قدّمت "رابطة المودعين" اللبنانية، ومنظمة "المحاسبة الآن" السويسرية، التماساً قانونياً رسمياً إلى مجلس الاتحاد الأوروبي ودائرة العمل الخارجي، يطلبان فيه "فرض عقوبات ضد مجموعة من السياسيين اللبنانيين وكبار الموظفين العامين ومديري البنوك التنفيذيين الذين فشلوا في مهام الخدمة العامة، من خلال السعي وراء مصالحهم الخاصة على حساب الشعب اللبناني والدولة اللبنانية".
ويأتي ذلك بحسب بيان صادر عن الطرفين، أمس الإثنين، تماشياً مع إطار عقوبات الاتحاد الأوروبي الصادر في يوليو/ تموز 2021، في حين يحدد الالتماس المكوّن من 120 صفحة المبررات القانونية للعقوبات.
وفي يوليو 2021، أقرّ الاتحاد الأوروبي إطاراً قانونياً لنظام عقوبات يستهدف أفراداً وكيانات لبنانية تطاول "المسؤولين عن تقويض الديمقراطية وحكم القانون في لبنان"، علماً أنه لم يأتِ على ذكر الأسماء.
ويتألف نظام العقوبات من حظر سفر يمنع دخول الأشخاص المدرجين على قائمة العقوبات أو مرورهم عبر الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، إلى جانب عقوبات مالية.
وتفرض وزارة الخزانة الأميركية كل فترة عقوبات على شخصيات سياسية لبنانية وكيانات وأفراد، سواء لارتباطهم بملفات فساد، أو لصلتهم بـ"حزب الله" المالية، عدا عن توفير الدعم له، لكن القائمة تأتي على ذكر أسماء، بينهم السياسيون؛ رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، والنائب علي حسن خليل، (معاون سياسي لرئيس البرلمان نبيه بري)، ووزير الأشغال الأسبق يوسف فنيانوس (من معاوني رئيس تيار المردة سليمان فرنجية المرشح لرئاسة الجمهورية)، وشخصيات أخرى.
وقال البيان الصادر عن "رابطة المودعين" ومنظمة "المحاسبة الآن"، إنه "بعد تقييم دقيق وجاد، جرت مطالبة الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات ضد أفراد قوضوا تنفيذ الخطط التي وافقت عليها السلطات اللبنانية، وبدعم من الجهات الفاعلة الدولية ذات الصلة، وكذلك أولئك الذين تورطوا في سوء السلوك المالي فيما يتعلق بالأموال العامة، طالما أنّ الأفعال المعنية مشمولة باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد".
كما "يوفر الالتماس المشترك، الأساس القانوني، ويفند الطريقة والأسباب المنطقية لكيفية قيام الجهات الفاعلة في القطاعين السياسي والمصرفي بعرقلة العديد من الإصلاحات، بدءاً من مقررات مؤتمر سيدر 2018 حتى الإصلاحات التي طلبها صندوق النقد الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومجموعة البنك الدولي".
وأشار البيان إلى أنه "من بين الأفراد المستهدفين بالعقوبات نواب لبنانيون حاليون وسابقون، وأعضاء مجلس الوزراء، ومسؤولون تنفيذيون في المصارف الخاصة، ومسؤولون في مصرف لبنان المركزي. ولم تطلب الأطراف التي قدمت الطلب أي عقوبات شاملة أو قطاعية، وسيتم تقديم دليل ضد المزيد من الأفراد في وقت لاحق".
وقال العضو المؤسس لرابطة المودعين نزار غانم، لـ"العربي الجديد"، إنه "من وجهة نظر رابطة المودعين، فإنّ آخر العلاج الكي، لقد حذرنا مراراً المسؤولين اللبنانيين؛ سياسيين ومصرفيين، من مغبة عدم تنفيذ الإصلاحات المطلوبة للحفاظ على الاقتصاد الوطني، وإعادة أموال المودعين، ومدخرات اللبنانيين".
