استمع إلى الملخص
- **رفض مجلس الدولة والمصرف المركزي لقرارات المجلس الرئاسي**: رفض المجلس الأعلى للدولة والمصرف المركزي قرارات المجلس الرئاسي بتعيين إدارة جديدة، مؤكدين عدم شرعيتها وإيقاف الأنظمة المصرفية احتجاجاً.
- **تحشيدات عسكرية وتدخلات دولية**: شهدت طرابلس تحشيدات عسكرية وسط توتر أمني، ودعت البعثة الأممية وسفارات دولية إلى الحوار والتوافق، محذرة من العواقب الوخيمة.
كشفت مصادر متعددة مقربة من المجلس الرئاسي عن تمكن لجنة التسلم والتسليم المكلفة من المجلس الرئاسي من دخول مقر مصرف ليبيا اليوم الأحد، وأكدت استعدادها لإدارة المصرف المركزي. وفي الوقت الذي أكدت فيه ذات المصادر لـ"العربي الجديد" عزم اللجنة على إصدار بيان رسمي للإعلان عن تسلمها مقر المصرف وتسليمه للإدارة الجديدة، تقدم محافظ المصرف المكلف من مجلس النواب الصديق الكبير ببلاغ الى النائب العام اتهم فيه لجنة التسلم والتسليم باقتحام مقر المصرف بالقوة.
وفيما طالب الكبير النائب العام "باتخاذ الإجراءات القانونية"، أكد في نص بلاغه "محاولة مجموعة اقتحام مقر المصرف المركزي" رفقة "ما يسمى بلجنة التسلم والتسليم المشكلة من المجلس الرئاسي، بحجة تنفيذ قرارات غير قانونية صادرة عن المجلس الرئاسي بشأن تكليف محافظ ومجلس إدارة جديد للمصرف المركزي".
واعتبر الكبير أن اقتحام المصرف يشكل "تهديدا خطيرا لأهم مؤسسة مالية في البلاد، وتترتب عليه آثار في الداخل والخارج"، وحمل المسؤولية "للمجلس الرئاسي ومن تورط معه في هذا الفعل".
وفي معرض تأكيده بطلان قرار المجلس الرئاسي تكليف مجلس إدارة للمصرف ومحافظ جديدين، أكد أن المصرف مؤسسة سيادية تتبع السلطة التشريعية وفقا للقانون رقم 1 لعام 2005 وتعديلاته، معتبرا بذلك أن قرارات المجلس الرئاسي صادرة "عن غير ذي اختصاص".
ومن جانبه، أعلن المجلس الأعلى للدولة، بصفته المخول وفق نصوص الاتفاق السياسي بتعيين شاغلي المناصب السيادية بالاشتراك مع مجلس النواب، رفضه لما وصفه بتعدي المجلس الرئاسي على اختصاصات الجهات التشريعية.
محافظ مصرف ليبيا المركزي يدافع عن موقعه ويؤكد أن اقتحام المصرف يشكل "تهديدا خطيرا لأهم مؤسسة مالية في البلاد، وتترتب عليه آثار في الداخل والخارج"
وفيما أكد مجلس الدولة رفضه لقرار المجلس الرئاسي بشأن تعيين مجلس إدارة جديدة ومحافظ للمصرف "لصدوره عن غير ذي اختصاص"، دعا الجهات المحلية والدولية إلى "عدم التعامل مع الإدارة المكلفة باعتبارها غير شرعية ومغتصبة للسلطة".
وأكد مجلس الدولة أنه سيتخذ "إجراءات قانونية للحفاظ على حقوقنا طبقا للاتفاق السياسي والإعلان الدستوري". وجاء بلاغ الكبير وبيان مجلس الدولة في غضون تداول فيديو على منصات التواصل الاجتماعي بشكل واسع يظهر عضو لجنة التسلم والتسليم المكلفة من المجلس الرئاسي، علي الشتيوي، وهو يحاور حراسات مقر المصرف، قبل أن يتمكن رفقة بعض أعضاء اللجنة من دخول المقر. وأوقف المصرف جميع أنظمته المصرفية، بينما أفاد أغلب فروع المصارف التجارية بالبلاد بتوقف العمليات المصرفية فيها.
