مؤسسة كهرباء لبنان تحذّر من "عتمة شاملة" أواخر سبتمبر

23 سبتمبر 2021
نفاد كامل مخزون المحروقات لدى مؤسسة كهرباء لبنان (حسين بيضون)
+ الخط -

يتّجه لبنان إلى "عتمةٍ شاملةٍ" على كامل أراضيه أواخر شهر سبتمبر/أيلول الجاري، بعد نفاد مخزون المحروقات لدى مؤسسة الكهرباء بشكل كامل، وعدم التمكّن من تأمين استقرار وثبات الشبكة الكهربائية في ظل إنتاج لا يتعدى 500 ميغاواط.

وأعلنت مؤسسة كهرباء لبنان، في بيانٍ اليوم الخميس، أنّ "مخزونها المتبقي من المحروقات الذي كان مؤمناً بموجب السلفة المعطاة لها بموجب القانون رقم 215 تاريخ 8/4/2021، ولا سيما لمادتي الفيول أويل (Grade A) و(Grade B) منه قد تدنى بشكل حاد جداً، بحيث إنه قد نفد بالكامل في كل من معمل الجية الحراري والباخرتين المنتجتين للطاقة "فاطمة غول" و"أورهان باي"، ما أدى إلى توقفها قسرياً عن إنتاج الطاقة".

وأضافت أنه "شارف على النفاد من جهة أخرى كل من معمل الذوق الحراري، وكلياً في معملي المحركات العكسية في الذوق والجية، إلا لمحرك واحد في كل منهما، الأمر الذي سيؤدي أيضاً إلى توقفها قسرياً عن إنتاج الطاقة".

وقالت إنه "على الرغم من بذل مؤسسة كهرباء لبنان جهدها بما يتوافر لديها من إمكانات حالية في اتخاذ سلسلة إجراءات احترازية متتالية من أجل تأمين حدّ أدنى من التغذية الكهربائية المستقرّة لأطول فترة ممكنة في ظل الظروف الاقتصادية والمالية والنقدية الصعبة التي تمرّ بها البلاد، فقد استنفدت جميع الخيارات الممكن اللجوء إليها، ولم يعد بإمكانها سوى تسيير المجموعات الإنتاجية المتبقية بما يتجانس مع خزينها المتبقي من المحروقات وكميات المحروقات المرتقب توريدها بموجب اتفاقية التبادل مع الدولة العراقية، والتي لا تكفي وحدها سوى لقدرة إنتاجية بحدود 500 ميغاواط كحد أقصى، ما ينتج منه صعوبات عديدة لتأمين ثبات واستقرار الشبكة ويهدد بانهيارها الشامل في أي لحظة".

وتابعت المؤسسة أنه "خلال الأسبوعين الأخيرين فقط، تعرضت الشبكة الكهربائية لما يزيد على سبع انقطاعات عامة على كامل الأراضي اللبنانية، وأنه إذا ما استمرت الأمور على حالها، فهناك مخاطر عالية من الوصول إلى الانقطاع العام والشامل أواخر شهر سبتمبر الحالي".

وأشارت إلى أنه "لا يزال يتعذر على مؤسسة كهرباء لبنان منذ عدة أشهر استخدام فائض العملة الوطنية المتراكم في حساباتها لدى مصرف لبنان، من جراء عمليات جباية فواتير الاشتراكات بالتغذية في التيار الكهربائي، وذلك في محاولة منها لتغطية جزءٍ من حاجاتها من المحروقات بالعملة الصعبة لزوم إنتاج الطاقة، على الرغم من سعيها الحثيث مع جميع المعنيين بهذا الشأن".

وعليه، قالت المؤسسة، في البيان، إنه "بعدما استنفدت جميع الخيارات والإجراءات الاحترازية التي لجأت إليها، ولم يعد في إمكانها تأمين حدٍّ أدنى من التغذية بالتيار الكهربائي بسبب هذا الوضع الخارج عن إرادتها، ستعمد إلى إبقاء المواطنين على بيّنة بما خصّ التغذية بالتيار الكهربائي عبر بياناتٍ لاحقة".

وفي 29 مارس/آذار الماضي أقرّ البرلمان اللبناني في جلسة تشريعية عقدها في مقرّه المؤقت، قصر الاونيسكو– بيروت، اقتراح القانون الرامي إلى إعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة لعام 2021 مقدارها 200 مليون دولار بذريعة تفادي العتمة الشاملة، علماً أنّ التصويت لصالح السلفة لم يأتِ بالإجماع، بل سُجل خرق من جانب كتلة القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي.

