مشاريع تكرّس التطبيع الاقتصادي بين المغرب وإسرائيل

06 سبتمبر 2021
مظاهرة سابقة ضد التطبيع في المغرب (جلال مرشدي/الأناضول)
+ الخط -

سيكون على الحكومة التي ستفرزها الانتخابات التشريعية التي سيعرفها المغرب في الثامن من سبتمبر/ أيلول الجاري، النظر في مسألة ترجمة العديد من المشاريع التي كانت موضوع نوايا عبّر عنها كل من المغرب وإسرائيل خلال الفترة الأخيرة في السياحة والزراعة والمياه والتكنولوجيا الحديثة.

ولفت الإعلان عن استثمار إسرائيلي - مغربي لإنتاج الأفوكادو الانتباه لما يمكن أن ينجز بين الطرفين من مشاريع في المستقبل، إذ ينتظر أن يتجاوز ذلك مرحلة الإعلانات إلى اتفاقيات قطاعية ومشاريع يمكن أن يكون لها امتداد في بلدان أفريقية أخرى.

إعلانات وسوق تحت المجهر

لم يكف منسق فرع المغرب للمنظمة الدولية غير الحكومية BDS، سيون أسيدون، عن التعبير عن رفضه التطبيع، وعند سؤاله حول الاستثمارات الإسرائيلية في المغرب بعد التطبيع، شدد في تصريح لـ"العربي الجديد"، على أنه لا توجد بيانات رسمية تشير إلى حجمها وطبيعتها بعد إعلان التطبيع.

وأوضح أسيدون الذي يمثل المنظمة التي تسعى لتعبئة المجتمع المدني عبر العالم ضد الاحتلال الإسرائيلي وتحث الحكومات والشركات والجامعات على مقاطعة الدولة العبرية، أنه باستثناء الإعلان عن مشروع إنتاج الأفوكادو بقيمة تسعة ملايين دولار، بعد التطبيع بين المغرب وإسرائيل، لا توجد سوى "إعلانات" إلى حدود الآن.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويعد أسيدون، وهو المغربي اليساري من جذور يهودية، أبرز الداعين لمقاطعة إسرائيل في المغرب، وكان وراء حملة مقاطعة "التمور" الإسرائيلية، وشركة الملاحة البحرية "زيم" الإسرائيلية بسبب تاريخها الطويل في خدمة الاستيطان.

وأضحت الاستثمارات بين البلدين من بين اهتمامات المراقبين، بعدما كان العلاقات التجارية مثار نقاش بين تأكيد نشطاء على استيراد التمور وبعض المواد والتجهيزات الزراعية، وبين نفي الحكومة التي تؤكد عدم تسليمها في السابق تراخيص استيراد منتجات إسرائيلية المنشأ.

لكن هل توجد في السوق المغربية سلع إسرائيلية تحمل علامة "صنع في إسرائيل" بعد التطبيع؟

يؤكد رئيس الاتحاد العام للمقاولات والمهن، الذي يمثل جزءا كبيرا من الحرفيين والتجار، محمد الذهبي، "عدم وجود أية سلع في السوق، وهذا ما يؤكده مصدر أخر يشدد على أنه على الصعيد الجمركي لا توجد معاملات بين البلدين إلى حدود الآن".

10 اتفاقيات في الأفق

كانت كبيرة الاقتصاديين في وزارة المالية الإسرائيلية، شيرا غرنسبيرغ، رأت أن الاتفاقات التجارية الموقعة بين المغرب وإسرائيل ستساهم بـ500 مليون دولار في التدفقات التجارية، بحسب ما صرحت به لصحيفة إسرائيل حيوم، غير أن ذلك يبقى مجرد توقعات وفق محللين.

واتفق وزير الصناعة والتجارة المغربي، مولاي الحفيظ العلمي، مع نظيره الإسرائيلي في الحكومة السابقة عمير بيريس، بإحداث مجموعات عمل تتيح إبرام اتفاقات في مجالات الاستثمارات والزراعة والماء والبيئة والسياحة والعلوم والابتكار والطاقة.

وإذا كان البلدان قد وقعا اتفاقات حول الربط الجوي وتدبير الماء والأنظمة المالية، فإن هناك توجها نحو تقليص العوائق أمام الاستثمار وتبادل المعلومات في المجال المالي، وتفادي غسل الأموال وتمويل الإرهاب، بل إن العلمي وبيريس اتفقا على تشكيل فريق عمل بهدف إعداد مسودة تصور حول اتفاق للتبادل للحر.

لكن ماذا عن المشاريع الاستثمارية بين البلدين بعد التطبيع؟

يشير العديد من الذين استطلعت "العربي الجديد" آراءهم من الفاعلين الاقتصاديين في المغرب، إلى عدم الانخراط في مشاريع استثمارية كبيرة بعد النوايا المعبّر عنها، باستثناء المشروع المعلن عنه أخيرا حول استثمار تسعة ملايين دولار بهدف إنتاج الأفوكادو.

ويؤكد مصدر مطلع لـ"العربي الجديد"، أنه منذ الإعلان عن قرار التطبيع في ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، تم التعبير عن العديد من النوايا الاستثمارية، وسرت أنباء عن التوجه نحو إنجاز استثمارات في إنتاج التمور والزيتون، غير أنه لم يعلن حتى الآن عن أي اتفاق يشير إلى حجم الاستثمارات وكلفتها.