وعلى الرغم من اشتراط المصرفي محمد الشكري قبوله بمنصب المحافظ، بناء على قرار المجلس الرئاسي الذي استند فيه الى قرار سابق لمجلس النواب خلال العام 2018، توافق مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، كونهما الجهتين التشريعيتين المختصتين بتسمية المحافظ، إلا أن لجنة التسلم والتسليم المكلفة من المجلس الرئاسي أعلنت الجمعة الماضية استكمالها الإجراءات الإدارية، وعزمها تسليم المصرف لإدارة المصرف الجديدة المشكلة من المجلس الرئاسي أمس السبت.
وفي وقت لاحق أمس السبت، أفادت مصادر مقربة من المجلس الرئاسي تأجل موعد تسليم المصرف للإدارة الجديدة الى اليوم الأحد، فيما لم يصدر أي تعليق جديد من جانب الشكري.
ونفى المصرف المركزي في بيان عبر صفحته الرسمية على فيسبوك "نفيا قاطعا" بيان لجنة التسلم والتسليم المكلفة من المجلس الرئاسي، مكرراً تأكيده السابق أن قرارات المجلس الرئاسي "صادرة عن غير ذي صفة وباطلة ومخالفة للقانون". وأشار إلى استمرار تعليق عمل موظفيه لحين إلغاء المجلس الرئاسي قراراته، مستثنيا من تعليق العمل المهام المصرفية المرتبطة بالمنظمات والخدمات الإلكترونية.
ومطلع الأسبوع الماضي، قرر المجلس الرئاسي تغيير إدارة المصرف المركزي وتفعيل قرار سابق أصدره مجلس النواب عام 2018 بإقالة المحافظ الصديق الكبير وتعيين الشكري بديلا منه، لكن مجلس النواب أعلن عن وقف العمل بقرار إقالة الكبير وتعيين الشكري لمضي مدة على تعيين الأخير من دون تسلمه مهامه.
وفي مقابل استناد المجلس الرئاسي في قراره بشأن تشكيل مجلس إدارة جديد للمصرف إلى صلاحياته الرئاسية التي منحها له اتفاق جنيف الذي جاء به الى السلطة مطلع عام 2021، وخوله تعيين القيادات في مؤسسات الدولة، أعلن مجلس النواب عن إنهاء ولاية المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية بانتهاء الآجال المحددة لاتفاق جنيف بعد 18 شهرا من توقيعه في نوفمبر/تشرين الثاني 2020.
هدد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، بإغلاق الحقول النفطية لمنع تحويل الإيرادات إلى المصرف المركزي في حال مضيّ المجلس الرئاسي في إنفاذ قرارته بتغيير محافظ البنك المركزي
وتبادل المجلسان، الرئاسي والنواب، التصريحات حول شرعية قراراتهما، حيث أشار مسؤولان مقربان من المجلس الرئاسي إلى عدم شرعية قرارات مجلس النواب بانتهاء آجال اتفاق جنيف، وعدم حصول مجلس النواب على نصاب كامل لإلغاء العمل بقراره السابق بشأن إقالة الكبير وتعيين الشكري.
ومن جانبه، هدد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، خلال حديث لفضائية ليبية محلية، الخميس، بإغلاق الحقول النفطية لمنع تحويل الإيرادات إلى المصرف المركزي في حال مضيّ المجلس الرئاسي في إنفاذ قرارته بتغيير محافظ المصرف.
واتهم صالح المجلس الرئاسي بالسعي لنهب المال العام من خلال تغيير إدارة المصرف ومحافظه، وقال "لن نسمح باستمرار ضخ أموال الثروة الليبية وإيصالها إلى يد أشخاص جاءوا إلى السلطة بطريقة مشبوهة"، محذرا من أن المساس بالمصرف ومحافظه في الوقت الحالي قد يهدد استقرار المؤسسة النقدية في ليبيا وتعاملاتها الدولية.
