مخاوف إفلاس "أيفرغراند" تحدث خضة في أسواق المال

21 سبتمبر 2021
مشروعات سكنية لشركة "إيفرغراند" في مدينة شينزن (Getty)
+ الخط -

وسط استباق كبار المستثمرين الخسائر المحتملة من انهيار شركة "إيفرغراند"، كبرى شركات التطوير العقاري في الصين، شهدت مؤشرات أسواق المال العالمية عمليات تراجع حاد في تعاملات بداية الأسبوع، ولا تزال مستمرة.

وباتت التساؤلات تدور حول ما إذا كانت أزمة الشركة العقارية العملاقة ستنتهي إلى الإفلاس بديونها البالغة 307 مليارات دولار، أم أنها تمثل مجرد خضة، وعما إذا كانت الحكومة الصينية التي تعكف على إصلاح سوق المال الصيني ستقدم على إنقاذ الشركة، أم ستتركها لمصيرها المحتوم.

وحتى الآن، أدت أزمة "إيفرغراند" إلى ما يشبه الزلزال في البورصات العالمية، التي تعاني في الأساس من "فقاعة تضخم سعري"، وسط توقعات حدوث عملية تصحيح مؤلمة ربما تصل إلى هبوطها بنسبة 20%، حيث تراجع مؤشر "نيكاي 225" في طوكيو بنسبة 2.2%.

كما خسر ت مؤشرات "وول ستريت" في تعاملات يوم الاثنين، لكن مؤشر هانغ سانغ في بورصة هونغ كونغ استعاد جزءاً من خسائره الحادة يوم الاثنين، وأغلق مرتفعاً، بينما يترقب المستثمرون أداء بورصتي البر الصيني في هونغ كونغ وشينزين اللتين ستعودان للتداول اليوم الأربعاء بعد عطلة الاثنين والثلاثاء.

وتوظف الشركة 200,000 شخص، وهي موجودة في أكثر من 280 مدينة، وتفيد بأنها تستحدث 3,8 ملايين وظيفة صينية بشكل غير مباشر.

وعلى الرغم من المخاوف والسيناريوهات المتشائمة التي تشبه ما سيحدثه انهيار "إيفرغراند" من خضة في البورصات بأزمة مصرف "ليمان براذرز"، التي أدت إلى أزمة المال العالمية في العام 2008، فإن العديد من بيوت الخبرة ومحللي أسواق المال العالمية يستبعدون حدوث أزمة مال جديدة في العالم، وذلك لأن سوق الأسهم الصينية، التي تقدر قيمتها الدفترية بنحو 13 تريليون دولار، تقل كثيراً عن سوق المال الأميركية التي تفوق قيمتها الدفترية 50 تريليون دولار، كما أن سوق السندات الدولارية في الصين ليست ضخمة بحجم سوق السندات الأميركية التي تقدر بنحو 40 تريليون دولار.

وبالتالي، يرى خبراء أن إفلاس شركة "إيفرغراند" سيكون له تأثير محدود على البورصات العالمية، وربما يكون تأثيره أكبر على بعض كبار المستثمرين الغربيين الذين اشتروا السندات الصينية بكثافة خلال العام الجاري بحثاً عن العائد المرتفع، ولكنه لن يؤدي إلى عملية انهيار في أسواق المال الغربية، مثل ما حدث في العام 2008، حينما انهار مصرف "ليمان براذرز".

ويتوقع خبراء أن تداعيات هزة "إيفرغراند" السلبية، في حالة إفلاسها، ستستمر لأيام معدودة في بورصات نيويورك وأوروبا وطوكيو، ثم يتم امتصاصها.

في هذا الشأن، يرى مصرف باركليز البريطاني أن بيئة السوق العالمية ليست مشابهة لما حدث خلال انهيار "ليمان براذارز"، وأشار "يو بي إس" إلى أن مستويات حجم الأصول المتعثرة، أي التي فشل أصحابها في السداد للدائنين، قليلة للغاية بالنسبة لحجم الاقتصاد الصيني الذي يفوق 13.5 تريليون دولار، بينما توقع مصرف "سيتي بنك" أن صانعي السياسة المالية في الصين سوف يتدخلون.

