ليبيا: قفزة قياسية في فاتورة الرواتب

09 يونيو 2022
تراجع القدرة الشرائية للمواطنين رغم زيادة الرواتب (فرانس برس)
+ الخط -

شهدت فاتورة رواتب الليبيين قفزة قياسية في موازنة العام الجاري إلى 41.7 مليار دينار، بمعدل زيادة بلغ 7.9 مليارات دينار، مقارنة بموازنة العام الماضي، وتشكل مخصصات الرواتب 44% من حجم الإنفاق العام.
يأتي ذلك، ضمن مشروع قانون موحد للرواتب والأجور، إذ يقلص الفجوة بين الحدين الأدنى والأعلى بنحو خمسة أضعاف بدلاً من 30 ضعفاً، وبلغ متوسط الرواتب نحو 1300 دينار ليبي.
ويأتي ذلك وسط انتقادات حادة من الأوساط الاقتصادية التي حذرت من مخاطر زيادة الإنفاق مع ارتفاع حجم النقود المتداولة خارج القطاع المصرفي إلى سبعة أضعاف، وفق بيانات رسمية.
وقال مدير مركز أويا للدراسات الاقتصادية، أحمد أبولسين، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن الزيادة في فاتورة الرواتب اسمية وليست حقيقية، نظرا لانخفاض قيمة دخول الأفراد مع تراجع سعر صرف الدينار، مشدّدا على أهمية التخطيط للتعديل التدريجي لهيكل الأجور، بحيث تلبي احتياجات مستوى معيشي لائق للعاملين. ويبلغ سعر الدولار الأميركي رسميا نحو 4.77 دنانير، في حين يبلغ في السوق السوداء أكثر من 5 دنانير.

وتساءل أبولسين عن غياب الإصلاحات المطلوب إدخالها على سياسات الأجور لدفعها إلى تحقيق اعتبارات العدالة الاجتماعية. وقال: يجب أن نبحث عن أولويات أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، أو بمعنى أدق البحث عن السياسة المثلى لتحقيق التوزيع العادل لثمار النمو.
وفي سياق متصل، أكد المحلل المالي محمود سالم، لـ"العربي الجديد"، أن فاتورة المرتبات ثقيلة هذا العام، ووصفها بالقياسية بالمقارنة مع السنوات السابقة.
وقال سالم: زيادة الرواتب تعني ارتفاعا في التضخم مع نمو عرض النقود في الاقتصاد، مضيفا: المطلوب تقليص الفجوة في سلم الرواتب.
ورفعت حكومة الوحدة الوطنية رواتب بعض القطاعات الحكومية، منها التعليم العام والمتقاعدون، فيما يطالب موظفو المحاكم القضائية بزيادة في الرواتب أسوة بالقطاعات الأخرى، كما يريد عمال جهات أخرى منها النفط تطبيق زيادة الأجور 67% التي أقرتها الحكومة في عام 2013.
وقفزت فاتورة الرواتب من 8 مليارات دينار عام 2010 إلى 41.7 مليار دينار لعام 2022 بمعدل ارتفاع أكثر من 5 أضعاف، وقفز عدد العاملين في القطاع العام من 900 ألف عام 2010 إلى 2.3 مليون موظف حكومي نهاية 2021.
أكد الباحث الاقتصادي نور الحبارات، أن انخفاض سعر صرف الدينار يترتب عليه تراجع القدرة الشرائية للمواطنين، وبالتالي يستوجب الأمر زيادة المرتب.

أكد المحلل المالي محمود سالم، لـ"العربي الجديد"، أن فاتورة المرتبات ثقيلة هذا العام، ووصفها بالقياسية بالمقارنة مع السنوات السابقة


وأوضح الحبارات لـ"العربي الجديد" أن "أي قرار من قبل المركزي لإعادة النظر في سعر الصرف قد يستوجب وبالتوازي من الحكومة إعادة النظر في قيمة المرتبات عبر تخفيض الزيادات المقررة أو حتى إلغائها، وهذا ليس بالأمر الهين كما يعتقد الكثير، بل من الصعب جداً إن لم نقل مستحيلا، فهذه الزيادات أصبحت حقوقا مكتسبة لأصحابها ومكفولة لهم بموجب القانون".
ووفقا لمنظمة العمل الدولية، يعرف الحد الأدنى للأجور في دولة معينة، بأنه الحد الذي يكفل الحاجات الأساسية للعامل وأسرته في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية السائدة في المجتمع.
وأعلن مصرف ليبيا المركزي، مؤخراً، عن النفقات والإيرادات خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري، إذ بلغ إجمالي الإنفاق العام 31.1 مليار دينار، وإجمالي الإيرادات السيادية والنفطية بلغ 54.6 مليار دينار، بفائض 23.5 مليار دينار.
وليبيا منتج رئيسي للنفط الخام، بمتوسط إنتاج يومي 1.4 مليون برميل يومياً في الظروف الطبيعية، وسط مساعٍ لزيادته حتى 1.6 مليون برميل بحلول 2025. وشهدت الإيرادات النفطية زيادة ملحوظة، خلال الفترة الأخيرة، بسبب ارتفاع أسعار الخام عالمياً.