مجلس الوزراء العراقي يقرّ أعلى موازنة مالية في تاريخ البلاد: النفقات التشغيلية 3 أضعاف الاستثمارية
أقرّ مجلس الوزراء العراقي، مساء أمس الإثنين، أضخم موازنة مالية في تاريخ البلاد، مستغلاً ارتفاع أسعار النفط عالمياً، والذي يشكّل أكثر من 95% من العائدات البلاد المالية، وسط اعتراضات خبراء مال وقانون حيال بنود الموازنة، التي من المقرر أن تصل في وقت لاحق من هذا اليوم إلى البرلمان، للبدء في مناقشتها قبل التصويت عليها.
وزادت الموازنة التشغيلية بنحو 10 تريليونات دينار عن موازنة عام 2020، إذ بلغت هذا العام نحو 75% من إجمالي الموازنة العامة، تذهب على شكل مرتبات شهرية للموظفين والعاملين بالقطاع العام.
ولا يتيح القانون للعجز المالي في الموازنة أن يتجاوز 3% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو ما خالفته الموازنة الحالية.
مناقشات وتعديلات متوقعة
ووفقاً لعضو في البرلمان العراقي، طلب عدم الإفصاح عن اسمه، في حديث لـ"العربي الجديد"، فإنّ الموازنة المالية من المقرر أن تصل في وقت لاحق اليوم الثلاثاء إلى البرلمان، على أن تقرّر رئاسة البرلمان إدراجها في جدول أعمال الجلسات المقبلة، متوقعاً أن تستغرق عملية إقرارها وقتاً لا يقل عن شهر ولا يزيد عن 45 يوماً.
وكشف النائب عن "وجود توافق من قبل القوى السياسية على حجم الموازنة، لكن هناك اختلافاً على بعض بنودها الحالية، المتعلقة بأبواب الصرف".
وكشف أنّ هناك خلافات أيضاً حول "مسألة كيفية تحديد المحافظات الأكثر فقراً التي خصصت لها الحكومة موازنة تنموية، إلى جانب قلة المبالغ المخصصة للمحافظات المحررة من تنظيم داعش، لغرض إعمارها، حيث بلغت 500 مليار دينار وهو مبلغ لا يكفي لمدينة واحدة مثل الموصل"، وفق قوله.
وتوقع النائب أن تكون هناك تعديلات على بنود وأبواب عديدة منها، داخل البرلمان قبل التصويت عليها.
من جانبه، اعتبر الخبير المالي علي السعدي موازنة العام الحالي "مجازفة" من الحكومة باقتصاد البلاد ووضعها المالي، متسائلاً، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن وضع الاقتصاد في حالة انهيار أسعار النفط كما حدث في أعوام سابقة.
وتمثل العائدات النفطية نحو 95% من إيرادات الموازنة العراقية.
ويضيف السعدي أنّ "مشاريع عدة غابت عن الموازنة، مثل الحديث عن مشاريع استثمار الغاز العراقي للاكتفاء ذاتياً عن الاستيراد من إيران، أو بناء مصافٍ للمشتقات النفطية لوقت الاستيراد، وإحياء المصانع والمعامل المتوقفة".
وأشار إلى أنّ الموازنة تؤكد أنّ العراق أمام متطلب سنوي لتوفير 150 تريليون دينار كمرتبات، لافتاً إلى أنّ انخفاض النفط دون 50 دولاراً للبرميل سيتسبب في أزمة رواتب.
موازنة تشغيلية مرتفعة
وبلغت الموازنة المالية للعام 2023 أكثر من 197 تريليون و828 مليار دينار عراقي، (نحو 152.2 مليار دولار)، وبعجز إجمالي بلغ 63 تريليون دينار عراقي، وصفته الحكومة بأنه "مسيطر عليه".
وقالت الحكومة، في بيان لها، إنّ العجز مغطى بالكامل من خلال مجموعة مصادر، منها المبلغ المدور في وزارة المالية، من حصة حوالات الخزينة في البنك المركزي، وسندات وقروض داخلية ومصادر أخرى.
واعتمدت الحكومة سعر النفط الخام في الموازنة عند 70 دولاراً للبرميل، متوقعة تصدير نحو 3.5 ملايين برميل من النفط الخام يومياً، منها 400 ألف برميل يومياً عن طريق إقليم كردستان.
مجلس الوزراء يوافق على مشروع قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنوات المالية 2023 و 2024 و 2025، في جلسته الاعتيادية المنعقدة برئاسة رئيس مجلس الوزراء @mohamedshia ويحيله إلى مجلس النواب. pic.twitter.com/eY2w6V63uF
— المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء 🇮🇶 (@IraqiPMO) March 13, 2023
وقال رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إنّ "إجمالي المُوازنة يبلغ أكثر من 197 تريليون دينار، منها 140 تريليون دينار للموازنة التشغيلية و47 تريليون دينار للموازنة الاستثمارية".
وأوضح، في بيان الحكومة، أنّ "الإيرادات النفطية المتوقعة تبلغ أكثر من 117 تريليون دينار على أساس سعر النفط بـ 70 دولاراً، والإيرادات غير النفطية تبلغ أكثر من 17 تريليون دينار".
وأضاف أنّ "ارتفاع الموازنة جاء بسبب تثبيت المحاضرين والعقود في كل الوزارات، فضلاً عن المديونية". وختم بالقول إنه سيطلب "من البرلمان الحضور في الجلسة الثانية لقراءة الموازنة"، واصفاً قانون الموازنة بأنه "لكل العراقيين".
يشار إلى أنّ أعلى موازنة في تاريخ العراق كانت في عام 2012، خلال تولي نوري المالكي دورته الحكومية الثانية، بواقع 118 مليار دولار، بينما بلغت آخر موازنة أقرّها البرلمان عام 2021 نحو 88 مليار دولار، على تقدير سعر برميل النفط الواحد 45 دولاراً.
(الدولار= 1300 دينار عراقي)