وقال لاري أونغ، من مكتب ساينوإنسايدر للأبحاث، وفق "فرانس برس"، إن "أفضل سيناريو" هو أن تجد السلطات "طريقة لمنع إيفرغراند من إعلان إفلاسها، ومنح دائني الشركة بصيص أمل بأنهم سوف يتفادون حدوث كارثة بالحصول على شيء ما على الأقل، وتجنب ما يمكن أن يتسبب في مزيد من الاضطرابات الاجتماعية". ثم هناك احتمال إعادة الهيكلة مع سيطرة السلطات المحلية على أجزاء من الشركة، في حين يُسمح للأقسام الاستثمارية في الشركة بالتوقف عن العمل. لكن مثل هذا سيكون مهمة ضخمة.

وقال كيلفن وونغ، من مكتب "سي إم سي ماركتس": "أعتقد أن الأمر سيكون على الأرجح عملية إنقاذ هادئة، لأنهم أيضًا لا يريدون أن يقولوا صراحة: نحن هنا لنضخ مبلغ... مليار لإنقاذكم. إنهم لا يريدون في الواقع تعريض السوق لمخاطر أخلاقية بأن يقولوا ... استمروا، واصلوا عملكم كالمعتاد في تطوير العقارات، وسننقذكم في نهاية الأمر".

على صعيد البنوك المركزية الغربية، وعلى رأسها بنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، لاحظ خبراء أن بنك الاحتياط الفيدرالي لا يزال يواصل شراء السندات وجاهز للتدخل لمنع حدوث أية أزمة في السوق تعرقل الانتعاش الاقتصادي الحديث فيها. وبالتالي، يرى محللون أن البنوك المركزية جاهزة لطمأنة المستثمرين عبر التدخل المباشر وضخ الأموال في حال تصاعد القلق الاستثماري في البورصات العالمية.

وحتى الآن، يراقب المستثمرون قدرة شركة "إيفرغراند" على الإيفاء بالتزاماتها المالية تجاه الدائنين، خاصة أن لديها فوائد على السندات الدولارية يحل أجل سدادها يوم غدٍ الخميس.

وحسب بيانات شركة "ستاندرد آند بورز غلوبال" الأميركية للتصنيف الائتماني، فإن "إيفرغراند" يجب أن تدفع 83 مليون دولار قيمة فوائد على سندات دولارية يوم الخميس، وهي سندات أصدرتها لأجل 5 سنوات بقيمة ملياري دولار.

وتوقعت "ستاندرد آند بورز غلوبال" ألا تتمكن الشركة من تسديد هذه الفوائد لحملة السندات، مشيرة إلى أن العائد على سندات الشركة ارتفع هذا الأسبوع إلى 560% مقارنة بعائد 10% في بداية العام الجاري.

وهذا الارتفاع الجنوني في العائد يعكس القلق الشديد الذين ينتاب المستثمرين من إفلاس الشركة وارتفاع الخسائر. كما توقعت "ستاندرد آند بورز غلوبال" كذلك ألا تقدم الحكومة الصينية، التي تعكف على عمليات إصلاح واسعة للأسواق المالية، على إنقاذ الشركة.

كما تشير بيانات "ستاندرد آند بورز" كذلك إلى أن على الشركة العقارية فوائد على سندات دولارية أجل 7 سنوات يحين موعد سدادها يوم الأربعاء المقبل. وعلى الرغم من التوقعات الواسعة بأن تعجز "إيفرغراند" عن تسديد فوائد السندات لحملتها حين يحل موعد سدادها الخميس، فإنه من الناحية الفنية، لن تكون الشركة مفلسة إلا بعد مرور 30 يوماً على التخلف عن السداد.

المساهمون