قفزت قيمة الإيجارات بنسب مختلفة بالعاصمة الليبية طرابلس وبعض المحافظات الأخرى. ووفق وسطاء عقارات لـ"العربي الجديد" فإن عدة أسباب وراء ارتفاع الإيجارات، أبرزها الطلب المتزايد وسط محدودية العرض في السوق، وتراجع قيمة العملة المحلية، موضحين أن متوسطة الزيادة بلغ نحو 10% دفعة واحدة من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي حتى يناير/ كانون الثاني الماضي.
يأتي ذلك، وسط وعود حكومية بشأن توزيع قطع أراضٍ على الشباب عبر البلديات، في مسعى لتحريك السوق العقاري الذي يشهد جموداً منذ عام 2011.
ويبلغ متوسط قيمة إيجار الشقة نحو ألف دينار، أي ما يعادل 209 دولارات في المتوسط، بما يفوق الحد الأدنى للأجور، وفق الجدول المعتمد من حكومة الوحدة الوطنية بنحو 750 ديناراً (الدولار = نحو 4.77 دنانير).
وقال صاحب شركة عقارية، محمد البوعيشي، لـ"العربي الجديد" إن الارتفاع يرجع لأسباب كثيرة، منها زيادة الطلب على الإيجارات، بالإضافة إلى غلاء مواد البناء مع انخفاض قيمة الدينار.
وأضاف أن قيمة الإيجارات حسب سعر الدولار تعتبر معقولة مقارنة بدول عربية أخرى، لكن بالنسبة إلى المواطن الليبي تعتبر مرتفعة جداً، فالموظف الذي يتقاضى شهرياً ألف دينار لا يستطيع تغطية الإيجار والنفقات المعيشية لأسرته معاً.
وقال سمسار عقارات في وسط العاصمة طرابلس عبد السلام التاجوري، إن قيمة الإيجار تراوح ما بين ألف إلى أربعة آلاف دينار للمساكن الشعبية، بينما وصلت بعض المساكن الفاخرة إلى 10 آلاف دينار شهرياً.
وأضاف أن هناك من يؤجّر وحدته السكنية باليوم بنحو 100 دينار، أي ما يعادل 20 دولاراً. من جانبه، يقول المواطن أسعد الغرياني، إنه يقيم في نصف منزل بقيمة 600 دينار شهرياً، ومنذ مطلع العام رفع صاحب العقار السعر إلى ألف دينار دون سبب يذكر.
وبين أن أسرته مكونة من سبعة أشخاص، وأبناؤه ما بين المرحلة الجامعية والثانوية العامة، فيما يبلغ راتبه الشهري 1500 دينار، حيث يعمل موظفاً في قطاع الزراعة، مؤكداً أن معظم الإيجارات ارتفعت لأسباب غير معروفة.
كذلك أعرب أحد المقيمين في عمارات لنجليه بضواحي طرابلس، حسين الفقهي، أن قيمة الإيجارات في ارتفاع متواصل، إذ إنه في سنة 2018 كان الإيجار الشهري للشقة 500 دينار، والآن السعر يصل إلى ألف دينار.
وبحسب الفقهي فإن المشكلة الرئيسية تتمثل في غياب الرقابة على أسواق العقارات، إذ لا يوجد سقف معين للإيجارات وسط حالة من فوضى الأسعار. وقال إن سعر الشقة الآن يبلغ نحو 250 ألف دولار، بينما كانت في عام 2018 بنحو 100 ألف دينار.
وتوقفت معظم الشركات الأجنبية في مجال المقاولات في ليبيا عن العمل منذ اندلاع الثورة، في فبراير/ شباط 2011، وساهم التوتر القائم بين المسلحين في استمرار تجميد نشاطها، بعدما سجلت معظمها خسائر فادحة على مدار السنوات الماضية.
يقول المواطن أسعد الغرياني، إنه يقيم في نصف منزل بقيمة 600 دينار شهرياً، ومنذ مطلع العام رفع صاحب العقار السعر إلى ألف دينار
وتقول تقارير رسمية إن نحو 80 شركة، من أصل 800 شركة أجنبية تعمل في ليبيا، حصلت على تعويضات وعادت بالفعل للعمل. وكشفت وزارة الحكم المحلي بحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دولياً أن 125 ألف وحدة سكنية تضررت بسبب هجمات القوات الموالية للواء المتقاعد خليفة حفتر خلال 14 شهراً على جنوب العاصمة الليبية طرابلس عام 2019، بالإضافة إلى المقرات الحكومية والمحال التجارية.
وتعاني ليبيا من عجز في الوحدات السكنية يقدَّر بنصف مليون وحدة سكنية، فيما يشكل الشباب 70 في المائة من السكان.
وأشار المحلل الاقتصادي أبو بكر الهادي، إلى فوضى الأسواق وسط دور غياب الدولة في متابعة ملف السكن بالشكل المطلوب، فضلاً عن الاستغلال والاحتكار من قبل المضاربين في تحديد السعر.
وأوضح في حديثه لـ"العربي الجديد" أن أسعار العقارات في المدن الكبيرة قفزت بشكل كبير، وفي المناطق النائية يعتبر السعر في المتوسط مقبولاً.