وبتاريخ 07 يونيو/ حزيران الماضي، وافق رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون على استصدار الموافقة الاستثنائية لفتح اعتمادات مستندية لشراء المحروقات لزوم مؤسسة كهرباء لبنان، وذلك من خلال إعطاء سلفة خزينة للمؤسسة استناداً إلى القانون الذي اقرّه مجلس النواب بإعطائها سلفة حزينة لشراء محروقات بحد أقصى قدره 300 مليار ليرة.

وقال رئيس لجنة الأشغال النيابية نزيه نجم، لـ"العربي الجديد": "السلفة صرفت بالكامل، وسنرى ما إذا كانت الحكومة الجديدة ستطلب سلفة جديدة من مجلس النواب، وعندها سندرسها طبعاً. سأدعو اللجنة إلى جلسة فورية لهذه الغاية، ولكن حتى الساعة ننتظر خطة العمل التي سيعمل عليها وزير الطاقة الجديد وليد فياض"، مؤكداً أن لا حلول لأزمة الكهرباء من دون أموال.

ولفت نجم إلى أن الفيول العراقي يعطي من أربع إلى ست ساعاتٍ بالحد الأقصى فقط، والكميات المستوردة لا تكفي لاستمرار مؤسسة كهرباء لبنان في إنتاج المعدل الحالي من الطاقة، أي 800 ميغاواط، وأي كمية أقل ستؤدي إلى انفصال الشبكة بطريقة يصعب إعادة تشغيلها.

وعلى الرغم من بدء وصول أولى شحنات النفط العراقي إلى لبنان، والذي لن يسدّ أكثر من ثلاثة في المائة من حاجات لبنان مؤقتاً، لم يلمس اللبنانيون أي تحسّن في التغذية الكهربائية، بل على العكس الأزمة تتفاقم أكثر كلّ يوم، وبالكاد تأتي "كهرباء الدولة" ساعة في اليوم.

وقد فاق العجز في قطاع الكهرباء منذ عام 1992 وحتى نهاية عام 2020 أربعين مليار دولار، لأسباب كان وضعها الباحث في "الدولية للمعلومات" محمد شمس الدين، في حديث مع "العربي الجديد"، في 3 خانات، الأولى ربطاً بالتعرفة التي تعدّ أقلّ من الكلفة، حيث إنها محددة وثابتة منذ يوليو/ تموز 1994، وتشكل أقلّ من 10% من كلفة دعم الكهرباء، التي تقدَّر بنحو 900 مليون دولار سنوياً تبعاً لأسعار النفط العالمية، كما أن الكهرباء الموزعة هي إما مسروقة أو لا تُجبى فواتيرها، إذ هناك هدر فني بنسبة 13%، وتقدَّر الكلفة بنحو 250 مليون دولار. أما السبب الثالث، فيعود إلى صفقات الفيول، ويقدَّر الهدر فيها بـ150 مليون دولار سنوياً.

ويقول شمس الدين إن "لبنان يحتاج إلى 3000 ميغاواط سنوياً، ولكن في حال رفع التعرفة ووقف السرقة، فإنّ الحاجة ستنخفض إلى 2200 ميغاواط، ما من شأنه زيادة التغذية بالكهرباء. من هنا، إنّ أزمة الكهرباء بحاجة إلى قرار وجرأة في اتخاذه وتنفيذه".

وقد ضمّنت الحكومة الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي في بيانها الوزاري ملف الطاقة، وخصوصاً لناحية "زيادة ساعات التغذية في مرحلة أولى، وتأمين الكهرباء للمواطنين بأسرع وقت، والعمل على تنويع مصادر الطاقة، وصولاً لإعطاء الأولوية للغاز الطبيعي والطاقة المتجددة، واستكمال تنفيذ خطة قطاع الكهرباء والإصلاحات المتعلقة به، مع تحديثها وإنشاء ما تحتاجه البلاد من معامل لتوليد الطاقة الكهربائية بمشاركة القطاع الخاص، واستكمال مشروع استقدام الغاز الطبيعي عبر المنصات العائمة لتخزين وتغويز الغاز الطبيعي (FSRU)، وإعطاء الأولوية لتأمين استمرارية تغذية مختلف المناطق بمياه الشفة ومعالجة الصرف الصحي، والعمل على تحضير وإقرار المراسيم التطبيقية العائدة لقانون المياه". 

وفي إطار "الوعود الكلامية" التي تردد دائماً من دون أي ترجمة ملموسة، أبلغ الرئيس اللبناني ميشال عون، يوم الأربعاء، المنسقة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في لبنان السفيرة جوانا رونيسكا أنه "بالتزامن مع المفاوضات التي يبدأها لبنان مع صندوق النقد الدولي، سيتم العمل على معالجة ملف الكهرباء المجمّد منذ فترة".

المساهمون