مصر: البنك المركزي يجتمع بالمستثمرين لبحث أزمة السيولة

03 ابريل 2024
الشركات تواجه نقصاً حاداً في السيولة بالجنيه (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري، يعقد اجتماعًا طارئًا مع قيادات اتحاد جمعيات المستثمرين لمناقشة أزمة السيولة التي تؤثر على الشركات الصناعية والإنتاجية، مما أدى إلى توقف بعض المصانع وانكماش القطاع الخاص غير النفطي.
- الأزمة تبرز بسبب رفض البنوك تمويل الأنشطة الإنتاجية، مما يعمق مشكلات القطاع الصناعي ويسهم في ارتفاع معدلات التضخم وغلاء الأسعار.
- المستثمرون يطالبون بتعليمات واضحة لتسريع تدبير السيولة وخفض عمولة البنوك على التمويل، في ظل استمرار الانكماش وتدهور الأوضاع الاقتصادية بحسب مؤشر "ستاندرد آند بورز".

يعقد حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري، اجتماعاً طارئاً غدا الخميس، مع قيادات اتحاد جمعيات المستثمرين، لحل أزمة السيولة الخانقة التي تواجه الشركات الصناعية والإنتاجية. وأدت أزمة السيولة إلى توقف بعض المصانع عن العمل، أو إبطاء معدلات التشغيل عند مستويات متدنية تدفع القطاع الخاص غير النفطي إلى الانكماش والبقاء في مرحلة ركود مستمرة منذ 3 أعوام، وعدم السيطرة على غلاء الأسعار بالأسواق وارتفاع معدلات التضخم.

وقال علاء السقطي، نائب رئيس اتحاد جمعيات المستثمرين، لـ"العربي الجديد"، إن "الشركات الصناعية والإنتاجية غير قادرة على العمل، في ظل نقص حاد في السيولة بالجنيه اللازمة لشراء مستلزمات الإنتاج"، مؤكداً "رفض البنوك تمويل الأنشطة الإنتاجية وتدبير السيولة اللازمة للإفراج عن البضائع المكدسة بالموانئ". وأوضح أن "قرار البنك المركزي بتعويم الجنيه أدى إلى تراجعه من 31 إلى 50 جنيه مقابل الدولار بالبنوك، بما رفع حاجة الشركات إلى مضاعفة السيولة اللازمة لشراء مستلزمات الإنتاج ودفع قيمة الجمارك المقررة على الواردات بالموانئ". 

وأكد السقطي أن "توافر الدولار بالبنوك لن يعكس بمفرده حلاً لأزمة تشغيل المصانع وتهدئة الأسعار بالأسواق، في ظل حاجة الشركات إلى سيولة هائلة، لمواجهة الزيادة في تكلفة الواردات ومستلزمات التشغيل ورفع أجور العاملين"، مشيراً إلى "رفض البنوك منح تسهيلات سيولة نقدية للمستثمرين تمكنهم من الوفاء بالتزاماتهم، وتدوير عجلة الإنتاج المعطلة، بآلاف المصانع والشركات". 

وقال إن "البنوك تضع القطاع الصناعي بقائمة المخاطر، بما يدفعهم إلى توجيه السيولة لشركات تجارة السلع تامة الصنع والمستوردة، رغبة في تحقيق أعلى عائد من الإقراض وسرعة استرداد رأس المال بما يعمّق أزمة الشركات الصناعة والإنتاجية". وذكر محسن الجبالي، رئيس مستثمري بني سويف، إن "الأزمات المتكررة التي تعرّض لها القطاع الصناعي وشركات القطاع الخاص على السنوات الماضية أدت إلى تآكل رؤوس أموال الشركات وامتصت السيولة النقدية التي في حيازتهم، بما يدفعها إلى التوقف عن العمل أو خفض الإنتاج، للحفاظ على الحد الأدنى للتشغيل".

وأضاف الجبالي لـ"العربي الجديد" أن "السياسات التي تتبعها الحكومة والقطاع المصرفي تدفع المستثمرين إلى العمل تجاراً للسلع والابتعاد عن الصناعة والإنتاج الزراعي"، مؤكداً "ضرورة تغيير مناخ الاستثمار الذي أصبح غير مشجع للإنتاج والتصنيع، ويزيد من الأزمة المالية بالشركات، ويدفع إلى زيادة الواردات السلعية من الخارج". 

ويسعى المستثمرون للحصول على تعليمات واضحة من محافظ البنك المركزي، يصدرها للبنوك بسرعة تدبير السيولة بالجنيه، لتمويل مستلزمات التشغيل، وخفض عمولة البنوك على التمويل، وتفعيل القرار الحكومي بتوفير قروض للمشروعات الصناعية، ضمن مبادرتي التمويل بفائدة 11٪ و15٪ التي التزمت بها الحكومة أخيراً في حدود 120 مليار جنيه، لإنقاذ القطاعات الإنتاجية من كبوتها، جراء شحّ الدولار وتراجع قيمة الجنيه، وارتفاع معدلات التضخم. ويؤكد مستثمرون أن اختفاء السيولة لدى القطاع الصناعي والإنتاج وراء عدم قدرتهم الإفراج عن البضائع المكدسة بالموانئ، التي يهدد رئيس الوزراء بمصادرتها في الجمارك، والتي تبلغ قيمتها نحو 1.7 مليار دولار.  