وستتجلى أكثر مجالات الاستثمار بين البلدين في الأشهر المقبلة، فمن المنتظر أن يبرم المغرب وإسرائيل حوالي عشر اتفاقيات ذات طابع قطاعي، بحسب ما صرح به وزير الخارجية المغرب ناصر بوريطة، بعد المباحثات الأخيرة التي أجراها في الرباط مع نظيره الإسرائيلي يئير لبيد، إذ وقعا ثلاث اتفاقيات تناولت إحداث آلية للتشاور، تشمل التعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي. وانصبت إحدى الاتفاقيات على الخدمات الجوية بين البلدين.

السياحة والنقل الجوي أولاً

ويؤكد مصدر من الكونفيدرالية الوطنية للسياحة لـ"العربي الجديد"، أنه لم يتم حتى الآن الكشف عن مشاريع ذات الصلة ببناء فنادق في المملكة، ويبقى ذلك رهن اتفاقات بين الوزارات المعنية، ما يعني أن ذلك سيبقى مرتبطا بالحكومة التي ستفرزها انتخابات الثامن من سبتمبر المقبل.

غير أن توافد السياح الإسرائيليين بدأ يتجلى في المغرب بعد أن حلّ مئات من السياح الإسرائيليين في المملكة في يوليو/ تموز الماضي، في أول رحلة تجارية مباشرة من إسرائيل بعد تطبيع العلاقات. فقد سيّرت شركة "يسرائير" الإسرائيلية تلك الرحلة الجوية بين تل أبيب ومراكش، وأعلنت الشركة عن نيتها في تنظيم ثلاث رحلات أسبوعيا.

لم تسيّر الناقلة الوطنية الخطوط الملكية المغربية، أي رحلات نحو إسرائيل، غير أن الشركتين "إسرائير" و"العال" عبرتا عن النية في تسيير رحلات، خاصة نحو مدينة مراكش

ويستند المغرب من أجل جذب سياح إسرائيليين إلى حوالي 700 ألف يهودي من أصل مغربي في إسرائيل (كثيرون منهم من أبرز المناضلين ضد الاحتلال)، علما أن ما بين 50 و70 ألفا من السياح كانوا يحلون في المملكة قبل التطبيع عبر رحلات غير مباشرة، إذ كانوا يمرون ببلدان أخرى.

وفي الوقت الذي تشير التقديرات إلى إمكانية جذب 200 ألف سائح إسرائيلي في العام المقبل، إذا ما هدأت فورة تحور فيروس كورونا، أجرت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي والاقتصاد الاجتماعي المغربية، نادية فتاح علوي، جلسة عمل مع وزير الشؤون الخارجية الإسرائيلي، يئير لبيد، عند زيارته المملكة حول التعاون في المجال السياحي.

ولم تسيّر الناقلة الوطنية الخطوط الملكية المغربية، أي رحلات نحو إسرائيل، غير أن الشركتين "إسرائير" و"العال" عبرتا عن النية في تسيير رحلات، خاصة نحو مدينة مراكش.

وسعى الطرفان في الأشهر الأخيرة إلى تعيين القطاعات التي يمكن أن تكون موضوع شراكات استثمارية، فقد اعتبر الوزير المغربي مولاي الحفيظ العلمي أن اقتصاد البلدين يتوفر على إمكانيات تتيح التكامل، ما يسمح بتطوير شراكات في قطاعات النسيج والصناعات الغذائية والسيارات والبحث والتطوير التطبيقي المرتبط بالصناعة والتكنولوجيا الخضراء.

استكشاف الفرص

وبادر رجال أعمال مغاربة وإسرائيليين إلى التواصل في مارس/ آذار الماضي حول فرص الاستثمار، إذ تم التوصل إلى اتفاقية شراكة بهدف إنعاش العلاقات الاقتصادية والتجارية والتنمية التكنولوجية بين البلدين.

بادر رجال أعمال مغاربة وإسرائيليين إلى التواصل في مارس حول فرص الاستثمار، وتم التوصل إلى اتفاقية شراكة بهدف إنعاش العلاقات الاقتصادية والتجارية والتنمية التكنولوجية

فقد أكد رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، شكيب لعلج، أنه يمكن للمستثمرين في البلدين اغتنام فرص الاستثمار على الصعيد المحلي والجهوي والدولي، بالنظر للامتيازات التفضيلية التي يتوفر عليها البلدان في قطاعات السياحة والصناعة، والطاقة المتجددة، والتكنولوجيا والابتكار.

ويعتبر الاقتصادي إدريس الفينا، أن فرص الاستثمار بين المغرب وإسرائيل، ستتعدى الجانب التجاري المحض، إذ سيسعى المغرب إلى الاستفادة من الخبرة الإسرائيلية في مجال البيوتكنولوجيا وتدبير المياه في الزراعة التي تمثل قطاعا مهما في المملكة.

ماذا بعد الأفوكادو؟

ينصب الاهتمام أكثر على الاستثمار في الزراعة، بعد إبرام شركة ميهادرين الإسرائيلية اتفاق شراكة مع شركة مغربية، تقوم بموجبه بإنتاج الأفوكادو سيتم من أجلها استئجار 445 هكتارا.

ويبقى تجسيد ذلك الاستثمار معلقا على الحصول على الموافقات الضريبية من أجل استئجار الأراضي المخصصة له وتأسيس الشركة التي تراهن على إنتاج 10 آلاف طن سنويا من الأفوكادو، وهو المحصول الذي سيسوّق، بشكل خاص، في أوروبا.

غير أنه لم تبرم بعد اتفاقيات أخرى في مجال الزراعة بعد تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل، إذ يؤكد رئيس جمعية منتجي ومصدري الخضر والفواكه، لحسن أضرضور، أنه على مستوى التصدير لا تمثل السوق الإسرائيلية هدفا كبيرا للمصدرين المغاربة.

المساهمون