استمع إلى الملخص
- تواجه الحكومة تحديات مالية كبيرة بسبب دعم الوقود، حيث تنفق المليارات للحفاظ على الأسعار الحالية، وخصصت 23 مليار دينار لدعم الطاقة ضمن قانون المالية للسنة المقبلة.
- لم تُراجع أسعار الوقود منذ 2020، ويواجه تحرير الأسعار تحديات بسبب التضخم وانخفاض قيمة الدينار، مما يزيد الأعباء على المواطنين.
تعتبر أسعار الوقود في الجزائر من بين الأدنى عالمياً، بحكم أنّها تستفيد من دعم خزينة البلاد ضمن ما تعبّر عنه الحكومة بالحفاظ على "الطابع الاجتماعي"، وحماية شريحة واسعة من المجتمع من تبعات ضعف قدرتها الشرائية، والحفاظ على السعر المدعم وتحفيز المستثمرين الأجانب وإغرائهم بتدني أسعار الطاقة.
تبنّي الحكومة الجزائرية لهذا الخيار، لا يخلو من آثار سلبية تجد انعكاساً لها في ارتفاع الاستهلاك المحلي لمواد الطاقة عامة، وتفشي ظواهر التبذير، وكذا ارتفاع ممارسات التهريب عبر الحدود البرية، للاستفادة من الفارق الكبير في السعر، ما يجعل دعم الخزينة ألعامة "يتسرب" خارج البلاد بأساليب وطرق غير شرعية.
ويفرض الاستمرار على هذا التوجّه، إنفاق الخزينة الجزائرية المليارات للإبقاء على مستويات الأسعار نفسها دون تغيير، فيما تؤكد المؤسسات العمومية المنتجة للطاقة، ولا سيما سوناطراك وسونلغاز، أنّ الأسعار الحالية لا تغطي حتى تكاليف الإنتاج، فضلاً عن نقله وتوزيعه إلى غاية وصوله إلى المستهلك النهائي.
وفي هذا الصدد، خصّصت الحكومة 23 مليار دينار (الدولار= نحو 134 ديناراً)، لدعم مواد الطاقة بعمومها، وفقاً لقانون المالية للسنة المقبلة (قانون موازنة البلاد)، من بين الغلاف المالي الإجمالي المخصص لدعم أسعار مختلف المنتجات المسوقة محلياً، أو ما يطلق عليها "التحويلات الاجتماعية" التي تمثل ما يزيد على 35% من مجمل الموازنة العامة للبلاد.
توجيه الدعم مرهون بدراسة ميدانية
في هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي عبد القادر مشدال، إنّ المعطيات الواردة في قانون المالية لسنة 2025 تخصص فصلاً لدعم استهلاك الطاقة بمختلف أنواعها، ضمن مهمة الحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة.
أما في ما يتعلق بالانتقال من الدعم الشامل الذي يصبّ في السعر إلى الدعم الموجه، فذلك يحتاج، حسب الخبير في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى تحديد الفئات المعنية المستحقة له بشكل دقيق، على أنّه لم يستبعد استعمال نوع السيارة معياراً على غرار ما عُمل به في قانون المالية عند تحديد قيمة تعريفة المركبات بناءً على قوة محرك السيارة المعنية.
وأوضح مشدال أنّ تجسيد هذه العملية يستدعي عملاً ميدانياً وتنسيقاً بين عدة قطاعات لضبط قائمة المواطنين أصحاب الأحقية في الحصول على دعم الدولة من غيرهم، وبالتالي الذهاب تدريجياً نحو تحرير سعر الوقود في السوق الداخلية، وهو خيار غير مطروح حالياً من قبل السلطات الجزائرية.
الأسعارفي الجزائر لم تُراجع منذ 2020
لم تتغيّر أسعار الوقود في الجزائر منذ قرابة أربع سنوات، حيث كانت آخر مراجعة سنة 2020 بمقتضى ما جاء في قانون المالية التكميلي، حيث ارتفعت الأسعار آنذاك إلى 44 ديناراً (0.33 دولار) عوضاً عن 41 ديناراً بالنسبة إلى لتر البنزين الخالي من الرصاص، وبلغ سعر المازوت (الديزل) 28.06 ديناراً (ما يعادل 0.21 دولار للتر) بدلاً 23.06 ديناراً، وهي زيادات اعتبرتها الحكومة في وقتها طفيفة لا تمسّ بالقدرة الشرائية للمواطنين، وبررت التوجه اليها بالمساعي الرامية إلى تخفيض حجم التبذير في استعمال هذه المواد الطاقوية.
إلّا أنّ الاتجاه نحو تحرير أسعار الوقود، في المرحلة الراهنة، وفي ظل تداعيات التضخم وانخفاض قيمة الدينار الجزائري، وارتفاع أسعار مختلف المنتجات ذات الاستهلاك الواسع، سيجعل المواطن يواجه تحديات كبيرة، فقد امتصت هذه المؤشرات الاقتصادية في السابق زيادات في أجور العمال التي تبقى منخفضة مقارنة بمعدلات الأجور العالمية.