي إيطاليا أيضاً، ذكرت مابل غروسّي، مسؤولة قطاع السياسات الدولية في الاتحاد الإيطالي للعمل Cgil (أعرق نقابة عمالية في إيطاليا)، أن "المصالح الاقتصادية المرتبطة بالطاقة في اتفاقية الشراكة الأخيرة بين الاتحاد الأوروبي ومصر كانت لها الغلبة على حقوق الإنسان".
ورأت غروسّي، في حديث لصحيفة "كولليتيفا" بتاريخ 19 مارس، أنه "من غير المقبول أن تجري الحكومة الإيطالية مفاوضات مع بلد لا يمكننا بالتأكيد وصفه بالآمن، بلد يفتقر إلى وجود كيانات نقابية مستقلة، أمّا اتحاد عمال مصر فما هو إلا نقابة تابعة للنظام وهي الوحيدة المعترف بها".
وأشارت إلى "أنّ الاتحاد الإيطالي للعمل تلقى في الأسابيع الأخيرة مطالب بالتضامن من قبل العاملين في مصنع غزل المحلة الكبرى، الذي خرجت منه الاحتجاجات التي أفضت إلى ثورة الربيع العربي المصرية في 2011. وقد قوبلت هذه الإضرابات، التي انطلقت بسبب أوضاع العمل وغياب التمثيل النقابي، بقمع السلطات".
واعتبرت المسؤولة النقابية الإيطالية أنّ "هذه الاتفاقية غير مقبولة أيضاً في سياق خطة ماتي (خطة إيطالية لأفريقيا)، بالنظر إلى الغلبة الجلية للمصالح الاقتصادية، خاصة إذا عرفنا أن مجموعة إيني تستحوذ على 30% من إجمالي موارد الغاز الطبيعي المصري وأن ثلث أرباحها يأتي بالتحديد من الغاز المصري".
الاتفاقية ضرورة لمصر؟
بدورها، قالت البروفيسورة أليسيا ميلكانجي، أستاذة التاريخ المعاصر لشمال أفريقيا والشرق الأوسط في جامعة روما، إنّ "المصلحة المتبادلة، على وجه العموم، بين الاتحاد الأوروبي ومصر، هي أن هذه الأخيرة مرتبطة بما هو أكبر بكثير من مسألة الهجرة، بالانهيار الاقتصادي لبلد يبلغ تعداد سكانه 107 ملايين نسمة".
ورأت، في حديث مع مجلة "فورميكي" الإيطالية بتاريخ 15 مارس، أنّ "مصر بلد بالغ الأهمية بما لا يدع مجالاً للتفكير في إمكانية انهيارها تحت وطأة الأزمة الاقتصادية التي تشهدها.
وترتبط بذلك أيضاً قرارات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي ودول الخليج بدعم القاهرة في هذا الوضع الحرج، ناهيك عن الولايات المتحدة التي لديها رؤية واضحة، وبذلت جهوداً مع المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية بذات الخصوص". وأضافت أنه "من نافلة القول الحديث عن قيمة قناة السويس في السياق الجيواقتصادي العالمي، حتى إننا نعاني بالفعل من تداعيات أجواء عدم الاستقرار الراهنة".
ومن جانبه، رأى المحلل الجيوسياسي الإيطالي بموقع "ديكود 39" إيمانويلي روسّي أن "اتفاق الشراكة مع مصر هو الأهم على وجه الإطلاق من بين جميع الاتفاقيات التي وقعها الاتحاد الأوروبي مع اي بلد أفريقي. نتحدث هنا عن قيمة إجمالية وصلت إلى 7.4 مليارات يورو، والتي لا يمكن أن تُقارّن بالـ700 مليون يورو قيمة الاتفاق مع تونس أو باستثمار قرابة 210 ملايين يورو من أجل دعم جهود موريتانيا في مكافحة الهجرة غير الشرعية".
وأوضح روسّي، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد"، اليوم الجمعة، أنّ "هذا الاختلاف الكبير يرتبط بالأهمية الاستراتيجية لمصر التي هي أكبر من أن تنهار في ظل اقتصاد متداع، لذا كان يتعين أن يكون الاستثمار فيها واسع النطاق، بالنظر أيضاً إلى المخاطر الجمة المحتملة على الاستقرار الإقليمي ارتباطاً بموجات الهجرة غير الشرعية والتهديدات التي تمثلها الجماعات الجهادية".
وأشار إلى أن "هذه الاتفاقية تمثل ضرورة ملحة بالنسبة لمصر، التي تجتاحها أزمة طاحنة سببتها عاصفة نموذجية لتضخم مرتفع وديون ثقيلة وعجز تجاري متواصل وزيادة معدلات الفائدة وندرة النقد الأجنبي".
هذه الكوارث، وفقاً للمحلل الإيطالي، فاقمتها حرب روسيا في أوكرانيا، التي أوقفت أسواق القمح الدولية ودفعت أسعار المواد الغذائية إلى مستويات قياسية، وهجمات الحوثيين في البحر الأحمر وتداعياتها على قناة السويس التي حرمت مصر جزئياً من مليارات الدولارات التي كانت تدرها سنوياً.
وختم بقوله إنّ "مقاربة أوروبا، من خلال هذه الاتفاقية، تتسم بالشمولية، وذلك لأن الاتحاد الأوروبي يعتقد أنه عبر ضخ هذه الأموال في الاقتصاد المصري، سوف يمنح البلاد انتعاشة تجنبها إثارة مكون اجتماعي للأزمة الاقتصادية من شأنه التسبب في زعزعة الاستقرار الداخلي".