مصرف "يو بي أس" السويسري يتوقع تراجع أسعار المساكن بعواصم كبرى

02 أكتوبر 2020
سيدة تفحص المساكن وأسعارها أمام وكالة عقارية بلندن
+ الخط -

تهدد الموجة الثانية من جائحة كورونا عقارات المدن والمنتجعات القائمة على السياحة والتسوق والكازينوهات والترفيه، وسط تشديد الحكومات إجراءات العزل الاجتماعي وتحديد حركة السفر والتنقل.
وكانت أسعار العقارات السكنية قد ارتفعت في العديد من المدن خلال الموجة الأولى من جائحة كورونا، بعد الإغلاق الاقتصادي الذي اتخذته معظم دول العالم خلال الربع الثاني من العام. ولكن ارتفاع الأسعار حدث لأسباب خارجة عن نطاق معادلة السوق، وهي دعم الحكومات لدخول الأفراد والأسر، والفائدة المصرفية المنخفضة التي نفذتها البنوك المركزية، وتعليق عمليات تسديد القروض العقارية، ومنع إعلان الشركات العقارية من الإفلاس. ويضاف إلى ذلك مخاطر القنوات الاستثمارية المتاحة أمام أصحاب الفوائض المالية وصناديق الاستثمار والمصارف.
لكن العديد من هذه العوامل ربما لا تستمر لفترة طويلة، حسب تقارير مصرفية، وربما تتوقف الحكومات عن تقديم الدعم وتعليق برامج التحفيز المالي خلال العام المقبل، كما أن بعضها أوقف فعلاً هذا الدعم.
في هذا الشأن، توقع مسح مصرف "يو بي أس" السويسري السنوي، عن عقارات المدن، الصادر أمس الخميس، أن تتراجع أسعار العقارات بسرعة وبمعدلات كبيرة في بعض مدن العالم، وفقاً لقائمته السنوية لمخاطر الاستثمار العقاري.
وذكر مصرف "يو بي أس" في مسحه الصادر في تقرير الخميس، أن أسعار العقارات ستتراجع بشدة في كل من ميونخ وفرانكفورت وهونغ كونغ. ولكن تقارير أخرى تضيف إلى هذه القائمة مدناً أخرى مثل دبي ولاس فيجاس وملبورن الأسترالية ومدن كازينوهات القمار العالمية.

ووفق المصرف السويسري "من الواضح أن أسعار العقارات السكنية في المدن لا يمكن أن تستمر حينما توقف الحكومات الدعم المالي وبرامج التحفيز النقدي، إذ أن أسعار الإيجارات ستنخفض بسبب الضغوط التي ستعاني منها دخول الأسر والأفراد ".
ومن غير المتوقع أن يحدث ارتفاع سريع في الوظائف خلال الفترة المقبلة لامتصاص جيوش العطالة في الاقتصادات الكبرى، وربما يتأخر نمو الوظائف إلى نهاية العام المقبل، حتى في حال السيطرة على جائحة كورونا. وعادة ما تحتاج الشركات إلى فترة قبل أن تتملك الثقة الاستثمارية وتنفق على عمليات الإنتاج والتوسع في السلع والخدمات.
وحسب التقرير السويسري، فقد واصلت أسعار الشقق والمساكن التراجع في كل من دبي ومدريد وسان فرانسيسكو وهونغ كونغ خلال الشهور الماضية. ومن بين 25 مدينة شملها مسح مصرف "يو بي أس" السنوي، فإن شيكاغو هي المدينة الوحيدة التي تقل فيها أسعار المساكن في السوق عن مستوياتها الحقيقية، أي أن القيمة السوقية للعقارات أقل من أسعارها الحقيقية.
ويعود ذلك بدرجة رئيسية إلى هجرة العديد من الأثرياء وكبار الموظفين من مدينة شيكاغو التي شهدت اضطرابات حادة وارتفعت فيها نسبة الجريمة والنهب والقتل خلال العام الجاري. بينما قال التقرير إن أسعار المساكن في السوق العقاري في كل من سنغافورة وميلان تعكس قيمتها الحقيقية.
وفي أستراليا، تقول تقارير عقارية، إن أسعار المساكن في مدينة ملبورن، أكبر مدن أستراليا بعد سيدني، تراجعت بمعدلات سريعة وكبرى مقارنة بالمدن الأسترالية الأخرى بسبب ارتفاع معدلات البطالة.
وفي أميركا، تعد مدينة لاس فيجاس من أكثر المدن التي تضررت من جائحة كورونا بسبب إغلاق الكازينوهات وارتفاع معدل البطالة.

وفي عواصم أوروبا الشرقية، تكالب المستثمرون على شراء شقق المجمعات السكنية التي بنتها الحكومات الاشتراكية للمواطنين ثم أعيدت ملكيتها من الدولة لساكنيها. وهي عقارات رخيصة مقارنة بأسعار السوق، ويقدر لها أن تحقق أرباحاً في المستقبل حينما تنتهي الجائحة وتعود السوق إلى طبيعتها.
وفي مدن مشهورة بجاذبيتها العقارية في العالم، مثل باريس، تراجعت الصفقات العقارية بنسبة 80%، حسب الأرقام الرسمية. وتضررت مدينة السياحة والتسوق الأولى في أوروبا من تراجع حركة التسوق التي يقدّرها مصرف "بي إن بي باريبا" الفرنسي بنحو 530 مليار يورو في العام الماضي 2019. وضرب تراجع حركة السياحة والتسوق أسعار الشقق في وسط باريس التي تم شراؤها أساساً بغرض العائد من الإيجار.
وفي بريطانيا، استفادت مدينة لندن من الاضطرابات في هونغ كونغ وتعليق ضريبة عقارية في ارتفاع أسعار الشقق والمساكن. وكان العديد من أثرياء هونغ كونغ والصين الذين يتعرضون لمضايقات أمنية من حكومة بكين قد ساهموا في رفع أسعار المساكن الفاخرة وسط لندن، خلال الشهور الماضية. وحسب وكالة "بوشامب ستيتس"، منذ ديسمبر الماضي، يتزايد عدد مستثمري هونغ كونغ في العقارات اللندنية الفاخرة، إذ احتلوا من حيث حجم الاستثمارات في العقارات السكنية المكانة الأولى التي كان يحتلها المستثمرون الروس والهنود. ولكن العديد من خبراء العقارات يعتقدون أن أسعار الشقق وسط لندن مقيّمة بأعلى من سعرها الحقيقي، وبالتالي ربما تحتاج إلى حركة تصحيحية عنيفة تتيح للموظفين وأصحاب الدخول المتوسطة الشراء والسكن بالقرب من مقار وظائفهم في المستقبل، وبالتالي توفير مصاريف السفر بالقطارات المرهقة لميزانيات الأسر والأفراد.

وكانت الحكومة البريطانية قد أعلنت، في بداية شهر يوليو/تموز الماضي، أنها ستوسع حقوق الهجرة لتسهيل منح الجنسية البريطانية لسكان هونغ كونغ بعد إدانتها للقانون الأمني الصيني الجديد الذي فرضته حكومة بكين على هونغ كونغ.

المساهمون