كيف يؤثر انتخاب ترامب رئيساً لأميركا على اقتصاد أوروبا؟

15 يوليو 2024
أوروبا تتحسّب لفوز ترامب في الانتخابات - ولاية بنسلفانيا 13 يوليو 2024 (Getty)
+ الخط -

مع تزايد رهانات الأسواق في الأسابيع الأخيرة على فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية، يقول الاقتصاديون في بنك غولدمان ساكس إن ولاية أخرى للرئيس الأميركي السابق يمكن أن تكون لها "تداعيات عميقة" على اقتصاد منطقة اليورو.

وقال جاري ستين وجيمس موبيرلي، من بنك غولدمان ساكس، في مذكرة نُشرت يوم الجمعة، أي قبل محاولة الاغتيال الفاشلة لترامب السبت: "تشير تقديراتنا الأساسية إلى تأثير سلبي على الناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو، يقدر بنحو 1%، مع زيادة متواضعة قدرها 0.1% في التضخم، وهو ما يعني أن إعادة انتخاب ترامب ستشكل خطرًا كبيرًا على توقعاتنا الإيجابية للنمو في منطقة اليورو". وأوضحا أن السياسات المتوقع فرضها من ترامب، وما تسببه من عدم اليقين في السياسة التجارية، والضغوط الدفاعية والأمنية الإضافية، كما الآثار غير المباشرة من السياسات المحلية الأميركية في ما يخص الضرائب على سبيل المثال، يمكن أن تؤثر على أوروبا.

وأصيب ترامب برصاصة في أذنه يوم السبت في محاولة فاشلة لاغتياله خلال تجمع حاشد في ولاية بنسلفانيا. وأدى إطلاق النار إلى مقتل أحد الحضور والمسلّح، وما زال اثنان آخران في حالة حرجة، ولكن مستقرة. وأشار بعض المحللين إلى أن الأحداث يمكن أن تعزز فرص ترامب في استعادة البيت الأبيض بالانتخابات الأميركية في وقت لاحق من هذا العام، كما ارتفعت بعض الأصول بالفعل يوم الاثنين مع تسعير الأسواق لهذا الاحتمال.

وقبل يوم السبت، ارتفعت احتمالية فوز ترامب بفترة رئاسية ثانية بعد الأداء الضعيف للرئيس جو بايدن في مناظرة رئاسية قبل بضعة أسابيع. وقال بنك غولدمان ساكس في مذكرة يوم الجمعة إن الأسواق تراهن على احتمالية تبلغ نحو 60% لفوز ترامب في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني، مع بعض التقارير خلال عطلة نهاية الأسبوع التي تفيد بأن هذا الرقم قد ارتفع مرة أخرى.

ترامب والتوترات التجارية

وقال المحللان ستين وموبيرلي إن سياسة ترامب التجارية، وحالة عدم اليقين المحيطة بها، يمكن أن تكون واحدة من العوامل التي تؤثر على الاقتصاد الأوروبي، تمامًا كما حدث خلال فترة رئاسته الماضية. وتصاعدت التوترات التجارية بين الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي خلال ولاية ترامب الأخيرة، حيث فرضت الولايات المتحدة التعريفات الجمركية على الصلب والألومنيوم الأوروبيين، مما دفع الاتحاد الأوروبي إلى الرد بفرض رسوم جمركية انتقامية على البضائع الأميركية. وكانت هناك مخاوف استمرت لعدة أشهر حول ما إذا كانت القطاعات الأخرى مثل السيارات ستشهد رسومًا أعلى، مما أربك الأسواق بصورة واضحة وقتها.

وجاء في المذكرة البحثية أن "ترامب تعهد بفرض تعريفة شاملة بنسبة 10% على جميع الواردات الأميركية، بما فيها تلك الآتية من أوروبا، الأمر الذي من المرجح أن يؤدي إلى زيادة حادة في حالة عدم اليقين بشأن السياسة التجارية، كما حدث في الفترة بين 2018-2019. وقال الاقتصاديان إن حالات عدم اليقين كان لها في السابق تأثير كبير ومستمر على النشاط الاقتصادي في منطقة اليورو. وفي عامي 2018 و2019، أدت حالة عدم اليقين بشأن السياسة التجارية إلى انخفاض الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو بنحو 2%.

ومن المتوقع أن تتأثر بعض الدول، مثل ألمانيا، أكثر من غيرها، لأنها تعتمد بشكل أكبر على الإنتاج الصناعي، وفقًا لاقتصاديَّي بنك الاستثمار، اللذين قالا أيضاً إن التوترات التجارية يمكن أن تؤدي إلى تضرر الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو. وفي حين أن عدم اليقين بشأن السياسة التجارية قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار، فإن ارتفاع التعريفات الجمركية قد يدفعها إلى الارتفاع مرة أخرى، وفقًا للخبيرين الاقتصاديَّين.

الضغوط الدفاعية والأمنية

ومن المتوقع أيضًا أن يخفض ترامب المساعدات الأميركية لأوكرانيا، أو يقطعها بالكامل، وأشار إلى أنه لن يساعد الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي العسكري التي لا تلبي متطلبات الإنفاق الدفاعي البالغة 2%. ويرى بنك غولدمان ساكس أن تلبية متطلبات 2% من دول الحلف، واحتمال تقليص الدعم المالي الأميركي لأوكرانيا يمكن أن يؤثرا على اقتصاد أوروبا.

وقالت المذكرة البحثية: "لذلك قد يُطلب من الدول الأوروبية تمويل 0.5% إضافية من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق الدفاعي سنويًا خلال فترة ولاية ترامب الثانية"، مضيفة أن نمو الإنفاق العسكري الإضافي من المتوقع أن يكون متواضعًا. وأوضح ستين وموبيرلي أن عدم اليقين والمخاطر الجيوسياسية يمكن أن ينتُجا عن سياسة ترامب العدائية تجاه أوروبا، وموقفه من الناتو، خاصة إذا أثار تساؤلات حول مدى التزام الولايات المتحدة بالتحالف العسكري.

انعكاسات السياسة الأميركية الداخلية على أوروبا

والطريقة الثالثة التي يمكن أن تؤثر فيها سياسات ترامب على اقتصاد منطقة اليورو هي من خلال الخطط المحلية الأميركية، مثل التخفيضات الضريبية وتقليل القيود التنظيمية. وقال الاقتصاديان في بنك غولدمان ساكس إن التحولات في السياسة الكلية خلال فترة ولاية ترامب الأولى استلزمت تأثيرات كبيرة على أوروبا من خلال الطلب الأميركي القوي والظروف المالية الأميركية الأكثر صرامة.

ويمكن أن تؤدي التخفيضات الضريبية المتوقعة في الولايات المتحدة إلى تعزيز النشاط الاقتصادي في أوروبا، ولكن إذا اقترنت بتحولات أخرى متوقعة في السوق، فمن المرجح أن يكون التأثير الإجمالي محدوداً، وفقا لستين وموبيرلي، اللذين أضافا: "مع ذلك، فمن المرجح أن يكون صافي التداعيات المالية ضعيفًا، لأننا نتوقع أن يتم تعويض تأثير ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل من خلال ضعف اليورو بشكل ملحوظ". وقالا إن ذلك يتوافق مع التحركات التي تلت الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني 2016.

المساهمون