مصانع تونسية مهدّدة بالغلق: أزمة زيت الطهي تتصاعد

24 اغسطس 2021
صناعة الزيوت تواجه عقبات عديدة (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

نبه مصنعو زيت الطعام في تونس من مخاطر أزمة اجتماعية تحيط بالقطاع، نتيجة اقتراب المصانع من الغلق وتسريح العمال، بسبب وجود شح في المواد الأولية من الزيت النباتي المدعم الذي توفره الحكومة لفائدة المصنعين.
وأعلنت الغرفة الوطنية لمعلّبي الزيوت الغذائية مؤخراً، أن التزويد بالزيت النباتي المدعّم قد يشهد انقطاعا يمكن أن يتواصل لمدة شهر أو أكثر، مسببا مصاعب معيشية جديدة للتونسيين الذين يواجهون موجة غلاء غير مسبوقة ونسب تضخم متصاعدة شهريا.
وقالت الغرفة إنها لا تتحمل مسؤولية شح العرض وإمكانية توقف المصانع، محملة الحكومة المسؤولية بسبب عدم توفر المواد الأولية التي يتم توريدها عن طريق ديوان الزيت الحكومي.
وحذر المصنعون من انعكاسات انقطاع التزويد بالمواد الأولية على كلفة التصنيع مستقبلا، فضلا عن مصاعب قالت الغرفة إنها تهدد المصانع بالإفلاس وبطالة إجبارية لعمّالها.
وزيت الطهي أو ما يصطلح عليه محليا "زيت الحاكم"، الذي يقع ترويجه في قوارير بلورية، مادة أساسية في سلة الغذاء للعائلات الفقيرة ومتوسطة الدخل، حيث يسمح الدعم الذي توفره الدولة لهذا الزيت بالمحافظة على أسعاره في مستويات مقبولة، مقابل باقي الزيوت النباتية التي تباع بأسعار محررة تقترب من 5 دنانير للتر الواحد.
وأزمة زيت الطهي في تونس بين الأزمات المتجددة بسبب الاختفاء المتواتر لهذه المادة من الأسواق، نتيجة الاحتكار والمضاربة وتوجيه الحصص المخصصة للاستهلاك الأسري نحو المطاعم وصناعات غذائية تعتمد على زيت في تركيبتها.

في رصده لتطورات الأزمة، يقول الخبير الاقتصادي ووزير التجارة السابق، محسن حسن، إن أزمة زيت الطعام لن تنتهي نتيجة عدم هيكلة المنظومة، مشيرا إلى أن الدولة تنفق 290 مليون دينار سنويا لدعم هذه المادة، غير أن اختفاءها من الأسواق بات يحرم الطبقات الضعيفة والمتوسطة من هذه المادة الأساسية.
وأضاف حسن في تصريح لـ"العربي الجديد" أن منظومة دعم الزيت تمر بأكثر من 4 مراحل، ويزيد تشتتها بين المصالح الإدارية في توفير المواد الأولية التي باتت أكثر ندرة وارتفاعا في السوق العالمية مع تزايد الطلب عليها.
ويؤكّد المهنيّون أن الأمور ازدادت غموضا، وأن مصير 43 وحدة إنتاج بات في مهبّ الريح، وبالتالي سينعكس ذلك على أكثر من 10 آلاف شخص يرتزقون من الميدان بصفة مباشرة أو غير مباشرة.
وتستورد تونس المواد الخام للزيت عن طريق ديوان الزيت الحكومي بحصة سنوية تقارب 165 ألف طنّ (أي نحو 15 ألف طن شهريّا) يتم توزيعها على المصنّعين لتعليبها، ثم توزيعها على تجار الجملة الذين يوزّعونها لدى تجار التفصيل مقابل حصول المصنعين على كلفة التحويل وهامش ربح من مخصصات الدعم.

ويؤكد المهنيّون أن النقص المسجل في المواد الخام للزيت يقدر سنويا بنحو 20 ألفا، ما يتسبب في عجز هيكلي في تزويد الأسواق، فضلا عن تأخر كبير في الحمولات الموردة التي تظل لأسابيع طويلة راسية في البواخر في انتظار تفريغ شحناتها بالموانئ.

ويقول الخبير الاقتصادي، أيمن الوسلاتي، إن تونس تحت ضغوط نقص التموين بالمواد الأساسية الموردة نتيجة أزمة المالية العمومية، محذرا من تصاعد هذه الأزمة مستقبلا إذا لم تتمكن الحكومة من تدارك الأمر.

وقال الوسلاتي لـ"العربي الجديد" إن نقص التموين سيلهب الأسعار نظرا لعدم التوازن بين العرض الطلب، مرجحا أن تسقط كل فرضيات كبح الأسعار بسبب نقص التموين الأساسي.
وزيت الطعام من المواد المشمولة برفع الدعم وتحريرها كليا، حيث اعتمدت الحكومة منذ عام 2017 على خطة مرحلية تقوم على رفع الدعم التدريجي. وتسعى الدولة إلى أن يعتاد المواطن تدريجيا على شراء المنتجات غير المدعمة الأكثر حضورا في الأسواق.

وبدأت تونس استراتيجية تفكيك منظومة الدعم قبل سنوات عبر التخفيف التدريجي في أعباء صندوق التعويضات، والاتجاه نحو ما تصفه السلطات بترشيد دعم المواد الغذائية المدعومة عبر توفير بدائل لها في السوق تباع بأسعار محررة، وتشمل أساسا زيت الطهي والسكر وأصنافا من الخبز والمعجنات.
وتضغط نفقات توريد الغذاء وتراجع الاحتياطي من المواد الأولية على الموازنة العامة للبلاد، وعجز الميزان التجاري الذي يتوسع من شهر إلى آخر.
وكشفت بيانات المرصد الوطني للفلاحة حول تطور رصيد الميزان الغذائي نهاية يوليو/ تموز الماضي، تسجيل الميزان التجاري الغذائي عجزا يقدر بنحو مليار دينار في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، مقابل 222.4 مليون دينار خلال نفس الفترة من العام السابق. ووفق ذات البيانات فإن الواردات الغذائية ارتفعت إلى 3.7 مليارات دينار في يوليو/ تموز 2021، مقارنة بـ 3.2 مليارات دينار خلال ذات الفترة من عام 2020، في حين تراجعت الصادرات من 3 مليارات دينار إلى 2.6 مليار دينار. (الدولار = 2.8 دينار).

المساهمون