استمع إلى الملخص
- التوترات السياسية حول معبر رفح: مصر ترفض إدارة المعبر منفردة مع إسرائيل، وتطالب بتسليمه للسلطة الفلسطينية، بينما تطالب إسرائيل بتسليم المساعدات للجنة أمنية تابعة لها، مما يعقد الوضع ويمنع وصول المساعدات.
- استغلال سياسي للمساعدات: بعض الأطراف العربية تستغل الوضع لتحقيق أهداف سياسية، مما يعقد الحلول ويزيد معاناة سكان غزة، حيث ترتفع أسعار السلع بسبب الضرائب المفروضة من قبل سلطة الاحتلال.
رغم الهدوء النسبي التي تشهده منطقة الحدود بين غزة ورفح المصرية، أصيبت حركة دخول المساعدات الإنسانية إلى المنكوبين داخل القطاع بالشلل التام للشهر السابع على التوالي.
تشهد المناطق المتاخمة للحدود بين رفح المصرية والفلسطينية تشوين كميات هائلة من المنتجات الغذائية التي فسدت، وألقيت على جانبي الطرق، مع مغادرة الشاحنات التي انتظرت أسابيع لدخولها إلى القطاع دون جدوى.
وقال شهود عيان في رفح لـ"العربي الجديد" إن السلطات المصرية أجرت فرزا شاملا لمحتويات المنتجات المكدسة بالشاحنات، والمخازن التي أقيمت في العريش ورفح والشيخ زويد، لاستبعاد المنتجات القابلة للتلف، والاحتفاظ بالسلع الصالحة للاستهلاك لفترة زمنية طويلة، لإعادة تخزينها بالقرب من منطقة معبر رفح، انتظارا للتوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس لوقف إطلاق النار، على غرار ما حدث في لبنان، يسمح بدخول المساعدات العاجلة للمتضررين الذين يعانون مجاعة خطيرة ونقصاً شاملاً بالأدوية والمعدات الطبية.
وأكدت مصادر بمنطقة معبر رفح، رفضت ذكر اسمها، لـ"العربي الجديد" إن دخول المساعدات الغذائية والطبية إلى غزة، توقف تماما بعد احتلال معبر رفح الذي يربط بين رفح المصرية والقطاع، مشيرة إلى رفض مصر الشروط التي فرضها الاحتلال بالتعامل على المعبر خلال المفاوضات حول هذا الملف، والتي تشمل إبعاد "حماس" والسلطة الفلسطينية عن المعاملات التي تجري عبر معبر رفح.
ورغم إغلاق معبر رفح يتواصل وصول المساعدات إلى الحدود وكان آخرها منذ عدة أيام حيث وصلت 65 شاحنة تحت رعاية الأمم المتحدة ودخلت عبر معبر كرم أبو سالم. وما زالت عشرات آلاف الأطنان من المساعدات التي وصلت من دول عربية وأجنبية ومنظمات إغاثية مركونة عند الحدود في انتظار انفراج أزمة معبر رفح.
وفي 7 مايو/أيار الماضي، سيطر الجيش الإسرائيلي على معبر رفح، ومنع دخول المساعدات بشكل كامل، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة. وحذرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" الأسبوع الماضي، من تداعيات وصول الجوع في قطاع غزة إلى مستويات حرجة، مطالبة بوقف إطلاق النار فورا. وقالت الوكالة الأممية في بيان: "وصل الجوع في غزة إلى مستويات حرجة، حيث يبحث الناس عن بقايا الطعام في النفايات التي مضى عليها أسابيع".
رغبة في تسليم معبر رفح للسلطة الفلسطينية
وترفض مصر التعامل نهائيا مع الجانب الإسرائيلي منفردا بمعبر رفح، حتى لا تقر مبدأ يسعى الاحتلال إلى فرضه بصفة دائمة، مشيرة إلى أن رغبة السلطات المصرية بتسليم المعبر إلى السلطة الفلسطينية، وفقا لاتفاق فيلادلفي، الذيينظم تشغيل المعبر بين مصر والسلطة الفلسطينية، بما يضمن مراجعة لاحقة من الجانب الإسرائيلي كشوف الوافدين والمغادرين للقطاع والإخطار المسبق لدخول المواد الخطرة والعسكرية. وأوضحت المصادر أن الجانب الإسرائيلي، بعد احتلاله معبر صلاح الدين، يطلب تسليم المساعدات التي تأتي إلى غزة عبر رفح إلى لجنة أمنية تابعة لإدارة الحكم العسكري للاحتلال، على أن تتولى توزيعها بمعرفتها، بما ضيق الخناق على أبناء القطاع، وحرمهم من المساعدات الإنسانية كافة التي تأتي من الخارج.
