اندلعت أزمة بين وزارة المالية ونقابات المحامين والأطباء والمهندسين والتجاريين والفنانين والإعلاميين في مصر، بسبب إلزام مصلحة الضرائب أصحاب المهن الحرة بالتسجيل في منظومة الفاتورة الإلكترونية على جميع تعاملاتهم مع العملاء الأفراد والشركات، اعتبارا من منتصف ديسمبر/كانون الأول المقبل.
وقال محمد كشك، مساعد رئيس مصلحة الضرائب، لـ"العربي الجديد"، إن الفاتورة الإلكترونية ستطبق على جميع أرباب المهن الحرة في إطار تعميم المنظومة الإلكترونية، التي سيخضع لها جميع المتعاملين مع المصلحة، والتي بدأت بالشركات الصناعية والتجارية، بما يضمن تحقيق الشمول الضريبي وتوسيع دائرة الممولين أفقيا، اعتبارا من العام 2023.
وبرر كشك رغبة المالية في خضوع المحامين والأطباء إلى المنظومة بالقضاء على شكوى الممولين من وضع تقديرات جزافية من قبل مأموري الضرائب، وتحقيق المساواة بين المجتمع الضريبي، الذي سيخضع لنظام موحد يجري التعامل معه عبر تطبيق خاص لإصدار الفواتير، وإلغاء التعامل النقدي في المعاملات التي تخضع للضرائب.
وأبدت نقابتا الأطباء والمهندسين معارضتهما لتسجيل أعضائهما في منظومة الفاتورة الإلكترونية، وقررتا رفع قضايا للطعن على قرار وزارة المالية، بعدما تعثرت أعمال لجان مصلحة الضرائب التي عقدتها مع نقيب الأطباء وإدارة العلاج الحر بنقابة الأطباء، في التوصل إلى حل يسمح ببدء خضوع الأطباء للفاتورة الإلكترونية.
وطلب أعضاء بمجلس نقابة المحامين تشكيل لجنة تنسيقية تحت إشراف نقيب المحامين، وحضور مجالس النقابات الفرعية في دوائر الاستئناف التابعة لها بالمحافظات، لاستطلاع آراء المحامين ومجالس النقابات، في خضوع الأعضاء للنظام الضريبي الجديد.
وعبر أعضاء بالمجلس عن غضبهم من قرار وزارة المالية، ودعوا إلى الاحتجاج رسميا على النظام الجديد، وتنظيم وقفات احتجاجية للتعبير عن حالة الغضب التي تسود أوساط المحامين، واعتبار مجالس النقابات الفرعية في حالة انعقاد دائم، وفتح قنوات اتصال مع المسؤولين بالحكومة والدول، والاستعانة بذوي الخبرة في مجال الضرائب لعرض وجهة نظر نقابة المحامين في معارضتهم للفاتورة الإلكترونية.
ولم يسفر الاجتماع الذي عقده وفد من النقابة العامة للمحامين مع رئيس مصلحة الضرائب، مساء يوم الاثنين الماضي، عن أي نتائج، بعد يومين من اجتماع موسع عقده المجلس مع عمر مروان، وزير العدل، لمناقشة الأزمة قبل استفحالها.
وقرر مجلس نقابة الأطباء تكليف المستشار القانون للنقابة بالطعن على قرار مصلحة الضرائب ومطالبة رئيس الوزراء استثناء الأطباء من دفع رسوم التسجيل للفاتورة الإلكترونية، مشيرا إلى أنها تتضمن معلومات غير مفهومة، وأضافت تكاليف مالية باهظة على الأطباء والممولين من أصحاب المهن الحرة، تقيد أعمالهم، التي يستهدفون بها خدمة المواطنين. وأشارت دعوى قضائية رفعها أطباء ومحامون إلى أن أرباب المهن الحرة لا يبيعون سلعا مثل التجار أو الصناع، وأن خضوعهم للنظام الجديد، يمس مراكزهم المالية المستقرة، ويؤثر على أداء مهمتهم.
وتعتبر مصلحة الضرائب أن الأطباء والمحامين والمهندسين والمحاسبين والفنانين وأصحاب المهن الحرة جزء من المجتمع الضريبي الملزم بالتسجيل في نظام الفاتورة الإلكترونية في موعد أقصاه 15 ديسمبر، وإرسال فواتير إلى مكاتب مصلحة الضرائب، عبر المنظومة الإلكترونية، وفي حال تعاملهم مع العملاء، عليهم اصدار إيصال إلكتروني.
وتتهم وزارة المالية الرافضين للمنظومة بأنهم يسعون إلى التهرب من أداء الضريبة على الدخل، وأن أغلب الأطباء يحصلون على قيمة العمليات الجراحية من مرضاهم نقدا، بينما يتهم الأطباء وأرباب المهن الحرة مأموري الضرائب بوضع تقديرات جزافية على أعمالهم سنويا.
ووافقت نقابة التجاريين على خضوع أعضائها من الاستشاريين والمحاسبين القانونيين للضوابط التي وضعتها وزارة المالية، بينما تبدي نقابة المهندسين مرونة في تقبل النظام، وابتعدت نقابات الممثلين والإعلاميين والصحافيين عن مناقشة الأزمة، رغم خضوع أعضائها غير العاملين في المؤسسات والشركات للقرار.
وسادت مخاوف لدى المحامين والأطباء من أن توظف مصلحة الضرائب الأذرع الأمنية للدولة لملاحقة المعترضين على النظام الجديد، وإحالتهم لمحاكمات بتهمة التهريب الضريبي، وفقا للعقوبات الجنائية الواردة في القانون رقم 206 لسنة 2020.