استمعت لجنة المال والموازنة في برلمان لبنان، اليوم الثلاثاء، إلى وزير المال في حكومة تصريف الأعمال يوسف الخليل حول التعاميم والقرارات المالية الصادرة أخيراً والمتعلقة بسعر الصرف ورواتب القطاعين العام والخاص.
وأعلن رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان أن الاجتماع توصّل إلى "التريث بتنفيذ العمل بالقرارين 686 و687 المتعلقين بضريبة الدخل على الرواتب لحين إعادة النظر بهما بما يؤمن مصلحة الناس ووفق نقاشات جلسة اليوم".
وبحسب المعلومات، فقد قرر وزير المال التريث بتنفيذ العمل بالقرارين على أن يصدر قراراً رسمياً بذلك في وقتٍ لاحق، ووعد بإعادة النظر فيهما، على أساس تعديل سعر الصرف المحتسب للضريبة، مع إرجاء البحث بالشطور إلى موازنة 2023 لأنها تحتاج إلى قانون.
وشدد كنعان على أنه لا يجوز إخضاع رواتب القطاع العام الإضافية للضريبة حتى "لا نأخذ بيد ما أعطيناهم إياه بيد"، لافتاً إلى أننا "لسنا مع المفعول الرجعي على الضرائب على الرواتب ومع تعديل الشطور بقانون وبتحديد سعر صرف مقبول وعادل لا وفق منصة صيرفة (التابعة لمصرف لبنان والذي يسجل اليوم 30300 ليرة)، أو أي شيء قريب منها".
وتساءل كنعان "هل من العدالة المفعول الرجعي لاقتطاع الضرائب على الرواتب؟"، مجيباً أن "هذا الأمر لا يجوز ويجب معالجة ذلك"، مشيراً إلى أنه حصل إجماع على "ضرورة أن تراعي قرارات وزارة المال أوضاع الناس والمؤسسات، إذ إن الشطور كما هي اليوم مجحفة بحق الناس".
وقرّرت وزارة المال اعتماد شطور لضريبة الدخل تصل إلى 25 في المائة، مع اعتماد سعر منصة صيرفة التابع لمصرف لبنان والمتحرّك لتحديد قيمة ضريبة الدخل على الرواتب بالدولار أو اللولار (الدولار المصرفي)، الأمر الذي دفع بموظفين في القطاع الخاص، والمؤسسات الخاصة، لا سيما الأجنبية منها، إلى رفع الصوت والتحرّك بوجه هذه الخطوة التي تعتبر مجحفة، وغير عادلة، ومنها من لوّحت بإقفال مكاتبها أو نقلها من لبنان.
وكان محامون في منظمة "ريفورم" (منظمة مختصة بتطوير وإصلاح التشريعات والنظم القانونية) يعملون على تقديم مراجعة ابطال للقرارين الصادرين فيما خصّ ضريبة الدخل ولا سيما التي طاولت الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار الأميركي، وسعر الصرف المعتمد في تحصيلها والتي تصل إلى 25 في المائة.
وهناك سبعة شطور في السلم الضريبي، 2%، 4%، 7%، 11%، 15%، 20%، و25%، المتضرّر الأكبر منها من يتقاضى راتبه بالدولار الأميركي الذي سيحتسب وفق سعر صيرفة ما يرفعه بشكل كبير بالليرة اللبنانية ويعرّضه للضريبة الأعل،ى وذلك في وقت ترتفع فيه تكاليف العيش والطبابة والتعليم في لبنان وتغيب الدولة عن أداء واجباتها تجاه المواطنين وتحرمهم من ابسط الخدمات.
في السياق، تقول المحامية من منظمة "ريفورم" دينا أبو زور، لـ"العربي الجديد"، إن التريث يعني عدم تطبيق القرارات لحين استكمال درسها أو تعديلها، مشيرة إلى أن على وزير المال إما أن يوقف العمل كلياً بها وهو أمرٌ مستبعدٌ، أو تعديلها بعد مراعاة الملاحظات التي وضعت على طاولة اجتماع لجنة المال والموازنة، على أمل أن تكون بمكانها، لا بالشكل الذي طرحت فيه باعتمادها سواء لناحية المفعول الرجعي، أو سعر منصة صيرفة المتحرك، أو الشطور الكبيرة التي اعتمدت وتعد مجحفة جداً بحق الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار الأميركي.
وتشير أبو زور إلى أن ضريبة الدخل التي تم إقرارها غير عادلة ومجحفة جداً سواء بحق الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار أو "اللولار"، عدا عن أنه يغيب عنها العدالة الاجتماعية، ويتم اعتمادها من دون إقرار أي تقديمات اجتماعية للموظفين الذين سيتكبدون الكثير بزيادة الأعباء الضرائبية عليهم.
وكان 12 نائباً تقدموا أيضاً في وقت سابق بطعن بقانون الموازنة العامة لعام 2022 أمام المجلس الدستوري، وفنّدوا المخالفات الدستورية التي يحويها سيما اقراره ونشره من دون قطع حساب ومن خارج المهل الدستورية، وبناءً على تقديرات غير صحيحة، ما يفاقم معاناة الناس ويمسّ برواتب الموظفين في وقت تغيب العدالة الضريبية والحماية الاجتماعية والتقديمات الصحية، كما يخلو القانون من أي رؤية إنقاذية.
كما ترتفع الأصوات المعترضة لتحميل الناس مزيداً من الرسوم والضرائب في وقتٍ ضربت قدرتهم الشرائية بالكامل بينما تغيب الخطوات الاصلاحية على صعيد مكافحة الهدر والفساد في المؤسسات العامة، ولجم التهريب عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية، والتهرّب الضريبي، وغيرها من التدابير إلى جانب محاسبة المسؤولين عن الانهيار.
كذلك، تطاول الانتقادات تمويل رواتب موظفي القطاع العام من جيوب موظفي القطاع الخاص، الذين اصلاً لن يشعروا بالزيادات على وقع التحليق المستمر لسعر صرف الدولار في السوق السوداء، والغلاء الفاحش الذي سيزيده الدولار الجمركي، في حين أن هناك آلاف الوظائف غير القانونية التي ستستفيد من الزيادة بينما يفترض شطبها.