مزارع دواجن مصر تواجه شبح الموت: إعدام الكتاكيت

17 أكتوبر 2022
ارتفاع كبير في أسعار الدواجن بسبب نقص الأعلاف (خالد دسوقي/فرانس برس)
+ الخط -

فجرت موجة "إعدام كتاكيت" على الهواء مباشرة في مصر أزمة مزارع الدواجن التي تواجه شبح الموت، وكشفت أسرار الغلاء المتصاعد يومياً في أسعار الأعلاف واللحوم البيضاء وبيض المائدة، وفشل الحكومة في تدبير العملة الصعبة لتمويل شراء الأعلاف ومستلزمات الإنتاج بالعملة الصعبة. 

شهدت الأسواق ارتفاعاً في أسعار كيلوغرام الدجاج الحي مع بداية الأسبوع الثاني شهر أكتوبر/ تشرين الأول، من 32 جنيهاً إلى 42 جنيهاً ومن 75 إلى 90 لـ"البانية" (الدولار = نحو 19.7 جنيهاً). وأكد موزعون، في جولة لـ "العربي الجديد" بالأسواق، أن الأسعار أصبحت مرشحة للارتفاع يومياً، بمعدل جنيهين للكيلوغرام، مع الشح في رصيد المزارع من الدواجن، وعدم قدرة المربين على توفير الأعلاف لتربية دورات جديدة، توفر احتياجات السوق.

وواكب زيادة أسعار اللحوم البيضاء ارتفاع في سعر بيض المائدة، من 65 جنيهاً إلى 78 للأبيض، ومن 80 إلى 85 للبلدي.
وتسببت موجه إعدام الكتاكيت التي نشرها أحد المربين بمحافظة البحيرة على الهواء مباشرة، منذ يومين، احتجاجاً على عدم تلبية احتياجات المزارع من الأعلاف، في إثارة موجة غضب واسعة بين المواطنين، وتلقفتها أجهزة الإعلام الرسمية، لتحارب تلك الظاهرة، فإذا بها تحولها إلى قضية رأي عام واسعة الانتشار.
اعترض مواطنون على لجوء المزارع إلى قتل الكتاكيت. وحاول وزير الزراعة السيد القصير التقليل من شأنها، مؤكداً عدم وجود أزمة في سوق الدواجن، ومرجعاً، في الوقت نفسه، نشر فيديو الإعدام إلى "أهل الشر" الذين لا يريدون خيراً بالدولة، فإذا به يفاجأ بهجوم كاسح من منتجي الدواجن.

وفي المقابل، فجر نائب رئيس اتحاد منتجي الدواجن السابق، محمد الشافعي، مفاجأة، بقوله في تصريح تلفزيوني: "نحن في كارثة لا بد من أن تنتهي فوراً... هناك إعدام للكتاكيت وبيع للدجاجات الأمهات التي تبيض بهدف إنتاج أجيال جديدة، لأنّنا لا نستطيع توفير الأكل اليومي للدواجن، فلا حلّ إلّا بإعدامها، إذ ليس هناك من يرغب في شراء الكتكوت بجنيه، بينما تصل تكلفته على المزرعة إلى 8 جنيهات.

واعترف الشافعيبأنّ عمليات الإعدام مستمرة منذ مدة طويلة، حتى اعتاد المربون عليها، لعدم قدرتهم على الوفاء باحتياجاتها اليومية من الأعلاف، رغم وجود كميات كبيرة منها في الموانئ، لأنّ الحكومة لم توفر 340 مليون دولار شهرياً للإفراج عن الأعلاف.

وقال الشافعي لـ"العربي الجديد": "الدولة وعدت منذ أسبوعين بإدخال الأعلاف المستوردة، لكنّها اكتفت بإدخال كميات بسيطة لا تسمح بتشغيل المزارع".
وكان وزير الزراعة المصري قد أعلن أنّ الدولة وفرت 50 مليون دولار للإفراج عن بعض الشحنات، مطالباً بتوسع المربين في استخدام الذرة المحلية إلى حين انفراج أزمة الدولار، التي وصفها بأنّها "ظاهرة عالمية" ولا تخص مصر بمفردها.
من جهته، استرسل نائب رئيس اتحاد منتجي الدواجن السابق بأنّ الأسواق المحلية لا يمكن أن توفر احتياجات المزارع، مشيراً إلى أنّ الأمر يتطلب توفير 342 مليون دولار من البنوك لشراء الأعلاف شهرياً، وإلّا انهارت صناعة الدواجن التي يرتبط نحو 10% من السكان بأنشطتها الاقتصادية.

وذكر أن سعر طن الأعلاف المحلي بلغ 15 ألف جنيه، بينما اطلعت "العربي الجديد" على أسعار البيع عند الموزعين، الذين أكدوا زيادته من 12 ألف جنيه مطلع الشهر الحالي إلى 16 ألف جنيه في المتوسط. وأكد أحد الموزعين أنّ العلف اللازم للكتاكيت من نوع "البادي" لا يمكن أن توفره المنتجات المحلية، لأنه يعتمد على خليط من الذرة والكسب والأدوية التي تحصن الطيور ضد الأمراض، وتضمن قدرتها على مواجهة الأمراض والتغيرات الجوية، حتى تصل إلى وزن 1.8 كيلوغرام خلال 40 يوماً.

فجر نائب رئيس اتحاد منتجي الدواجن السابق، محمد الشافعي، مفاجأة، بقوله في تصريح تلفزيوني: "نحن في كارثة لا بد من أن تنتهي فوراً... هناك إعدام للكتاكيت"

تتناول الدجاجة خلال هذه المرحلة من 3.5 إلى 4 كيلوغرامات من العلف، ويمثل العلف 70% من قيمة التكلفة الكلية في الصناعة.
وأكد موزعون لـ"العربي الجديد" تراجع إنتاج الدواجن بالمزارع منذ 3 أشهر، ولم يشعر المواطنون بالأزمة، لوجود حالة من الركود الشديد في البيع، مع تراجع القوة الشرائية، وتصاعد حالة الغلاء بنسب تصل إلى 100% منذ بداية العام الحالي.
وكان رئيس الوزراء مصطفى مدبولي قد طلب من نائب رئيس اتحاد منتجي الدواجن، ثروت الزيني، تأجيل عقد اجتماع بالمنتجين وممثلي الصحف منذ أسبوعين، مع وعد بحلّ الأزمة خلال ساعات، ولم يلتزم بما تعهد به.
ودفع التجاهل الحكومي لحلّ الأزمة الزيني إلى التصريح لوسائل الإعلام بأنّ "إعدام الكتاكيت يجرى يومياً بأعداد كبيرة، لأنّ المربين لا يجدون أعلافاً، وقد ضاقت بهم السبل، فيضطرون إلى قتل الكتاكيت والخروج بمزارعهم من الدورة الإنتاجية". وقال: "الأعلاف التي تحتاجها المزارع موجودة منذ 3 أشهر في الموانئ، وكان أملنا أن نواصل الإنتاج، الذي زاد بنسبة 60% خلال السنوات الست الماضية، ليوفر 4 ملايين دجاجة و40 مليون بيضة يومياً، فإذا به يتراجع مع توقف مصانع الأعلاف، ونخشى أن يتوقف تماماً، بسبب القيود المفروضة على البنوك في توفير العملة الصعبة للجمارك".

المساهمون