مجتمع الأعمال المصري غير متفائل: توقع استمرار الركود والتضخم

24 سبتمبر 2022
قلق يسيطر على عالم الأعمال في مصر (Getty)
+ الخط -

كشفت دراسة فنية حول توقعات مجتمع الأعمال المصري لنتائج الربع الثالث من العام (يوليو/تموز ـ سبتمبر/ أيلول) بعدم شعور شركات القطاع الخاص بالتفاؤل مع استمرار الصعوبات التي تواجه ممثلي الشركات محليا، واضطراب سلاسل التوريد وارتفاع تكاليف الشحن، نتيجة تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا واستمرار الانكماش في النمو الاقتصادي خلال الربع الأخير من العام الحالي. 

وأكدت دراسة "بارومتر الأعمال"، التي يصدرها المركز المصري للدراسات الاقتصادية تحت إشراف نخبة من الأكاديميين وكبار رجال الأعمال، أن الربع الثاني من العام الحالي (إبريل/ نيسان حتى يونيو/ حزيران) شهد تراجع مؤشر أداء الأعمال للربع الثالث على التوالي، مسجلا انخفاضا قدره 3 نقاط عن المستوى المحايد، بما يعكس ركود السوق المحلي.

 وأوضحت الدراسة أن الركود ناتج عن ارتفاع تكلفة أسعار المنتجات والخامات وقلتها، مع صعوبة الاستيراد، وضعف قدرة البنوك على تدبير العملة، واستمرار ارتفاع أسعار المواد الخام والطاقة، وبطء إجراءات الاعتمادات المستندية، التي أدت إلى انخفاض كبير في واردات المواد الخام، بما يهدد بتوقف النشاط الاقتصادي.

وأشار المؤشر، الذي استطلع آراء ممثلي 120 شركة تغطي مختلف القطاعات والأحجام وتعكس رؤى مجتمع الأعمال، إلى تراجع أداء كافة الشركات خلال الربع الثاني، حيث سجلت قيما أدنى من المستوى المحايد -50 نقطة- وأقل من نظيره عام 2021، وبوتيرة أقل حدة من الربع السابق، بما يعكس الصعوبات المشتركة التي تواجهها الشركات وأدت إلى ركود الأسواق.

استمرار الصعوبات

وبيّن المؤشر أن كافة الشركات أبدت عدم تفاؤلها بشأن الأداء خلال الربع القادم، أكتوبر/ تشرين الأول حتى ديسمبر/ كانون الأول، وبخاصة الشركات الصغيرة، مع استمرار الصعوبات التي تواجه مجتمع الأعمال محليا وارتفاع مستوى عدم اليقين حول تحسن أوضاع الاقتصاد العالمي، مع استمرار الحرب في أوكرانيا. 

وأظهرت دراسة" بارومتر الأعمال" تدهور أداء قطاعات الخدمات المالية والنقل والصناعات التحويلية، ورغم تحسن أداء قطاعات والتشييد والبناء، بنسب ضعيفة أعلى من المستوى المحايد، فإنه يعاني من صعوبة إجراءات الترخيص والاشتراطات الجديدة في قانون البناء الموحد وزيادة الأعباء الضريبية عليه.

ورصدت الدراسة تسجيل قطاع الخدمات المالية انخفاضا كبيرا عن المستوى المحايد، مع تراجع معدلات التداول بسبب طرح شهادات استثمار بفائدة 18%، ما تسبب بخروج بعض المستثمرين من البورصة، بالإضافة إلى الأحداث الجيوسياسية، التي أدت إلى انخفاض معدلات التداول في معظم أسواق العالم، باستثناء السوق الخليجية، والبيع المكثف من قبل المستثمرين الأجانب، الذي بلغ 20 مليار دولار خلال الأشهر الأولى من الحرب الروسية. 

توقعت الدراسة تراجع قطاع السياحة والصناعات التحويلية خلال الربع المقبل، مع انتهاء الموسم الصيفي وانخفاض الدخول الحقيقية مدفوعة بارتفاع التضخم، ومع استمرار مشاكل استيراد الخامات من الخارج، وارتفاع أسعار الشحن، وعدم توفر مستلزمات الإنتاج وارتفاع تكلفتها، مع تراجع الطلب وارتفاع التضخم. وجاءت توقعات الخدمات المالية غير متفائلة بشأن الأداء خلال الربع القادم (أكتوبر ـ ديسمبر) مع عدم وضوح الرؤية بالنسبة للمستثمرين بشأن تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية، وانخفاض معدلات التداول في معظم الأسواق العالمية، نتيجة الحرب، وتوقع حدوث انكماش كبير في البورصة بسبب خروج الأموال الساخنة من مصر في الفترة الأخيرة. 