وأضاف "اليوم، يقول البنك الدولي إنّ الانكماش الاقتصادي الحاصل في لبنان متعمّد، وهذا أمرٌ معروفٌ من القاصي والداني، أنّ هناك خطة ظلّ مالية يتم تنفيذها في لبنان هدفها تحميل أكلاف الأزمة للأفقر، والمودعين وفي المقابل، الحفاظ على العائلات الكبرى التي تمسك بزمام القطاع المصرفي والسياسة في لبنان"، مشيراً إلى "أننا كرابطة ذهبنا بهذا الخيار للدفع نحو حل مالي عادل".
ولفت غانم إلى "أننا ندفع باتجاه فرض هذه العقوبات الأميركية والأوروبية ولا ندري ما اذا كانت ستفرض مباشرة، ونحن كرابطة نفرّق، هذه العقوبات المطلوبة ضمن معاهدة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وتضرب أفراداً لديهم سطوة مالية أو اتصالات جرمية مالياً، ولا تفرض عقوبات على البلد".
وأردف "هناك خلاف كبير في العالم عن جدوى فرض العقوبات، لكن بالنسبة لنا كرابطة الهدف منها رفع الخطورة السياسية على هذه الأفراد، لأن ذلك سيمنعهم من الاستثمار في الخارج مثلاً، ويرفع من خطورتهم المالية، أي سيكون بالتالي مزعجاً لهم حتى لو لم يجر فرض عقوبات مباشرة عليهم، وبالتالي، سيرفع من خطورتهم السياسية في العالم، ويمنعهم من الاستثمار خارج لبنان وفي أوروبا، وسيرفع من كلفة إدارتهم للأزمة".
وتابع غانم "نريد أن يكون القرار حافزاً أمام السلطة السياسية والمصرفية للدخول إلى طاولة المفاوضات لوضع حل شامل يحفظ حقوق المودعين"، مشدداً على أنّ هذه الخطوة "بمثابة إجراء احترازي، وسندفع للأخير نحو فرض هذه العقوبات، علماً أنّ التهديد بها كافٍ أيضاً لخلق فرصة سياسية للذهاب نحو حلّ مالي شامل مستدام يخضع للمعايير الدولية، وينقذ مدخرات اللبنانيين إلى أكبر حدّ ممكن".
وقال النائب ميشال الدويهي، اليوم الثلاثاء، في سلسلة تغريدات تعليقاً على هذه الخطوة، إنّ "هذا التحرك والذي سبقه تحرك مماثل ضد حاكم مصرف لبنان أمام القضاء الأوروبي، بدأت تظهر نتائجه تباعاً، ما كان ليحصل لو أنّ القضاء اللبناني قام بواجبه ولم يكن مرتهناً في بعض مفاصله الأساسية للزعامات السياسية والطائفية المهيمنة على البلاد بالتسلط والمحاصصة والسلاح".
بدايةً،تجدر الاشارة الى ان هذا التحرك، والذي سبقه تحرك مماثل ضد حاكم مصرف لبنان أمام القضاء الاوروبي بدأت تظهر نتائجه تباعاً،ما كان ليحصل لو ان القضاء اللبناني قام بواجباته ولم يكن مرتهناً في بعض مفاصله الأساسية للزعامات السياسية والطائفية المهيمنة على البلاد بالتسلط والمحاصصة٢/٧
— Michel C Douaihy د.ميشال دويهي (@MDOUAIHY) December 6, 2022
وأردف "كنا نفضل أن يأخذ مجلس النواب زمام المبادرة لتشكيل لجان تحقيق نيابية بسلطات قضائية، للوقوف على أسباب الأزمة وتحديد المسؤولين عنها ومحاسبتهم، إلا أنّ البرلمان مختطف من تكتلات طائفية ومصلحية لا تعبأ إلا بمصالحها الخاصة على حساب عموم اللبنانيين".