محاولة اغتيال ترامب... من حق دول المنطقة أن تقلق

14 يوليو 2024
ترامب، 13 يوليو 2024 (ريبيكا دروك/ فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **زيادة فرص ترامب في الانتخابات وتأثير محاولة اغتياله**: محاولة اغتيال ترامب رفعت شعبيته في استطلاعات الرأي إلى 69% مقارنة بـ 31% لبايدن، مما يعزز فرصه في الانتخابات المقبلة.

- **سياسات ترامب الاقتصادية وتأثيرها على دول المنطقة**: يركز ترامب على تعزيز الاقتصاد الأميركي على حساب دول العالم، ومن المتوقع أن يستمر في مطالبة دول الخليج بدفع الأموال مقابل الحماية.

- **السياسة الخارجية لترامب وتأثيرها على العلاقات الدولية**: سيواصل ترامب الضغط على الدول لخفض أسعار النفط، وفرض عقوبات على روسيا، وفتح حروب تجارية ضد الصين، وتعزيز التطبيع مع إسرائيل.

رفعت محاولة اغتيال المرشح الرئاسي دونالد ترامب من حظوظه للعودة للبيت الأبيض، ومع احتمال تلك العودة يعود القلق إلى بعض حكومات دول المنطقة التي تخشى من سياساته الغاشمة وجشعه وهوسه بجمع المال وابرام الصفقات وحصد مليارات الدولارات سواء لصالح الاقتصاد الأميركي، أو لصالح مشروعاته الخاصة. ولذا فإن على تلك الدول الاستعداد من الآن فصاعداً لسيناريو فوز ترامب في الانتخابات الأميركية المقبلة بعد أن زادت فرصه في حصد السباق الرئاسي المقرر في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، حيث حصل في استطلاعات الرأي الأخيرة على نسبة 69%، على خلفية محاولة اغتيال ترامب في بنسلفانيا، بل إن وكالة "بلومبيرغ" الأميركية توقعت اليوم الأحد أن تزيد حادثة إطلاق النار عليه من شعبيته خلال الانتخابات المرتقبة.

صحيح أن من المبكر الجزم بفوز ترامب، خاصة أنه لا يزال يتبقى على موعد الانتخابات نحو 4 أشهر، لكن لو سارت الأمور على ما هي عليه من ارتباك شديد داخل معسكر الرئيس جو بايدن الذي حصل في استطلاعات الرأي وأسواق التنبؤ الأخيرة على 31% من نيّات التصويت، فإن نسب حظوظ ترامب تظل قوية، وربما تكون محاولة اغتياله قد مهدت طريقه للعودة إلى البيت الأبيض بعد أن غادره في العام 2021.

ترامب يهمه سحب المزيد من المليارات إلى اقتصاد بلاده، وتوفير مزيد من فرص العمل والرفاهية للمواطن الأميركي على حساب كل دول العالم

ولذا، على دول المنطقة الاستعداد لتلك الخطوة المتوقعة ووضع سيناريوهات عدة للتعامل مع السياسات والمواقف التي يمكن أن يتبناها ترامب في دورته المقبلة قياساً على تلك المطبقة في فترته الأولى، ومنها مطالبة بعض دول الخليج بدفع الأموال مقابل توفير الحماية، والعودة إلى سياسة ابتزاز تلك الدول مالياً، والضغط عليها للحصول على صفقات بعشرات المليارات من الدولارات كما جرى في العام 2017، إذ أبرم اتفاقيات وصفقات تتجاوز قيمتها 400 مليار دولار مع الرياض.

صحيح أنه في فترته السابقة، التي امتدت من 2017-2021، استغل أجواء الخلافات الخليجية الحادة وأزمة حصار دولة قطر من 4 دول عربية، لكن ومن منطلق أن الرجل سمسار، لن يعدم حيلة في إيجاد مبررات جديدة لحصد مليارات أخرى دون وجه حق أو مبررات اقتصادية.

وخلال فترته الأولى، سعى ترامب لإنشاء تكتل خليجي في وجه إيران المارقة من وجهة نظره، وتطبيع العلاقات السياسية والاقتصادية مع دولة الاحتلال بشكل غير مسبوق والاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، وسيواصل الضغط تجاه إعطاء دفعة قوية في ملف التطبيع في ولايته الجديدة رغم كل ما جرى من حرب إبادة جماعية في غزة على مدى شهور طويلة من طرف جيش الاحتلال، وبالطبع سيدعم إجرام إسرائيل ضد أهالي فلسطين في حال استمرار الحرب حتى موعد تسلمه السلطة.

