ما دور "غولدمان ساكس" الأميركي في فضيحة مليارات صندوق ماليزيا السيادي؟

12 أكتوبر 2023
يُطلب من "غولدمان" حالياً سداد دفعة مؤقتة لمرة واحدة بقيمة 250 مليون دولار (Getty)
+ الخط -

رفعت مجموعة "غولدمان ساكس" دعوى قضائية ضد ماليزيا أمام محكمة تحكيم بريطانية، مع تصاعد التوترات بشأن اتفاق تسوية بشأن دور البنك في فضيحة الفساد الضخمة التي هزت صندوق التنمية الماليزي "ماليزيا دفيلوبمنت بيرهاد1" 1MDB.

فما علاقة العملاق الأميركي بهذا الملف؟

تجدر الإشارة بداية إلى أن مجموعة "غولدمان ساكس" هي شركة أميركية متعددة الجنسيات وبنك استثماري وشركة خدمات مالية، أُسّست عام 1869، ويقع مقرّها الرئيسي في مانهاتن السفلى في مدينة نيويورك، كما يوجد مقرّات إقليمية لها في العديد من المراكز المالية الدولية.

تقول السلطات الماليزية والأميركية إنّ 4.5 مليارات دولار سُرقت من الصندوق الماليزي المنحل الآن 1Malaysia Development Bhd في مخطط مفصل امتد حول العالم وتورّط فيه رئيس الوزراء الماليزي السابق نجيب رزاق وموظفو مصرف "غولدمان ساكس" ومسؤولون رفيعو المستوى في أماكن أخرى.

ما هو صندوق التنمية الماليزي 1MDB؟

كان صندوقاً سيادياً أُنشئ في العام 2009 بمساعدة المموّل الماليزي جو لو Jho Low من أجل تعزيز التنمية الاقتصادية.

ونجيب الذي تولى رئاسة الوزراء بين عامَي 2009 و2018، شارك في تأسيس الصندوق وترأس مجلسه الاستشاري حتى العام 2016.

كيف اختفت مليارات الصندوق؟

جمع الصندوق مليارات الدولارات من السندات على ما يبدو لاستخدامها في المشاريع الاستثمارية والمشاريع المشتركة بين عامَي 2009 و2013.

لكن وزارة العدل الأميركية قالت إن 4.5 مليارات دولار حُوّلت إلى حسابات مصرفية خارجية وشركات وهمية، يرتبط العديد منها بجو لو، فيما تقول السلطات الماليزية إن مليارات أخرى من الدولارات لا تزال مفقودة.

واعتبرت الولايات المتحدة أن قضية هذا الصندوق هي أكبر تحقيق تجريه على الإطلاق بشأن الفساد المالي.

وأوردت الدعاوى القضائية الأميركية أن الأموال المنهوبة استُخدمت لشراء أصول فاخرة وعقارات للو وشركاه، بما في ذلك طائرة خاصة ويخت فاخر وفنادق ومجوهرات، ولتمويل فيلم هوليوود "ذئب وول ستريت" في العام 2013.

ووُجّهت اتهامات إلى لو الهارب في ماليزيا والولايات المتحدة بسبب دوره المركزي في القضية، علماً أنه ينفي ارتكاب أي مخالفات ولا يزال مكان تواجده غير معروف، في حين تعتقد ماليزيا أنه في الصين، لكن بكين تنفي ذلك.

ولم تذكر وزارة العدل اسم نجيب، لكن أُشير إليه في التحقيق باسم "المسؤول الماليزي رقم 1"، وفقاً لمصادر ماليزية وأميركية.

ولعب الغضب بشأن الفضيحة التي اندلعت علناً لأول مرة في العام 2015، دوراً في هزيمة نجيب في انتخابات 2018، ما أدى إلى خسارة "المنظمة الوطنية الماليزية المتحدة" UMNO السلطة للمرة الأولى منذ تشكيل ماليزيا بعد الاستقلال عن الحكم الاستعماري البريطاني.

ونجيب الآن في السجن يقضي حكماً بالحبس لمدة 12 عاماً في قضية مرتبطة بالصندوق، كما يواجه عدة محاكمات أُخرى في الملف نفسه.

كيف شارك "غولدمان ساكس" في الفضيحة؟

حقق سلطات 14 دولة على الأقل مع "غولدمان" لدوره في ضمان إصدارات سندات الصندوق.

وذكر مسؤولون أن عمل الصندوق أكسب البنك الأميركي 600 مليون دولار من الرسوم وأدى إلى مكافآت كبيرة لبعض مديريه التنفيذيين.

وفي الماضي، قال "غولدمان" إن بعض أعضاء الحكومة الماليزية السابقة ومسؤولي الصندوق كذبوا عليه بشأن كيفية استخدام عائدات مبيعات السندات.

ووافق "غولدمان ساكس" في العام 2020، على تسوية مع وزارة العدل مقابل 2.9 مليار دولار، وأقرت وحدته الماليزية بالذنب في تهمة الفساد.

واعترف الشريك السابق لبنك "غولدمان ساكس" تيم ليسنر بالذنب في العام 2018، بتهمة التآمر لغسل الأموال وانتهاك قانون مكافحة الرشوة، ووافق على التعاون مع المدعين العامين. ولم يُحكم عليه، ووفقاً لتقارير وسائل الإعلام، فقد أُطلق سراحه بكفالة قدرها 20 مليون دولار منذ اعتقاله في العام 2018.

من جهته، دفع كبير المصرفيين الاستثماريين السابقين في "غولدمان" بماليزيا روجر إنغ، بأنه غير مذنب في اتهامات مماثلة. وحُكم عليه بالسجن 10 سنوات في الولايات المتحدة في وقت سابق من هذا العام، ونُقل إلى ماليزيا في أكتوبر/تشرين الأول للمساعدة في التحقيقات المحلية.

لماذا يقاضي "غولدمان ساكس" ماليزيا الآن؟

في العام 2020، وافق "غولدمان ساكس" على دفع 3.9 مليارات دولار للحكومة الماليزية لتسوية تحقيق جنائي.

كما يُطلب من "غولدمان" سداد دفعة مؤقتة لمرة واحدة بقيمة 250 مليون دولار إذا لم تتلق ماليزيا ما لا يقل عن 500 مليون دولار من الأصول والعائدات بحلول أغسطس/آب 2022، وفقاً للاتفاقية.

ويتجادل الجانبان الآن حول ما إذا كانت ماليزيا قد استعادت ما لا يقل عن 500 مليون دولار اعتباراً من أغسطس 2022 وما إذا كانت هناك أي دفعة مؤقتة مستحقة.

وبحسب "غولدمان"، ستتم تسوية النزاع عن طريق التحكيم إذا لم يتمكن الاثنان من حل المسألة. وتقدم "غولدمان" فعلاً بطلب للتحكيم أمام محكمة لندن للتحكيم الدولي هذا الأسبوع.

وقال رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، الذي تولى السلطة في نوفمبر/تشرين الثاني 2022، إنه يريد مراجعة اتفاق التسوية مع البنك، وأكد في أغسطس المنصرم أنه لجأ إلى مقاضاة المصرف الأميركي.

(رويترز، العربي الجديد)

المساهمون