وأكدت المصادر أن سلطات الاحتلال تجري مفاوضات مع مصر والأردن التي لديها علاقات دبلوماسية مع الجانب الإسرائيلي، لإدخال بعض المساعدات المرسلة من دولة الإمارات والمنظمات الدولية، بعيدا عن التنسيق مع السلطة الفلسطينية عن طريق المعابر الخمسة التي تربط قطاع غزة بالأراضي المحتلة عام 1948، تشمل معابر كارنيا وصوفا وكوسوفين وبيت حانون "ايرز" وكرم أبو سالم، الذي يفترض أن يكون تحت إدارة ثلاثية بين مصر والسلطة الفلسطينية وسلطة الاحتلال.
سيطرة إسرائيلية على كرم أبو سالم
ومن جانبه، أكد مصدر فلسطيني، رفض ذكر اسمه، لــ" العربي الجديد" أن معبر كرم أبو سالم تسيطر عليه حاليا القوات الإسرائيلية بالكامل، التي تديره منفردة، لإدخال بعض البضائع التي تأتي من الأردن والإمارات، وتدخل القطاع بتنسيق مباشر بين مسؤولي وسفارتي الدولتين وسلطة الاحتلال، مضيفا أن المنظمات الدولية كالصليب الأحمر و"الأونروا" وهيئة الأمم المتحدة ومنظماتها الدولية والاتحاد الأوروبي، والمطبخ العالمي، تدخل المساعدات عن طريق المعابر الخمسة، بالتنسيق مع سلطة الاحتلال.
وأشار المصدر الفلسطيني إلى دخول بعض البضائع عن طريق تجار مرورا بالمعابر الخمسة، بعد دفع ضرائب هائلة كرسوم عبور من جمارك المعابر، من قبل سلطة الاحتلال، بما يدفع إلى زيادة كبيرة في أسعار تلك السلع، تحول دون قدرة المواطنين في غزة على شرائها، حيث تباع بأسعار خيالية، خاصة بالمناطق المحاصرة على مدار الساعة.
توجيه مساعدات للفلسطينيين في مصر
من جهته، قال أمين لجنة المقاومة الشعبية الفلسطينية في القاهرة ياسين عبد القادر إن جهات مصرية وجهت بعض المساعدات الطبية والمالية التي قدمتها هيئات الإغاثة المحلية والمتبرعون إلى المرضى الذين يعالجون بالمستشفيات المصرية حاليا، والأسر التي انقطعت بها السبل ممن خرجوا من القطاع بعد العدوان الوحشي الإسرائيلي ولم تعد لديهم القدرة على العودة إلى ديارهم أو مصدر دخل يعينهم على البقاء خارج فلسطين.
كما أشار عبد القادر إلى ضعف دور الدول التي لديها علاقات دبلوماسية مع الكيان الإسرائيلي في إدخال المساعدات.
وبين أن عدم الضغط السياسي على الجانب الإسرائيلي في تقديم تسهيلات تضمن وصول المساعدات إلى المنكوبين دون أن تتعرض للنهب والسلب من جانب العصابات الصهيونية، أو المصادرة من قوات الاحتلال، وراء تفشي الجوع بين المحاصرين في غزة، وخاصة المناطق الشمالية والوسطى التي تتعرض للقصف بالطائرات والدبابات، طوال اليوم.
وأوضح أن الدول المطبعة مع الاحتلال لا يمكن لها أن تشارك في وقف المجاعة، مبينا أنه في حالة عدم رغبة إسرائيل بتسليم المساعدات إلى حماس يمكن لها تشكيل لجنة من الفصائل الفلسطينية كافة لاستلامها وتوزيعها تحت إشراف أممي، لإنقاذ المحاصرين من الموت جوعا، الواقعين بين قصف إسرائيلي متواصل على بيوتهم وطقس سيئ يزيل خيام اللاجئين.
استغلال سياسي للمساعدات
على صعيد متصل، أكد الخبير بالشأن الفلسطيني أسامة شعث، أن بعض الأطراف العربية لا ترغب في بقاء حماس أو عودة السلطة للسيطرة على إدارة الشأن الفلسطيني بالضفة أو القطاع، موضحاً لـ"العربي الجديد" أن هذه الأطراف تسعى إلى إنشاء حكومة إدارية تتسلم بالتدريج صلاحيات السلطة في غزة والضفة، لضمان توزيع المساعدات والتوصل إلى وقف لإطلاق النار مع الطرف الإسرائيلي، دون أن تقدم حلا سياسيا شاملا، للقضية الفلسطينية. وكانت سلطات الاحتلال قد ألغت الاتفاقية التي تنظم عمل وكالة "الأونروا" في الأراضي المحتلة، الأمر الذي وصفته الفصائل الفلسطينية بأنه مخالف لمواثيق الأمم المتحدة والقانون الدولي.