تجمع كافة القراءات أن الحرب الإجرامية التي يشنها الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة ستكون لها ارتدادات سلبية غير مسبوقة منذ عقود على اقتصاديات كافة بلدان المنطقة، بما فيها الأردن، نظرا لارتفاع التوتر وحالة عدم اليقين من العودة إلى نقطة الاستقرار النسبي التي كانت سائدة قبل اندلاع الحرب.
وقال خبراء اقتصاد في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" إن الأردن سيكون من أكثر البلدان تأُثرا بالحرب الإسرائيلية على غزة، وستزداد انعكاساتها كلما طال أمدها، وذلك بتراجع الإقبال السياحي والتجارة والاستثمار، حيث ترتفع درجة المخاطر لدى المستثمرين ورجال الأعمال عند التفكير بإقامة مشاريعهم في المنطقة.
وعلى المدى المتوسط من المتوقع أن تكون للحرب انعكاسات سلبية على أسعار النفط الخام والغاز وارتفاع أجور الشحن البحري، ما يرفع كلف الاستيراد والتصدير، وزيادة أسعار الوقود والغذاء واحتمال اختلال سلاسل التوريد للمنطقة برمتها.
كثير من المجموعات السياحية ألغت رحلاتها التي كانت مقررة إلى الأردن ودول المنطقة بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة
وقال رئيس لجنة الاقتصاد والاستثمار في مجلس النواب الأردني النائب عمر النبر لـ"العربي الجديد" إن كثيرا من المجموعات السياحية ألغت رحلاتها التي كانت مقررة إلى الأردن ودول المنطقة، بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة وحالة التوتر والترقب الحذر الذي يسود المنطقة بأكملها واحتمال اتساع دائرة الحرب لتشمل أطرفا أخرى.
وأضاف أن الحجوزات تراجعت في الفنادق والمنتجعات السياحية ويتوقع إلغاء مزيد من الحجوزات، خلال الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن السياحة حققت نموا غير مسبوق خلال العام الحالي.
وقال إن هناك انعكاسات أيضا على حركة التجارة ونقل الأفراد بين الأردن ومناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، حيث إن الأردن يعد المنفذ الوحيد لحركة الفلسطينيين وكذلك الاستيراد والتصدير.
وقال الخبير الاقتصاد حسام عايش، إن الاعتداء الاسرائيلي "البربري" على قطاع غزة يأتي في وقت تتراجع فيه معدلات الأداء الاقتصادي في كافة دول المنطقة، ما يضيف مزيدا من عدم الاستقرار وعدم اليقين على اقتصاداتها، حيث إن صندوق النقد الدولي يتوقع أن يتباطأ النمو الاقتصادي في المنطقة العربية إلى 1.8% لهذا العام، منخفضا من 5.6% العام الماضي، إضافة إلى توقعه بقاء معدل التضخم عند نسب مرتفعة، وأن يسجل في نهاية العام حوالى 13%.
وأضاف عايش في ورقة تحليلية للأوضاع الاقتصادية في المنطقة بسبب الحرب على غزة أن ذلك يشكل ضربة لاقتصادات المنطقة في حال استمرت الحرب.
حسام عايش: الاعتداء الاسرائيلي "البربري" على قطاع غزة يأتي في وقت تتراجع فيه معدلات الأداء الاقتصادي في كافة دول المنطقة
وأَضاف أن هذه الحرب الهمجية قد تؤثر على المشروعات الضخمة التي تم التخطيط لها في المنطقة، وربما تحتاج الآن إلى فترة طويلة لكي يعاد التواصل بشأنها، لا سيما مشروع الممر الاقتصادي الذي أعلن عنه في شهر سبتمبر/أيلول الماضي مع الاحتلال.
وقال عايش إن أسعار النفط والغاز مرشحة للارتفاع بشكل كبير في حال طالت الحرب، ما سيؤدي إلى ارتفاع فاتورة الطاقة في الأردن وزيادة عجز الموازنة والضغوط المالية على الدولة.
ويرى مراقبون أن الأردن سيكون في وسط عاصفة اقتصادية ناتجة عن حالة عدم اليقين في المنطقة الناجمة عن هذه الحرب، مؤكدين أنه كلما طالت حالة عدم الاستقرار زادت الصعوبات، سواء الاقتصادية أو الأمنية أو السياسية، وسينعكس كل ذلك بشكل سلبي على كافة مناحي الأنشطة الإنتاجية التي تحتاج بيئة مستقرة.
وحسب هؤلاء المراقبين، فإن الإنفاق الدفاعي لدى المنطقة سيرتفع كثيرا خلال الفترة المقبلة، على حساب احتياجات أساسية أخرى.
ويلاحظ مراقبون انعكاسات مباشرة على الاقتصاد الأردني من خلال تراجع الطلب على المحلات التجارية والسياحية من الداخل، وانخفاض في الحفلات العامة والمناسبات الاجتماعية واقتصارها على أقل عدد ممكن من المدعوين تضامنا مع غزة، ما يؤدي إلى تراجع الطلب على السلع والعديد من الخدمات مثل الفنادق وصالات الأفراح وغيرها.