مخاوف من تسرب الأسماك النافقة لأسواق الإسكندرية

06 اغسطس 2023
+ الخط -

حالة من الريبة والشك سيطرت على المترددين على أسواق الأسماك في الإسكندرية شمالي مصر، عقب انتشار أنباء عن تسرب كميات من الأسماك النافقة التي ظهرت في شواطئ المكس غرب المدينة، أمس الأول، للبيع في الأسواق.

وظهرت الأزمة بعد تداول صور على مواقع التواصل الاجتماعي، لنفوق كميات من الأسماك وأنواع مختلفة من الكائنات البحرية تطفو على سطح البحر بمنطقة المكس، الأمر الذي أثار ردود فعل غاضبة لدى المواطنين مصحوبة بتحذيرات من وجود عمليات بيع أسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي في الأسواق.

فيما شددت السلطات بمحافظة الإسكندرية التدابير الاحترازية للتأكد من عدم وجود أي كميات من الأسماك النافقة يتم تداولها بالأسواق للحفاظ على سلامة وصحة المواطنين، كما وجهت مديرية التموين وإداراتها ومباحث التموين وإدارات البيئة بسرعة مراقبة مراكز البيع.

وصدر قرار من المعهد القومي لعلوم البحار بتشكيل فريق بحثي، لجمع العينات المطلوبة وإعداد تقرير عن مسببات نفوق هذه الكميات بصورة علمية وتقديمها للمسؤولين.

من جانبها، أوضحت عبير السحرتي، أستاذ الكيمياء البحرية ورئيس لجنة تنمية وخدمة المجتمع بالمعهد القومي لعلوم البحار، أنه مع ارتفاع درجات الحرارة تقل نسبة الأكسجين في المياه وترتفع نسبة الأمونيا، وفي الوقت نفسه تشهد المزارع السمكية زيادة في أعداد الأسماك، ما يجعلها أكثر من العدد المطلوب في نفس المساحة المائية.

وأشارت أستاذ الكيمياء البحرية إلى أنه "لا صحة لما تردد عن وجود بقعة زيت في المياه أو ملوثات بيئية قد تكون سبب نفوق للأسماك"، لافتة إلى أن زيادة نسبة الأمونيا وقلة الأكسجين الناتج عن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى ما يسمى بالتكاثف ويتسبب في نفوق الأسماك بهذا الشكل.

في المقابل، قال أشرف زريق، نقيب الصيادين في الإسكندرية، إن "بيئة شواطئ المكس للأسف الشديد غير نقية نتيجة وجود تسريب سولار من المراكب التجارية التي تعمل بالمنطقة"، مرجحاً أن تجمع الأسماك البوري والبلطي الطافية فوق سطح البحر في منطقة المكس جاء نتيجة اندفاع الأسماك إلى الرمال هربًا من عمليات الصيد.

وأثارت الصور المتداولة قلق العديد من المواطنين من وجود عمليات بيع أسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي في الأسواق، كما يقول أحمد زكي، نجار (53 عامًا)، لـ"العربي الجديد"، مشيراً إلى إحجام عدد كبير من الأهالي عن شراء المأكولات البحرية هذه الأيام.

وأضاف زكي: "خلال جولتي بسوق الميدان وسط الإسكندرية، وجدت أن سعر السمك البوري متوسط الحجم 100 جنيه، وسمك البطاطا 80 جنيهًا، وهي الأسعار المستقرة منذ بداية شهور الصيف، واليوم وجدت السعر انخفض 25 جنيهًا فجأة، ليصبح 75 جنيهًا للبوري و65 جنيهًا للبطاطا، وعلى الرغم من ذلك لا يُقبل عليها أحد".

وتابع: "الأمر أثار انتباهي، فبدأت توجيه السؤال للمارة في السوق عن سبب انخفاض أسعار الأسماك البحرية فجأة، على الرغم من ارتفاع أسعار الأسماك النيلية وأسماك "التربية في المزارع"، ففوجئت بتحذيرات جماعية من المارة من شراء الأسماك البحرية؛ بسبب استخراج كميات كبيرة منها وهي نافقة بسبب تلوث المياه".

الأمر ذاته أشارت إليه الحاجة نادية صبحي، ربة منزل (59 سنة)، قائلة لـ"العربي الجديد"، إن سعر السمك البربون مستقر عند 90 جنيهًا والدنيس عند 130 جنيهًا منذ فترة، ولكن انتشار أنباء عن بيع أسماك نافقة وفاسدة وغير صالحة للاستهلاك الآدمي في الأسواق بعد استخراجها من شواطئ المكس تسبب في انخفاض تلك الأسعار بنسبة 25% تقريبًا.

وأضافت: "أشتري احتياجاتي من سوق زنانيري دائمًا، وعندما وجدت الأسعار منخفضة بهذا الشكل بعد ساعات من انتشار صور الأسماك النافقة تملكني القلق، فقررت تغيير السوق، وتوجهت من توي إلى سوق باكوس المتخصص في بيع الأسماك، إلا أني وجدت الأسعار ذاتها أيضًا، فقررت تغيير مساري، ولم أشترِ السمك خوفًا وابتعادًا عن الوقوع في المحظور".

وعلى الجانب الآخر، يقف منصور القناوي، أحد أكبر بائعي الأسماك في سوق العطارين، أمام بضاعته التي لا تجد من يشتريها، منتقدًا ما وصفه بتناقل الناس للأخبار بدون إدراك، مقللًا من أهمية الصور التي تناقلها مرتادو مواقع التواصل الاجتماعي عن الأسماك النافقة في المكس.

وقال القناوي، لـ"العربي الجديد"، إن كمية الأسماك النافقة كانت قليلة، ومن غير المنطقي أن تملأ أسواق الإسكندرية، إلا أن الشائعات التي سرت كالنار في الهشيم ساهمت في تخويف الزبائن من الإقبال على الأسماك البحرية في كل الأسواق.

وأضاف: "البائع لا يمكن خداعه، فأنا أعرف جيدًا الفرق بين السمك النافق والطازج السليم، ولن أجازف بسمعتي واسمي في السوق لكي أكسب حفنة من الجنيهات عبر بيع الأسماك النافقة، فضلًا عن المساءلة القانونية التي من الممكن أن تطاردني جراء ذلك، ولهذا أطالب المواطنين بعدم السير وراء الشائعات التي ليس لها أساس من الصحة، وعدم تصديق إلا ما يصدر رسميًا عن الجهات الحكومية المنوطة".

أما عبد الحميد شوكت، أحد صيادي المكس، وأحد شهود العيان على انتشار الأسماك النافقة على سطح مياه الشاطئ، فيقول لـ"العربي الجديد"، إن الواقعة حصلت على اهتمام أكبر بكثير من حجمها الحقيقي، موضحًا أن كمية من الأسماك نفقت بعد وقوعها من شباك صيد بعد تمزق الغزل على أحد المراكب، ولم يكن الأمر متعلقًا بتلوث في المياه أو استخدام أساليب صيد ممنوعة.

وأضاف شوكت: "يتبع الصيادون تكتيكًا معينًا في الصيد وهو "التحويطة"، وذلك عبر نصب الشباك لفترة ثم رفعها من المياه في وقت محدد لضمان استخراج أكبر كمية منها، وكل ما حدث هو وضع مجموعة من الصيادين لشباك قديمة بالية، فتمزقت أجزاء منها في أثناء سحبها، وهو ما تسبب في سقوط الأسماك مرة أخرى ونفوق كميات كبيرة منها تأثرًا بالاختناق وضغط الأوزان أعلاها".

المساهمون