أعلن صندوق النقد الدولي أن فريقه من الخبراء توصل إلى اتفاق مع السلطات المصرية بشأن السياسات والإصلاحات الاقتصادية الشاملة التي سيتم دعمها بترتيب تسهيل الصندوق الممدد (EFF) لمدة 46 شهرًا بقيمة 3 مليارات دولار أميركي.
وقال الصندوق إن هذا التسهيل "يستهدف حماية استقرار الاقتصاد الكلي والقدرة على تحمل الديون، وتحسين مرونة مصر في مواجهة الصدمات الخارجية، وتقوية شبكة الأمان الاجتماعي، وتكثيف الإصلاحات التي تدعم النمو، وخلق فرص العمل بقيادة القطاع الخاص".
وتوقع الصندوق، في بيان صحافي نشره على موقعه على شبكة الإنترنت مساء يوم الخميس، أن تحفز ترتيباته "حزمة تمويل كبيرة متعددة السنوات، بما في ذلك حوالي 5 مليارات دولار أميركي في السنة المالية 2023/22، والتي تعكس الدعم الدولي والإقليمي الواسع لمصر".
وأكد الصندوق أن السلطات المصرية طلبت أيضاً تمويلًا في إطار "تسهيل الصمود والاستدامة" الذي تم إنشاؤه حديثًا، والذي يمكن أن يوفر ما يصل إلى مليار دولار أميركي إضافي لمصر.
ونجحت مصر بالفعل في تأمين 5 مليارات دولار بعد الاتفاق على تسهيل الصندوق، قال عنها رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إنها من "دول شريكة ومؤسسات دولية أخرى"، بالإضافة إلى مليار دولار من صندوق الاستدامة والمرونة التابع لصندوق النقد الدولي.
وفي حين لم تصدر تفاصيل عن الموعد الفعلي الذي ستتمكن فيه مصر من الحصول على التسهيل المقدم من الصندوق، أكد مدير إحدى الإدارات بالبنك الدولي، تواصلت معه "العربي الجديد" وفضل عدم ذكر اسمه، أن المبلغ سيكون متاحا للسلطات المصرية للسحب منه متى أرادت بعد موافقة مجلس إدارة الصندوق عليه بصورة رسمية خلال شهر ديسمبر/ كانون الأول القادم.
لكن مسؤولة سابقة بالصندوق، تقاعدت خلال العام الحالي بعد سنوات طويلة من العمل لدى المؤسسة الدولية، أوضحت لـ"العربي الجديد"، أن المبلغ سيتم صرفه لمصر على دفعات ممتدة لـ46 شهراً، "حسب امتثالهم للشروط الكمية والكيفية التي وافقوا عليها".
وفي تفاصيل البيان، قالت فلادكوفا هولار، رئيسة فريق الصندوق الذي تفاوض مع الحكومة المصرية، إن التسهيل الذي تم الاتفاق عليه "يهدف إلى دعم ميزان المدفوعات والميزانية المصريين، مع تحفيز تمويل إضافي من شركاء مصر الدوليين والإقليميين، للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، ومعالجة الاختلالات الاقتصادية الكلية، والآثار غير المباشرة للحرب في أوكرانيا، وحماية سبل العيش، ودفع الإصلاحات الهيكلية والحوكمية إلى الأمام، لتعزيز النمو وخلق فرص العمل بقيادة القطاع الخاص".
ورحب فريق صندوق النقد الدولي بالإجراءات التي اتخذتها السلطات أخيرًا لتوسيع الحماية الاجتماعية المستهدفة، وتنفيذ نظام سعر صرف مرن دائم، والتخلص التدريجي من الاستخدام الإلزامي لخطابات الاعتماد لتمويل الواردات، فضلاً عن التزام السلطات المصرية الثابت بمعالجة التعديلات المطلوبة على مستوى الاقتصاد الكلي وتنفيذها، ووضع أجندة إصلاح هيكلية طموحة، وسط ظروف عالمية صعبة.
وسيتضمن البرنامج سياسات لإطلاق العنان لنمو القطاع الخاص، بما في ذلك عن طريق الحد من تأثير الدولة، واعتماد إطار تنافسي أكثر قوة، وتعزيز الشفافية، وضمان تحسين تيسير التجارة، وفقاً لبيان الصندوق.
وحرر البنك المركزي المصري، يوم الخميس، تزامناً مع الإعلان عن التوصل لاتفاق مع الصندوق، سعر الدولار مقابل الجنيه لدى البنوك المصرية، وهو ما سمح له بالوصول لأكثر من 23 جنيهاً للدولار لأول مرة في تاريخه، خلال تعاملات البنوك (إنتربنك) في آخر أيام الأسبوع.
ورفع البنك المركزي المصري معدل الفائدة على أمواله 2%، في محاولة لجذب المستثمرين ومنع الدولرة، كما رفع البنك الأهلي، أكبر بنك حكومي في مصر، العائد على شهادات السنوات الثلاث الجديدة إلى 17.25%.
وفي هذا الإطار، قال بيان الصندوق إن السياسة المالية للحكومة في إطار اتفاق التسهيل الممدد ستركز على الحد من الدين الحكومي العام واحتياجات التمويل الإجمالية، وإن دعم الضبط المالي بصفة مستمرة سيتم من خلال تنفيذ استراتيجية الإيرادات الحكومية متوسطة الأجل (MTRS)، التي تهدف إلى تحسين كفاءة وتدرجية النظام الضريبي.
وأضاف البيان "سيستمر تعزيز الحماية الاجتماعية، بما في ذلك من خلال التمديد المؤقت للدعم الطارئ لحاملي البطاقات التموينية، واتخاذ تدابير لحماية القوة الشرائية لأصحاب الرواتب والمتقاعدين، كما ستهدف الإصلاحات الهيكلية للمالية العامة أيضًا إلى زيادة تحسين تكوين الميزانية وتعزيز الحوكمة والمساءلة والشفافية، ودعم أهداف التخفيف من آثار تغير المناخ.