وكشفت الدراسة عن المعوقات التي واجهت مجتمع الأعمال خلال الفترة من إبريل إلى يونيو 2022، حيث تصدر ارتفاع تكاليف الإنتاج قائمة المعوقات لكافة الشركات، يليه ارتفاع غير مسبوق في التضخم، وضعف القوة الشرائية، واستمرار التحديات المرتبطة بالمنظومة الجمركية، نتيجة زيادة رسوم الانتظار وغرامات التأخير، بالإضافة إلى الروتين والبيروقراطية في التعامل وعدم وجود شفافية.

عكست الدراسة عدم وضوح إجراءات التعامل مع الجمارك، وزياد الرسوم الخاصة بالخدمات الحكومية، من دون أن يقابلها تحسن حقيقي فيها، منها رسوم التأمينات الجمركية ورسوم الطرق والجسور والتراخيص والتسجيل ورسوم هيئة تنمية الصادرات وسلامة الغذاء والأمن الصناعي.

اشتداد المعاناة

وشددت الدراسة على وجود معوقات تتعلق بالقرارات المفاجئة التي تصدرها الجهات الحكومية، وسرعة تنفيذها على المستثمرين، من دون منح مدة كافية للتوافق معها، وعدم مشاركة مجتمع الأعمال في القرارات الحكومية، وعدم تبني الحكومة مشروعات استثمارية كبرى، تخدم قطاعات متعددة كالصناعات المغذية، وارتفاع مصروفات وكلاء الشحن بصورة مبالغ فيها وصعوبة تدبير العملة الأجنبية.

أظهرت الدراسة أن معاناة مجتمع الأعمال اشتدت في الأشهر الماضية، بسبب الارتفاع الكبير في معدلات التضخم، ومثل التدهور في الجنيه مقابل الدولار أكبر المعوقات أمام المستثمرين، وجاء ارتفاع تكاليف الإنتاج والتضخم وضعف القوة الشرائية على رأس التحديات التي تواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة.

وجاء ارتفاع التضخم كأكبر معوق يواجه قطاعات الصناعات التحويلية والتشييد والبناء والسياحة والاتصالات، بينما برز تخبط السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية كأكبر معوق يواجه قطاع الخدمات المالية، وتغير سعر الصرف كأكبر معوق يواجه قطاع النقل. 

حددت الدراسة أولويات تحسين مناخ الأعمال، التي يجب على الحكومة العمل لحلها بالتنسيق مع مجتمع الأعمال، شملت تحسين آليات التحول الرقمي للخدمات الحكومية، ومواجهة الدولة ارتفاع معدلات التضخم، وتسهيل الإجراءات الجمركية.

وسجلت الدراسة اتفاق الشركات الكبيرة في الأداء المنخفض والمتوقع من الشركات الصغيرة والمتوسطة نتيجة التراجع التدريجي للطلب في الأسواق المحلية، وعدم توفر المواد الخام، على الرغم من وجود طلب من السوق الخارجية، وجاءت قيم المؤشر أقل منها في الربع المناظر لعام 2021.

وذكرت الدراسة الارتفاع غير المسبوق في أسعار المدخلات ومؤشر الأجور، ما انعكس في صورة ارتفاع كبير في أسعار المنتجات النهائية، على مستوى كافة أحجام الشركات، ورغم التحسن الطفيف في مؤشر الاستثمار للشركات الكبيرة، وثباته للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، تراجع مؤشر التشغيل لكافة الشركات.

وتوقعت الدراسة تحسن مؤشري الإنتاج والمبيعات خلال الفترة من يوليوإلى سبتمبر 2022، بينما تتوقع كافة الشركات استمرار الارتفاع في أسعار المدخلات وتكاليف الإنتاج، نتيجة وجود مؤشرات باستمرار ارتفاع أسعار المواد الخام، وتوقع زيادة رسوم الخدمات الحكومية ومنها الجمركية، وزيادة أسعار مواد التعبئة والتغليف والشحن ونقل البضائع، وعدم اليقين حيال انتظام سلاسل التوريد في المدى القريب. 

أشارت الدراسة الدورية للمركز المصري للدراسات الاقتصادية، التي أشرفت عليها عبلة عبد اللطيف، المدير التنفيذي، ونخبة من الباحثين الاقتصاديين، إلى استمرار الانكماش الذي يشهده القطاع الخاص غير النفطي في مصر منذ 21 شهرا على التوالي.

ولا تزال قيمة مديري المشتريات أقل من المستوى المحايد، 50 نقطة،لأسباب محلية، تمثلت في استمرار ارتفاع تكاليف الإنتاج، وفي ظل تقييد الاستيراد نتيجة صعوبة تدبير العملة الأجنبية وتخفيض قيمة الجنيه، ورفع أسعار الفائدة، واستمرار تراجع الطلب.

وأكد أن الاقتصاد الكلي تأثر بتباطؤ الاقتصاد العالمي، الذي يشهد تصاعدا قياسيا في مستويات التضخم، واستمرار التشديد النقدي وارتفاع مستوى عدم اليقين، بسبب الجائحة والحرب الروسية في أوكرانيا وتداعياتهما على الاقتصادي العالمي. 

المساهمون