ترامب وسياسة الدولار القوي

ترامب الذي تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة يؤمن أيضاً بفكرة الدولار القوي، ولذا سيضغط بكل قوته على أي دولة أو قوى اقتصادية تسعى إلى فك ارتباط عملاتها المحلية بالدولار، أو التخلي عن آلية البترودولار في تسعير النفط والغاز، بل سيواجه أي تجمع يراه يشكل أي تهديد ولو كان بسيطاً للعملة الأميركية مثل تجمع البريكس أو تجمع دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، أو دخول الصين في تحالف مع روسيا واقتصادات مهمة في أميركا اللاتينية، أو الهند مع روسيا.

ترامب يرى أيضاً أن جزءاً من التضخم داخل الولايات المتحدة سببه زيادة سعر النفط ومشتقات الوقود في الأسواق العالمية، ولذا سيضغط بكل قوته على الدول الخليجية المنتجة للنفط لخفض سعر الخام الأسود، مع الدخول في معارك متواصلة ضد روسيا، وفرض مزيد من العقوبات بحق قطاع النفط والغاز الروسي، وتهديد تجمع ،"أوبك+"، الذي يجري من خلاله التنسيق بين الدول المنتجة للنفط وموسكو، وتم من خلاله ضبط أسعار النفط في السنوات الأخيرة والحيلولة دون انزلاقها في فترات الركود وضعف الطلب وزيادة المعروض.

ترامب سيضغط بكل قوته على دول الخليج المنتجة للنفط لخفض سعر الخام الأسود، مع الدخول في معارك متواصلة ضد روسيا، وفرض مزيد من العقوبات بحق قطاع النفط والغاز الروسي

كما أن ترامب سيعيد فتح حروبه التجارية الشرسة ضد الصين، ولذا سيضغط على دول الخليج أيضاً لتقليص علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع بكين وروسيا، وقد يهدد مجدداً بمصادرة الأموال العربية في البنوك الأميركية كما هدد في العام 2018.

ترامب تاجر لا خطوط حمراء لديه لحصد الصفقات، لا يهتم كثيراً بقضايا الحريات وحقوق الإنسان عكس جو بايدن وفريقه وحزبه، ويركز في الأساس على قضايا التجارة والبزنس والاستثمار ويعلي المصلحة الاقتصادية والمالية فوق كل اعتبار، وهي نقطة في مصلحة بعض الأنظمة المستبدة في المنطقة والتي قد ترى أن عودته إلى سدة الحكم تصب في مصلحة الشرق الأوسط ومنطقة الخليج، لأنه يلجم إيران والثورات الشعبية.

موقف
التحديثات الحية

عودة ترامب المحتملة إلى سدة الحكم ستدخل تعديلات جوهرية على السياسية الخارجية الأميركية، وقد تقلبها رأساً على عقب من جديد، ولذا على جميع حكومات دول المنطقة إعادة ترتيب أوراقهم من الآن، وعدم الانتظار حتى نهاية العام الجاري، خاصة أنه قد تكون لدى ترامب خطط لسحب المزيد من المليارات من الخزائن الخليجية، وإعادة الحديث عن صفقة القرن.

صحيح أن السنوات الثلاث الأخيرة شهدت تغيرات عدة في المنطقة، خصوصاً في دول الخليج من ناحية التعاطي مع قضايا دولية رافقتها خلافات مع واشنطن في قضايا سياسية واقتصادية، وإقامة علاقات مع لاعبين عالميين جدد مثل الصين والهند وروسيا وتجمع البريكس، وفتح صفحة جديدة مع إيران المجاورة.

لكن ترامب سيظل كما هو تاجر يهمه سحب المزيد من المليارات إلى اقتصاد بلاده، وتوفير مزيد من فرص العمل والرفاهية للمواطن الأميركي على حساب كل دول العالم، حتى لو أدى ذلك إلى نشر الفقر والجوع وربما الفوضى في باقي دول العالم.