وفي تطور لاحق، استنكر مجلس النواب ما وصفه بمحاولات اقتحام المقر الرئيسي للمصرف المركزي بالقوة، وطالب النائب العام بفتح تحقيق عاجل في "هذا الاعتداء وإحالة المسؤولين عنه للعدالة". واعتبر مجلس النواب، في بيان له، أن ما وصفه بـ"الاعتداء بالقوة" جاء نتيجة "قرارات ولجان من جهات فاقدة للشرعية وغير ذات علاقة، وفقًا لقانون تعيين أو إعفاء محافظ المصرف أو نائبه أو مجلس إدارته".
وحمّل بيان مجلس النواب المجلس الرئاسي "كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية أمام الشعب الليبي والمجتمع الدولي عن مثل هذه الأعمال الخارجة عن القانون وما يترتب عليها من أضرار على المواطن الليبي واقتصاد البلاد". وإثر بلاغه مكتب النائب العام، حمل الكبير وزير الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية، عماد الطرابلسي، المسؤولية عن اقتحام مقر المصرف.
وفيما أشار الكبير إلى إعلان الطرابلسي، أمس الجمعة، تسلم وزارته مقر المصرف، والبدء في تأمين محيطه، أضاف: "أحملكم مسؤولية ما يترتب عن تمكينكم من اقتحام مقر المصرف المركزي من نتائج لها بالغ الأثر في إلحاق الضرر بالدولة الليبية".
وكانت وزارة الداخلية قد نشر فيديوهات بالأمس تظهر تسلم قواتها مقر المصرف المركزي، والبدء في الانتشار في محيطه لتأمينه، بعد أن تسلمته مع قوة الردع الخاصة الموالية للكبير، إثر الاتفاق الذي أعلن عنه الطرابلسي، والقاضي بنأي كافة التشكيلات المسلحة في طرابلس بنفسها عن أزمة المصرف.
وخلال الساعات الأولى من صباح أول من أمس الجمعة، شهدت طرابلس تحشيدات عسكرية كبيرة، وسط توتر أمني عال، على خلفية انقسام مواقفها حيال قرار تغيير مجلس إدارة المصرف والمحافظ الصديق الكبير بين موالية للأخير وأخرى موالية للمجلس الرئاسي، قبل أن يخرج وزير الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية عماد الطرابلسي، ليل السبت، ليعلن إتفاق جميع قادة التشكيلات المسلحة في طرابلس على النأي عن الاختلاف القائم حول قرار تغيير إدارة المصرف، وترك الأمر للمجلس الرئاسي كونه شأناً إدارياً.
وفي خضم التحشيدات، أصدرت البعثة الأممية بياناً أعربت فيه عن قلقها بشأن التقارير حول تحشيد القوات في العاصمة طرابلس و"التهديد باستخدام القوة لحل الأزمة المحيطة بمصرف ليبيا المركزي"، مشيرة إلى أنها تجري اتصالات مكثفة مع كافة الأطراف للتهدئة والتوصل إلى اتفاق سلمي لحل الأزمة.
وفيما أكدت البعثة أنه "لا مناص من الحوار حلاً وحيداً لجميع القضايا الخلافية"، اعتبرت أن "هذه التحركات لا يمكن أن تُنتج حلاً مقبولاً أو عملياً للأزمة الحالية أو للجمود السياسي الذي طال أمده، بل ترى فيها سبباً إضافياً يفاقم الأزمة ويقلل من فرص التوصل إلى حل سياسي".
وشاركت سفارات الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا وفرنسا لدى ليبيا بيان البعثة الأممية، ودعوة الأطراف الى الانخراط في حوار جاد من أجل التوافق وإنهاء الجدل حول المؤسسة المصرفية، لما للأمر من عواقب وخيمة على سلامة المؤسسة الحيوية واستقرار البلاد، فضلاً عن التأثيرات الخطيرة المحتملة على موقف ليبيا ضمن النظام المالي الدولي.