استمع إلى الملخص
- انتقادات لنهج الحكومة الاقتصادي: واجهت تصريحات رئيس الوزراء انتقادات من خبراء الاقتصاد، محذرين من أن عدم رفع القدرة الشرائية سيؤدي إلى الفساد وضياع الموارد، مع التأكيد على ضرورة إيجاد موارد حقيقية لتمويل الزيادات.
- التحديات الاقتصادية المستمرة: رغم زيادة الأسعار، لم تتخذ الحكومة خطوات لتحسين الأجور أو خفض التضخم، مع دعوات لزيادات دورية في الرواتب تتناسب مع التضخم لتحسين الوضع الاقتصادي.
سادت أجواء من السخط بين أوساط السوريين، عقب إعلان الحكومة، أمس الأول، عن عدم القدرة على زيادة أجور العمال، بعد أشهر من الانتظار والتعويل على زيادة تساعد، ولو بشكل طفيف، في تخفيف أعباء المعيشة إثر الارتفاع المستمر للأسعار وتراجع صرف العملة السورية التي سجلت، اليوم الثلاثاء، 14800 ليرة مقابل الدولار، ووصول سعر غرام الذهب عيار 21 قيراطاً إلى 1.154.000 ليرة.
يرى المتقاعد فائز جلول من دمشق أن تصريح رئيس الحكومة محمد غازي الجلالي "أحدث خيبة كبيرة" لأن رئيس الوزراء يعلم جيداً أن الأجر الحالي، خاصة للمتقاعدين، وهو لا يزيد عن 200 ألف ليرة، لا يكفي ثمن خبز، فكيف يمكن أن يتدبر السوريون مصاريفهم خلال فترة الشتاء، بواقع غلاء أسعار السلع والمنتجات وندرة المحروقات، وبلوغ سعر ليتر المازوت 20 ألف ليرة سورية.
يشير جلول خلال اتصال إلى أن "الوضع سيئ جداً"، كاشفاً لـ"العربي الجديد" أن قطاع النقل كان أول المحتجين، وقد قام بإضراب أمس بدمشق شل الأعمال، ولكن يبدو أن الحكومة الجديدة ستسير على خطى سابقتها، بحسب المتقاعد السوري.
لم تبتعد المدرسة فاطمة غزال من مدينة حلب عن ذلك، مكتفية بالقول لـ"العربي الجديد": "ماذا يمكننا أن نفعل؟"، مشيرة إلى أن تكاليف تعليم طفل واحد وإطعامه ونقله، تزيد عن الراتب الشهري، ولكن "يبدو أن الحكومة لا تعير اهتماماً للشعب، للأسف".
وكان رئيس مجلس الوزراء بسورية، محمد غازي الجلالي قد صرّح أمس الأول، بأنه "لن يكون هناك قدرةٌ على مضاعفة الرواتب والأجور أو زيادتها إلى مستوياتٍ تلبي رغبات المواطنين ورغباتنا العاطفية والنفسية، فالتمويل بالعجز ليس مصدراً آمناً ومستداماً لتمويل التنمية في مثل حالتنا، ما لم يترافق بنموٍّ ملموسٍ في معدلات الاستثمار والنتاج، بل إنه سيؤدي إلى نتائجَ عكسيةٍ سنكون حريصين على عدم الانجرار إليها تحت أي ظرفٍ كان، فالحقيقة المرّة أسلمُ من الوهم المريح".
أجور زهيدة
تصريح أثار ردود أفعال ساخطة ونقداً لنهج الحكومة، فكتبت وزيرة الاقتصاد السابقة، لمياء عاصي: ما قاله رئيس مجلس الوزراء أمام مجلس الشعب خلال البيان الحكومي "يخالف أبسط قواعد الاقتصاد، وإن التلويح بعصا التمويل بالعجز بما يسببه من رفع لمعدل التضخم هو تبرير غير مقبول وغير اقتصادي".
تضيف الوزيرة السابقة أن رفع القدرة الشرائية للموظفين والعمال في القطاع العام يجب أن يكون من موارد حقيقية، لأن انخفاض الرواتب والأجور وعجزها عن تلبية المستلزمات الضرورية للعيش، سيؤدي حتماً إلى انتشار الفساد، وبالتالي ضياع الكثير من موارد الدولة، بما هو أكثر من زيادات الرواتب ورفع القدرة الشرائية للموظفين الحكوميين، وسيصبح الفساد ثقافة من الصعب مكافحتها وهذا سيؤدي الى فشل المؤسسات العامة في أداء مهامها.
يقول الاقتصادي السوري، عماد الدين المصبح، لـ"العربي الجديد" لم أستغرب تصريح الجلالي "لأني أتوقعه"، ولو تحدث عن رفع الأجور فسيترافق ذلك "مباشرة" مع رفع أسعار المحروقات والسلع والمنتجات، الأمر الذي سيؤدي لامتصاص الزيادة ويعاني المستهلك من التضخم، بشكل أكبر.
يلفت المصبح إلى أن حكومات الأسد، ومنذ ما بعد الثورة خاصة، تخصصت بالجباية والتفكير في تحصيل الموارد من جيوب السوريين وإتاوات التجار والصناعيين والأعمال غير المشروعة، من دون أن تفكر في توسيع قاعدة الاقتصاد وجذب الأموال والأعمال. رغم أن دورة الاقتصاد تتطلب زيادة الإنتاج بالتوازي مع زيادة قدرة المستهلك الشرائية، بمعنى، كيف سيزيد الإنتاج والمبيعات بواقع انعدام القدرة الشرائية؟
رغم زيادة الأسعار أكثر من 50% هذا العام، لم ترفع حكومة الأسد الأجور أو تحسن قيمة الليرة أو تخفض نسبة التضخم، مكتفية بزيادة أغسطس/ آب العام الماضي، وقت أصدر الرئيس السوري بشار الأسد مرسوماً بزيادة الرواتب والأجور بنسبة 100% لكل العاملين في الدولة من مدنيين وعسكريين، ومنح أصحاب المعاشات التقاعدية من العسكريين والمدنيين زيادة قدرها 100%.
لكن تلك الزيادة، لم تكن كافية لسد احتياجات السوريين الأساسية، ولا بد من زيادات دورية تناسب التضخم، بحسب تصريح سابق لنائب عميد كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، إبراهيم العدي، الذي طالب برفع التعويض العائلي وزيادة رواتب موظفي القطاع الحكومي بنسبة 100% كل ستة أشهر لتتناسب مع أسعار السوق والقدرة الشرائية.