مشروع سيب للغاز يحفّز الاستثمارات العُمانية

09 سبتمبر 2024
الحكومة تسعى إلى زيادة إنتاح الغاز (Getty)
+ الخط -

"هذا المشروع يمثل نقطة تحول لنا"... هكذا عبّر سالم الشنيفري، الذي يدير مصنعاً للألومنيوم في محافظة ظفار العمانية، عن تحمسه لإطلاق مشروع سيب للغاز، الذي أعلنته الحكومة رسمياً في 26 أغسطس/آب الماضي، مشيراً إلى أن "المصنع اضطر إلى تقليص إنتاجه منذ عامين بسبب نقص إمدادات الغاز".

وعبر الشنيفري عن تفاؤله بالمستقبل المنظور قائلاً: "اليوم نستعد للتوسع، ونتطلع إلى زيادة إنتاجنا بنسبة 30% خلال العام المقبل"، مبيناً أن هذا المشروع، الذي يمتد بطول 208 كيلومترات من المنطقة الوسطى إلى محافظة ظفار الجنوبية بتكلفة 76 مليون ريال عماني (197.42 مليون دولار)، يأتي استجابة للطلب المتزايد على الغاز في المنطقة.

وحسب إفادة مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، رفضت ذكر هويتها، فإن مشروع سيب يعكس التزام الحكومة العمانية بتحسين البنية التحتية للغاز في البلاد، ويعزز قدرة السلطنة على تلبية الطلب المحلي المتزايد على الغاز، ما يسهم في تعزيز الثقة في البيئة الاستثمارية العمانية.

ويتوقع خبراء أن يسهم المشروع في دعم النمو الاقتصادي بسلطنة عمان من خلال توفير الطاقة اللازمة للمشاريع الصناعية المستقبلية، وتلبية الطلب المتزايد على الطاقة في محافظة ظفار.

ويشمل نطاق عمل المشروع تمديد ست من محطات صمامات الإغلاق، إضافة إلى ثلاث محطات إطلاق واستقبال جديدة.
وسبق أن كشفت شركة أوكيو عن مشروع ثانٍ سيعلن عنه قريباً، من شأنه زيادة السعة الاستيعابية لشبكات الغاز في سلطنة عُمان، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء العمانية.


سيب للغاز استجابة فعالة

في هذا الإطار، يؤكد الخبير الاقتصادي العماني، خلفان الطوقي، لـ "العربي الجديد"، أن مشروع سيب للغاز، الذي يمتد من المنطقة الوسطى إلى محافظة ظفار، يعكس التزام حكومة عمان بتوفير الغاز للمستهلكين بشكل مستدام، ويمثل خطوة جدية من قبل الحكومة في تحسين بنية الغاز التحتية، وهو ما يعزز الثقة في قدرتها على تلبية الطلب المحلي المتزايد على الغاز.
ويرى الطوقي أن هذا التوسع يمثل استجابة فعالة للنمو الاقتصادي الذي تشهده السلطنة، ويؤشر إلى التحسن الملحوظ في البيئة الاستثمارية بمختلف القطاعات، لافتاً إلى أن المشروع يأتي في وقت حيوي، حيث يتزايد الطلب على الغاز بشكل مستمر، مما يدل على وجود حاجة ملحة لتلبية احتياجات السوق المحلي.
ومن شأن ذلك أن يعزز من جاذبية السلطنة وجهة استثمارية، سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، ويعكس استقرار السوق المحلي وتحسن بيئة الأعمال بشكل عام، بحسب الطوقي.
من ناحية أخرى، يشير الطوقي إلى أن "أوكيو" لأنابيب الغاز، التي كانت في السابق شركة حكومية، وتحولت الآن إلى شركة مساهمة عامة، تلعب دوراً محورياً في تنفيذ هذا المشروع، موضحاً أن هذا التحول يعزز من مكانة الشركة في السوق ويجعلها أكثر جذبًا للمستثمرين، سواء كانوا أفراداً أو شركات.
ويرى الطوقي أن زيادة عوائد المستثمرين من هذا المشروع تسهم في تعزيز جاذبية الشركة الاستثمارية، مما يفتح آفاقاً جديدة للتوسع والنمو في المستقبل، معتبراً أن هذا التوسع يعكس التزام الحكومة وجديتها في تنفيذ مشاريع كبيرة كهذه.
وهذا الالتزام مؤش إيجابي للمستثمرين الخارجيين، حيث يُظهر استعداد السلطنة لتقديم فرص استثمارية واعدة في قطاع الغاز، الأمر الذي يسهم في جذب رؤوس الأموال الأجنبية وتعزيز الثقة في السوق المحلي، وفق الطوقي.

ويخلص الخبير الاقتصادي العماني إلى أن مشروع سيب للغاز يعزز مصداقية "أوكيو"، التي نجحت في تزويد الغاز بدون انقطاع بنسبة 99% على مدى 10 سنوات، وهو ما يعتبره مؤشراً جيداً على أداء الشركة بوجه خاص وقطاع الغاز العماني بوجه عام.


السعر العالمي

لكن الخبير الاقتصادي العماني، مرتضى حسن علي، لا يرجح إسهام مشروع سيب للغاز في تخفيض أسعار الغاز في المستقبل القريب، حسب إفادته لـ "العربي الجديد"، مشيراً إلى أن الحكومة العمانية كانت قد قررت قبل سنوات رفع الدعم عن النفط والغاز الذي تقدمه للمستهلكين والشركات، وبدأت ببيع الغاز وفق الأسعار العالمية.
وإزاء ذلك، يرى علي أن أسعار الغاز ليست مرشحة للانخفاض إلا إذا قررت الحكومة تزويد الشركات بالغاز بسعر أقل من السوق العالمي، وهو ما قد يتحقق فقط بعد سداد الحكومة لجميع القروض التي اقترضتها لمواجهة العجز المالي الناجم عن انخفاض أسعار النفط منذ منتصف عام 2014.
ورغم ذلك، فإن مشروع سيب يوفر كميات إضافية من الغاز لدعم المشاريع الصناعية المستقبلية، ما يعزز من جذب المزيد من الاستثمارات الصناعية إلى عمان، بحسب علي، مشيراً إلى أن الزيادة في إنتاج الغاز من شأنها أن تسهم في دعم النمو الاقتصادي من خلال توفير طاقة إضافية لهذه المشاريع.
كما أن الكميات الإضافية من الغاز في محافظة ظفار من شأنها أن تلبي الطلب المتزايد على الطاقة في المنطقة، وتساعد على مواجهة التوسع العمراني المتسارع، وتساهم في دعم محطات توليد الكهرباء وتحلية المياه، إضافة إلى دعم الصناعات الكبرى مثل البتروكيماويات، ومصانع الأسمدة والألمنيوم والصلب، وفق علي.

المساهمون