استمع إلى الملخص
- تشير التقارير إلى زيادة النقد المتداول خارج النظام المصرفي، مما يحد من قدرة البنوك على توفير السيولة، ودفع الخبراء للمطالبة بتخفيض عرض النقد أو تغيير العملة.
- يعاني النظام المصرفي من شح السيولة بسبب غياب السياسات المالية الواضحة، ودعا الخبراء لتعزيز الثقة واعتماد نظام دفع إلكتروني فعال وتوجيه السيولة نحو الاستثمارات الإنتاجية.
ألغى مصرف ليبيا المركزي اليوم الأربعاء، عن السقوف المفروضة على السحب النقدي والتحويلات المصرفية الداخلية، في خطوة تهدف إلى تخفيف الضغط المالي على المواطنين والشركات، وتعزيز السيولة وتحفيز استخدام النظام المصرفي بشكل أوسع. كما شملت التعليمات الجديدة تخفيض العمولات على الخدمات الإلكترونية وإلغاء القيود المفروضة على استخدام بطاقات الدفع في نقاط البيع (P.O.S) وأجهزة الصراف الآلي (ATM).
وأشار المصرف المركزي إلى أنه سيُجري عمليات تفتيش دقيقة في المصارف لضمان الامتثال لهذه القرارات، محملاً البنوك المسؤولية القانونية في حال عدم الالتزام. وفي هذا الصدد، يقول المواطن عباس العيساوي لـ"العربي الجديد" إن الأزمة مستمرة، وإن السحب النقدي غير متوافر لدى المصارف التجارية، مما اضطره للجوء إلى السوق السوداء للحصول على السيولة.
وتشير التقارير إلى أن النقد المتداول في السوق الليبي زاد بشكل ملحوظ خلال الأعوام الأخيرة، وبلغت العملة المتداولة خارج القطاع المصرفي حتى نهاية الربع الأول من العام الحالي 44.4 مليار دينار، باستثناء العملة المطبوعة في روسيا. وهذا الارتفاع الكبير في تداول النقد خارج النظام المصرفي يحدّ من قدرة البنوك على توفير السيولة اللازمة لتمويل المشاريع وتلبية احتياجات المواطنين.
وفي السياق، يؤكد مدير مركز "أويا" للدراسات الاقتصادية أحمد أبو لسين لـ"العربي الجديد" أن العملة المتداولة في السوق تفوق عشرة أضعاف معدلاتها الطبيعية. وأضاف أن النقود هي الأداة الرئيسية لإدارة الاقتصاد، مطالباً بتخفيض عرض النقد والحد من الإنفاق العام، أو تغيير العملة للحفاظ على المعدلات الطبيعية للعملة خارج المصارف. كما أكد أن النقد المتداول خارج النظام المصرفي قد بلغ مستويات غير مسبوقة، مطالباً بتقليل عرض النقد وتوجيه السيولة نحو الاستثمارات.
في المقابل، أشار المحلل المالي محمود سالم إلى أن المصارف تعاني من شح السيولة رغم وفرتها بين أيدي المواطنين، مشيراً إلى أن غياب السياسات المالية الواضحة يعمق الأزمة، مما يؤثر سلباً في الاقتصاد ويزيد من الاعتماد على الإنفاق الحكومي والرواتب. ورأى الخبراء ضرورة تعزيز الثقة بين المواطنين والمصارف، ودعوا إلى اعتماد نظام دفع إلكتروني فعال يقلل الاعتماد على النقد الورقي ويسهم في تحسين السيولة داخل النظام المصرفي.
ومن هؤلاء المحلل الاقتصادي عبد الفتاح أبو قصة، الذي قال إن الاعتماد المفرط على الإنفاق الحكومي وتمويل الرواتب والدعم غير الموجّه يساهم في تضخيم أزمة السيولة، مضيفاً أن الرواتب الكبيرة والمبالغ المصروفة في دعم أسعار الوقود مثلاً تؤدي إلى تدفق كميات كبيرة من السيولة إلى السوق، لكن هذه السيولة لا تجد طريقها إلى الأنشطة الإنتاجية أو الاستثمارات، بل تتكدس في الأسواق وتزيد من الطلب على السلع المستوردة من دون أن تعود بالفائدة على الاقتصاد المحلي.
وأوضح لـ"العربي الجديد" أن من الضروري تطبيق إجراءات صارمة تهدف إلى إعادة الثقة بين المواطنين والمصارف، وتشجيع الإيداعات البنكية عبر تقديم حوافز مثل تسهيلات في التعاملات المصرفية، مع وضع خطة اقتصادية شاملة تستهدف توجيه السيولة نحو الاستثمار في القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة والزراعة، بدلاً من الاعتماد على الإنفاق الحكومي فقط.
ودعا إلى ضرورة التوسع في نظام دفع إلكتروني فعّال، يساهم في تقليل الاعتماد على النقد الورقي ويشجع المواطنين على التعامل مع المصارف، مما يعزز من السيولة داخل النظام المصرفي. ويفضّل الكثير من الليبيين الاحتفاظ بأموالهم في منازلهم بدلاً من إيداعها في المصارف، نظراً لفقدان الثقة في قدرة البنوك على تقديم الخدمات الأساسية. ويشتكي المواطنون من ضعف الخدمات المصرفية وعدم توفر السحب النقدي في كثير من الأحيان، ما دفعهم إلى اللجوء إلى السوق السوداء للحصول على النقد.