انكماش القطاع الخاص غير النفطي 

في سياق متصل، سجل مؤشر "ستاندرد آند بورز" لمديري شركات القطاع الخاص غير النفطي ثاني أكبر انخفاض حاد في الإنتاج مسجل على مدار 14 شهراً، متأثراً بتقلبات سعر العملة ومعدلات التضخم، بأسعار مستلزمات الإنتاج والمنتجات. وأوضح التقرير الصادر اليوم الأربعاء، استمرار تدهور الأوضاع في نهاية الربع الأول من العام على مستوى اقتصاد الخاص غير المنتج للنفط، مشيراً إلى انخفاض النشاط التجاري وحجم الطلبات الجديدة، لشهر مارس/ آذار 2024، بمعدلات ملحوظة مماثلة للحجم المسجل في فبراير الماضي.

وفسرت الشركات الانخفاض الحاد في الإنتاج بتأثرها بتقلبات سعر العملة، التي أثرت بحجم الطلب من العملاء ورفع أسعار السلع، التي دفعت إلى زيادة معدلات التضخم، مع زيادة أسعار مستلزمات الإنتاج، وإن ظلت أقل من المعدلات الحادة المحققة في فبراير 2024.  

ورصد مؤشر مديري الشركات ارتفاعاً طفيفاً من 47.1 نقطة في فبراير/ شباط الماضي إلى 47.6 نقطة في مارس الذي يليه، ليظل القطاع غير النفطي في مرحلة الركود، والتدهور القوي، عند مستويات أقلّ من متوسط القراءة المسجلة للدراسة التي بدأت في إبريل/ نيسان 2011، عند 48.1 نقطة.

وأشار التقرير إلى استمرار ضعف الطلب وارتفاع الضغوط التضخمية في التأثير بإنتاج الشركات ومستوى الثقة، ليبقي الشركات في مرحلة الانكماش، لتسجل ثاني أقوى تراجع في الطلب خلال 14 شهراً. وبيّن استمرار الانخفاض القوي في الطلب مدفوعاً بتدهور قيمة الجنيه مقابل الدولار، وحال عدم اليقين في ما يتعلق بالأسعار، وانخفاض إنفاق العملاء، بينما ساعد الطلب على الشراء من الخارج في زيادة طلبات التصدير الجديدة لأول مرة، منذ ديسمبر 2022. 

وأكد التقرير تراجع مستوى الثقة بالنشاط المستقبلي خلال شهر مارس، ليظهر بين أضعف المستويات المسجلة في تاريخ المؤشر، مشيراً إلى أن حالة التفاؤل التي انتابت المديرين بشأن عام مقبل، شابتها مخاوف من أن تظل الظروف الاقتصادية منخفضة وأن تؤدي إلى انخفاض المبيعات بشكل أكبر. ويظهر المؤشر أن الإجراءات التي اتخذت لحل أزمة توافر الدولار والعملة الصعبة، ورفع أسعار الفائدة وتعويم الجنيه، خففت بعضاً من ضغوط الأسعار، حيث انخفض معدل التضخم الإجمالي لأسعار مستلزمات الإنتاج إلى أدنى مستوى له منذ 3 أشهر.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وأدت ضغوط تكلفة المعيشة إلى أقوى ارتفاع في الأجور منذ شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2020، وبقاء الزيادة في متوسط أسعار الإنتاج عند مستوى أسرع من المتوسط، دفعت إلى انخفاض تدفقات مشتريات الشركات وتقييد مشتريات الشركات، بوتيرة قوية في شهر مارس، مع تراجع بالأعمال الجديدة، مبرزاً أن مشكلات الشحن ونقص المواد أدت إلى مزيد من التدهور في أداء الموردين. 

وسجل التقرير ارتفاعاً في مستويات التوظيف لأول مرة العام الجاري، بعد تراجع حاد في شهر فبراير 2024.

يوضح ديفيد أوين، الخبير الاقتصادي في "ستاندرد آند بورز"، أن القطاع الخاص يواجه ضغوطاً مستمرة بسبب أزمة العملة الصعبة، متأثراً بالتراجع الحاد في العوائد بالدولار من قناة السويس، بما أدى إلى ارتفاع سعر الصرف والتضخم، ومع التراجع الكبير في النشاط التجاري. ويؤكد أن الشركات ما زالت تفتقر إلى الثقة بأن النشاط التجاري سيحقق نمواً خلال العام المقبل، ما يشير إلى أن المخاطر الاقتصادية قد تستغرق وقتاً أطول حتى تختفي من الأسواق. 

المساهمون