مصر: بيع تأشيرة الحج المجانية بــ5 آلاف دولار لحساب وزارة المالية

10 ديسمبر 2023
منحت وزارة المالية شركات السياحة مهلة أسبوعين لسداد الـ5000 دولار(فرانس برس)
+ الخط -

كشفت الحكومة المصرية عن إجراءاتها للاتجار في تأشيرة الحج المجانية، بإعلان وزارة المالية أخيراً فتح حساب بنكي لسداد قيمة التأشيرات التي ستوزع خارج حصص القرعة بشركات السياحة ووزارة الداخلية والجمعيات الأهلية.

وطلبت الحكومة من شركات السياحة التقدم بدفع 5000 آلاف دولار عن كل تأشيرة، على أن تودع بحساب الإدارة المركزية للحسابات بوزارة المالية، رقم 4/082/18296/8.

ومنحت الحكومة، الثلاثاء الماضي، الشركات مهلة 15 يوماً فقط، لسداد قيمة تأشيرة الحج بالدولار نقداً، دون تحديد لمصدر العملة، مستهدفة بيع 28 ألف تأشيرة وتحصيل نحو 140 مليون دولار، من الراغبين في السفر دون التزام الضوابط المفروضة على باقي رحلات الحج التي تنظمها وزارات السياحة والداخلية والتضامن الاجتماعي، والخاصة بسابقة أداء الفريضة أو عمر الحاج. 

وكان "العربي الجديد" قد انفرد، في 22 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بنشر قرار الحكومة ببيع تأشيرة الحج، وهو ما نفاه مجلس الوزراء المصري في اليوم التالي، مؤكداً أن تأشيرات الحج تمنح للمسافرين مجاناً، وفقاً للإجراءات المتبعة من السلطات السعودية التي تخضع لها بعثات الحج كافة من الدول العربية والإسلامية والوافدون لأداء الفريضة من أنحاء العالم، مشيراً إلى أن الحكومة تسعى لتوفير "باقات" للسفر، مدفوعة الخدمات.  

وفوجئ أصحاب شركات السياحة بمطالبة اللجنة العليا للحج السياحي بوزارة السياحة، سداد قيمة تأشيرة الحج التي ترغب الشركة في الحصول عليها، خلال أسبوعين فقط، مع اللحظات الأخيرة لقبول طلبات الحج بنظام القرعة الذي طرح أمام الجمهور لمدة خلال شهر نوفمبر الماضي.

وفجّر مطلب اللجنة مفاجأة لدى أصحاب الشركات، التي تنتظر نتيجة إعلان القرعة بين الراغبين في السفر على الرحلات الاقتصادية والفاخرة، يوم 6 يناير/كانون الثاني 2024، التي فتحت الوزارة أبوابها لمدة محدودة مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وتشهد تصاعداً هائلاً في الأسعار.

فقد قفز سعر الرحلة الاقتصادية إلى مستوى 260 ألف جنيه (نحو 8400 دولار)، والفاخرة ما بين 350 إلى 450 ألف جنيه، التي تشمل الإقامة والسفر من مصر وداخل الأراضي السعودية، عدا ما سيتحمله المسافرون الذين سيدفعون قيمة التأشيرة المجانية، بما يرفع قيمة رحلة الحج إلى مستويات تصل إلى مليون جنيه للفرد.

واتهم عادل ضيغم، عضو غرفة الشركات، لــ"العربي الجديد"، عدداً من أعضاء مجلس غرفة شركات السياحة، المعينين بقرارات وزارية، بتوريط الحكومة في بيع تأشيرة الحج المجانية للجمهور، بالمخالفة للضوابط السعودية والأعراف الدولية، بهدف مساعدتها في جمع أكبر قدر من الدولار الذي تعاني الحكومة من نقصه بالبنوك والأسواق الرسمية.

وقال الخبير السياحي إن طلب الحكومة سداد قيمة التأشيرات خلال أسبوعين، أدى إلى اضطراب الشركات، التي أصبحت ملزمة بسداد قيمة تأشيرة الحج نقداً، وعليها أن تتولى تسويقها بين الراغبين في السفر، من القادرين على تحمّل باقي أعباء الرحلات، والتي ستكون في حدود التكلفة الفعلية لباقي الرحلات، التي تراوح ما بين 260 ألف إلى 500 ألف جنيه.

وحذر ضيغم من عدم قدرة الشركات على بيع التأشيرات، في ظل تراجع الطلب على السفر، بسبب ارتفاع التكلفة وسعر الدولار والريال، وبيع الفنادق والشركات السعودية "باقات حج وزيارة" تمنح المسافرين فرصة لأداء المناسك كاملة في حدود 13 ألف ريال سعودي.

وأكد ضيغم أن عدم قدرة الشركات على بيع التأشيرات سيعرضهم لخسائر فادحة، لأن الحكومة تشترط عدم استرداد قيمة تأشيرة الحج، في حالة عدم وجود مسافرين أو اعتذار المسافر قبل إتمام الرحلة. 

واقترح ضيغم وعدد من أعضاء غرفة شركات السياحة أن تحصل الحكومة على إتاوة سيادية في حدود 1000 دولار للرحلات الاقتصادية تصل إلى 1500 دولار، للحج الفاخر، لمساعدتها في تدبير العملة الصعبة، مقابل السماح لمن سبق له أداء الحج بالسفر، دون المساس بقيمة تكاليف الرحلة المقررة من وزارة السياحة.

وتواجه الشركات صعوبة في تدبير العملة لنحو 23 ألف مسافر تقدموا بطلب إنهاء إجراءات سفرهم قبل 25 فبراير/شباط 2024، لدفع تكاليف سكن وانتقالات الحجاج بالأراضي المقدسة.

وأكد محمد فاروق، عضو غرفة الشركات، أن أزمة الدولار أدت إلى زيادة تكاليف رحلات الحج والعمرة، وخفضت معدلات الطلب على السفر، بينما استغلت شركات سعودية الأمر، بتقديم باقات مخفضة للمسافرين لرحلات العمرة السريعة، أدت إلى تراجع دور الشركات المصرية في خدمة المسافرين، وانتشار البطالة وسيطرة السماسرة على الأسواق. 

كذلك أدى عجز الشركات عن تدبير العملة إلى زيادة في قيمة الرحلة بنحو 80 ألف جنيه عن نظيرتها بوزارتي الداخلية والتضامن، اللتين تحصلان على النقد الأجنبي من البنوك بالأسعار الرسمية.

وبلغ سعر الدولار في السوق الموازية نحو 50 جنيهاً مقابل نحو 30.95 جنيهاً للسعر الرسمي، وارتفع سعر الريال إلى 13.50 جنيهاً، ويباع في محالّ الصرافة بمكة والمدينة عند حدود 16 جنيهاً للريال مقابل سعر رسمي بنحو 8.25 جنيهات.

وتتزايد مؤشرات على مزيد من التراجع في قيمة الجنيه خلال الأسابيع القادمة، تدفع مخاوف أصحاب الشركات من تآكل الأرباح المتوقعة من تنظيم الرحلات، وزيادة الخسائر الناجمة عن التشغيل. 

وتواجه الحكومة أزمة اقتصادية وسط تضخم غير مسبوق تاريخياً، صعّدت أزمة الدولار، مع توسع الحكومة في الاقتراض الخارجي، التي دفعت وكالات "ستاندرد آند بورز" و"موديز" و"فيتش" إلى استمرار تخفيض تصنيف مصر الائتماني.

المساهمون