مؤشرات أميركية على قرب رفع الفائدة على الدولار

07 يناير 2022
يتوقع أن يكشف جيروم باول المزيد عن توجهات المركزي الأميركي للمرحلة المقبلة (
+ الخط -

في تغير واضح عن سياسته الهادئة في التعامل مع معدلات التضخم الأميركي المرتفعة، ودرءاً لتهمة التخاذل أو التباطؤ في مواجهته، وضع بنك الاحتياط الفيدرالي" البنك المركزي الأميركي" الخطوات الأولى لرحلة عودة ميزانيته لصورتها الطبيعية، بتقليص مشترياته من سوق السندات الأميركية، ومن ثم البدء برفع معدلات الفائدة على الدولار، أقرب مما توقع الكثيرون قبل أسابيع قليلة.

وكشف الاحتياطي الفيدرالي، الأربعاء، أنه قد يبدأ بعكس أسعار الفائدة الرئيسية بالرفع في موعد أقرب مما كان متوقعا سابقا، في مسعى لاحتواء التضخم.
والأسبوع القادم، يتوقع أن يكشف رئيس مجلس الاحتياطي، جيروم باول، المزيد عن توجهات المركزي الأميركي للمرحلة المقبلة، خلال جلسة استماع أمام اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ.

وفي محضر اجتماعاته التي عقدت في واشنطن قبل ثلاثة أسابيع، والذي تم نشر تفاصيله يوم الأربعاء، بدا واضحاً توجه البنك المركزي الأكبر في العالم نحو تخفيض ما بحوزته من سندات الخزانة وسندات الرهن العقاري التي اشتراها ضمن برنامج التيسير الكمي الذي بدأ تطبيقه قبل أكثر من 20 شهراً، في أعقاب وصول فيروس كوفيد-19 إلى الأراضي الأميركية، لحماية بلاده من الدخول في أزمة مالية على غرار ما حدث خلال الأزمة المالية العالمية في 2008 – 2009.
واعتبر أعضاء لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، التي تضع السياسة النقدية في أميركا، أن الوقت قد حان لمواجهة معدل التضخم الآخذ في الارتفاع، بعد وصوله إلى أعلى مستوياته فيما يقرب من أربعة عقود، من خلال خطة تشمل ثلاث مراحل.
بدأت المرحلة الأولى بالفعل بتقليص مشتريات البنك من السوق الثانوية، لتتوقف تماماً تلك المشتريات خلال شهور قليلة، تبدأ بعدها المرحلة الثانية، التي تشمل رفع معدلات الفائدة، قبل أن يبدأ البنك بعد الرفع الأول في المرحلة الأخيرة، والتي ستشهد التخلص مما في حوزته حالياً من سندات، تقدر قيمتها بأكثر من 8 تريليونات دولار. وأشارت تفاصيل الاجتماع إلى أن المرحلة الثالثة ستبدأ قبل نهاية العام الحالي، وربما خلال الشهور القادمة.
وسجل التضخم أعلى مستوياته في 40 عاما عندما بلغ 6.8 بالمئة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. ومن المقرر أن تصدر بيانات التضخم الأميركي لشهر ديسمبر/كانون الأول 2021، الأسبوع القادم.

وبعد نشر محضر الاجتماع، عكست معدلات الفائدة والعقود الآجلة التي تم التعامل عليها في الأسواق توقع المتعاملين أن يبدأ رفع معدلات الفائدة في شهر مارس / آذار القادم، وهو ما يعني أن بيع السندات التي يملكها البنك ربما يبدأ قبل حلول فصل الصيف. ويعد حجم ميزانية البنك الفيدرالي عاملاً مؤثراً في أسواق المال الأميركية، حيث اعتبر المحللون أن شراء البنك للسندات خلال الفترة الماضية كان العامل الأهم وراء الإبقاء على معدلات الفائدة عند مستوياتها شديدة الانخفاض كل تلك الفترة، مع منح الأسهم قوة دافعة من خلال توفير مليارات الدولارات منخفضة التكلفة في أسواقها.
وتسببت التفاصيل المنشورة في خسائر حادة في سوق الأسهم، وخاصة لشركات التكنولوجيا التي تكون عادة الأكثر تأثراً بتغيرات معدلات الفائدة، حيث تراجع مؤشر ناسداك بأكثر من 3% في أكبر خسارة له منذ 11 شهراً، كما خسر مؤشر" إس آند بي 500" ما يقرب من 2% من قيمته، وتراجع مؤشر داو جونز الصناعي بأكثر من 1%، بينما ارتفع عائد سندات الخزانة المعيارية لعشر سنوات، متجاوزاً 1.7% للمرة الأولى منذ شهر أبريل / نيسان من العام الماضي.
لكن البنك الذي أعلن في أكثر من مناسبة أن التأثير في سوق الأسهم ليس من بين الاعتبارات التي يتم مراعاتها عند اتخاذ قرارات السياسة النقدية أكد أن سياسات التيسير التي تم اتباعها بعد ظهور الفيروس لم تعد ضرورية، مشيراً إلى هدفه المزدوج الخاص بالتعامل مع التضخم الآخذ في الارتفاع وسوق العمل التي اقتربت مما يطلق عليه "التوظيف الكامل".
وفي بيانهم بعد اجتماعات منتصف ديسمبر / كانون الأول، قال مسؤولو البنك إنهم يستهدفون خفض معدل التضخم إلى 2%، وأظهر محضر الاجتماع يوم الأربعاء أن الهدف الثاني، والخاص بالوصول بسوق العمل إلى حدها الأقصى، أصبح قريب المنال، وهو ما يعني الاقتراب من تحقيق المعيارين اللذين اشترط البنك تحققهما قبل التحرك لرفع معدلات الفائدة.
وتعليقاً على جزء في محضر الاجتماع، نشر تحت عنوان "مناقشة اعتبارات تطبيع السياسات"، قالت كاثي جونز، مسؤولة استراتيجيات الدخل الثابت لدى شركة التداول والمستشار المالي تشارلز شواب، "من الواضح أنهم أمضوا وقتاً طويلاً في مناقشات جادة حول هذا الموضوع، وهناك رسالة واضحة وراء إجماع أعضاء اللجنة على ضرورة التحرك الآن".

أسواق
التحديثات الحية

واعتبر بيتر شكيف، المحلل الاقتصادي والاستراتيجي المعروف، أن الأسواق فوجئت بما جاء في محضر اجتماع البنك من تصميم على مواجهة التضخم بكل قوة، وهو ما تسبب في الخسائر التي حدثت.
وعلى حسابه على تويتر، أضاف شكيف أن "المحضر أكد إمكانية رفع معدل الفائدة لأربع مرات، كل واحدة بخمس وعشرين نقطة أساس أو ربع بالمائة، مع وجود احتمالات لتطبيق سياسات التقييد الكمي"، ويقصد بها تفريغ ميزانية البنك الفيدرالي من السندات وما شابهها.
ويذكر أن عوائد سندات الخزانة الأميركية خلال تعاملات الأربعاء، تجاوز نسبة 1.7% وسط قوة النمو الاقتصادي وتسارع التضخم، وصعد العائد على سندات الخزانة الأميركية لآجل 10 سنوات عند 1.703%. كما زاد عائد سندات الخزانة لآجل 30 عاماً عند 2.099%، وارتفع عائد الديون مستحقة السداد بعد عامين إلى 0.826%. ويستهدف الاحتياطي الفدرالي رفع الفائدة على الدولار بما يحقق النمو المتوازن للاقتصاد الأميركي.

المساهمون