أعلنت مجموعة اقتصادات الدول الخمس الكبرى الناشئة (بريكس)، أخيرا، من جوهانسبورغ، أنها توصلت إلى توافق حول المبادئ التوجيهية والمعايير والإجراءات المتعلقة بتوسع التحالف وقبول ست دول جديدة لتكون كاملة العضوية اعتبارا من الأول من يناير/ كانون الثاني 2024.
وسيتضاعف حجم المجموعة التي ستحمل اسم "بريكس بلاس" مع انضمام السعودية والإمارات العربية المتحدة وإيران وإثيوبيا والأرجنتين ومصر، وستشكل جميعها ما يزيد عن 37% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي حسب معدل القوة الشرائية وتمثل 46% من سكان العالم.
واعتبر الخبير السياسي يواخيم كراوزه مع "فوكوس أونلاين"، في وقت سابق من هذا الأسبوع، أن بلدان بريكس بلاس ذات المصالح المختلفة للغاية ستتعاون بطريقة أو بأخرى للتخلص من أي اعتماد محسوس على الولايات المتحدة أومجموعة الدول الغربية، وبالتالي تشكيل ثقل موازن للهيمنة الجيوسياسية والاقتصادية للغرب.
ومع ذلك، فان تنفيذ هذا الهدف ليس بالأمرالسهل، ويزداد صعوبة بسبب حقيقة أن حكومات هذه الدول ستسعى لتحقيق مصالح لا تتوافق في كثير من الأحيان بعضها مع بعض، ومن المرجح أن يؤدي التوسع إلى تفاقم هذه المشكلة.
وأوضح أن السؤالان الحاسمان هنا هما: ماذا تعني مجموعة بريكس من حيث الجوهر بعيدا عن كل الخطابات المناهضة للغرب والولايات المتحدة؟ وماذا يتوقع المتقدمون من الانضمام إلى المجموعة؟
وحيال ذلك أيضا، أفاد كراوزه بأن الصين تمتلك وحدها ما يلزم لتحدي الولايات المتحدة من حيث سياسات القوة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وقد دخلت في تحالف عسكري مع روسيا، لكن إلى حد ما، فإن دولة مثل البرازيل تدعو إلى الحذر لأنها لا تريد أن تصبح شريكة في سيادة عالمية للصين وروسيا، فيما لا تزال الهند وجنوب أفريقيا غير مستعدتين للانغماس مع المواقف الروسية والصينية بشأن قضايا النظام السياسي.
وعن مدى تأثير ذلك، ذكر موقع ميركور الألماني أن برازيليا ونيودلهي عارضتا منذ مدة طويلة التوسع السريع، وأن لديهما خشية من أن يؤدي العدد الكبير من الأعضاء إلى تقليل نفوذهم في المجموعة لصالح بكين. والمزيد من القوة لبكين وموسكو يعني أيضا أن المجموعة لديها توجه قوي مناهض للغرب، وهذا ما لا تريده تلك الدول.
وكتب الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا أخيرا على منصة إكس: "دول البريكس لا تعارض مجموعة السبع أو مجموعة العشرين أو أي شخص آخر".
وأعرب كراوزه عن اعتقاده أنه ورغم أن التحالف سيزيد من عدد كارهي أميركا قليلا، لكن العديد من الأعضاء يفضلون الحصول على ضمانات أمنية من الولايات المتحدة. ولذلك ليس من المتوقع أن يزداد الثقل الدولي لخصوم الغرب مع زيادة عدد الدول الاعضاء في بريكس.
وعليه، من المرجح أن يكون العكس هو الحال بحسب كراوزه، فتماما كما هو الحال مع منظمة شنغهاي للتعاون التي تهدف أيضا إلى خلق ثقل سياسي موازٍ للغرب، تتقدم القوى المركزية بطلب العضوية من أجل منع هذه المنظمات من التحول إلى أدوات للقوى الروسية والصينية. لذلك كلما زاد عدد أعضاء بريكس ومنظمة شنغهاي، أصبحتا أقل ضررا.
من جهة ثانية، اعتبر كراوزه أن الهيمنة الاقتصادية للغرب تعني قبل كل شيء الدور الذي يلعبه الدولار الأميركي باعتباره العملة الدولية الرائدة، لأنه من دون هيمنة الدولار، ستكون العقوبات المفروضة غير فعالة، وهي التي تؤثر أيضا على دول ثالثة، مشيرا إلى أن انتقاد الدور الذي يلعبه الدولار الأميركي كعملة احتياطية أمر، وتقديم بديل له أمر آخر.
وأوضح أن هيمنة الدولار تعتمد على قوة الاقتصاد الأميركي وثقة اللاعبين الاقتصاديين الدوليين في السياسات الواضحة المتبعة من قبل الاحتياط الفيدرالي. وتابع: "يبقى أن نرى ما إذا كان توسع مجموعة بريكس يمكن أن يكون خصما قويا أم مجرد منافس رغم المصالح المتنوعة لدولها، وكذلك الحال بالنسبة لهياكلها وأهدافها الاقتصادية والسياسية".
واعتبرت الخبيرة في الشؤون الصينية في جامعة إرلانغن ـ نورمبرغ إيفا سايفرت مع إيبن ميديا، أن بريكس بلاس ستكتسب المزيد من الظهورالدولي في المستقبل، ما سيريح بكين بشكل خاص لما ستشكله من كتلة اقتصادية، لكن من غير الواضح ما إذا سيكون بإمكان المجموعة القدرة على الاتفاق حول أفكار ملموسة لتشكيل النظام العالمي الجديد الذي تصبو إليه.
في هذا الصدد، دعا السياسي الأوروبي عن حزب الخضر راينهارد بوتيكوفر، والذي يرأس أيضا وفد البرلمان الأوروبي للعلاقات مع الصين، إلى نوع من اليقظة والتأهب في الغرب، وإلى اتباع نهج أقوى للاتحاد الأوروبي تجاه الدول الفقيرة بعد التوسع الجديد لدول بريكس.
وأشار من بروكسل أخيرا إلى أن هذا التطور يمثل تحديا هائلا للاتحاد الأوروبي، وأن هيمنة الصين ستنمو وسيصبح تحالف بريكس الموسع متحكم فيه بشكل واضح من مجموعة استبدادية.
وأضاف: "ليس أمام التكتل سنوات عديدة ليثبت أننا كأوروبيين قادرين أن نكون شركاء موثوقين وعادلين وذوي مصداقية"، ومحذرا من أنه إذا ما فشل ذلك، فقد تصبح بريكس نقطة التلاشي بالنسبة للعديد من هذه الدول.