لم تعد البدائل المتاحة أمام الرئيس الأميركي جو بايدن كثيرة، بعد وضوح إصرار أعضاء "أوبك+" على الحفاظ على استقرار أسعار النفط أمام توقعات دخول الاقتصاد العالمي في ركود، إلا أن الشيء المؤكد هو عدم وقوف متخذ القرار في الاقتصاد الأكبر في العالم عاجزاً أمام قرارات تخفيض الإنتاج.
وأعرب الرئيس الأميركي عن خيبة أمله من قرار خفض الإنتاج مليوني برميل يومياً، مؤكداً أن "الولايات المتحدة لديها العديد من البدائل للتعامل معه، إلا أن قراراً لم يتخذ حتى الآن في هذا الشأن".
وقبل اتخاذ قرار الخفض، وعلى مدار سنوات، لم تكن العلاقات بين أعضاء الكونغرس والسعودية، التي تعد من المؤثرين الكبار في قرار المنظمة، خالية من المشاكسات، بينما حافظ البيت الأبيض على "شعرة معاوية" معها.
لكن صحيفة "وول ستريت جورنال" قالت، اليوم الخميس، إن البيت الأبيض هدد، عقب إصدار "أوبك+" قرار خفض الإنتاج، بدعم جهود المشرعين الأميركيين لتخفيف سيطرة الكارتل على سوق الطاقة شديدة الأهمية للاقتصاد الأميركي، المستورد الأكبر للنفط في العالم.
ونقلت الصحيفة عن ديفيد غولدوين، الذي شغل مناصب عدة في وزارة الطاقة في عهد الرئيسين بيل كلينتون وباراك أوباما، قوله: "نحن نعود الآن إلى ما شهدناه من قبل من فترات مطولة من العداء بين أوبك والولايات المتحدة".
وقال مسؤولو البيت الأبيض، يوم الخميس، إنهم سيردون على القرار بمزيد من الإفراج عن الاحتياطيات الاستراتيجية لديهم، من بين خيارات أخرى محتملة.
وفي لقاء مع قناة "سي أن أن" الإخبارية، قال عضو لجنة الشيوخ الديمقراطي إدوارد ج. ماركي إنه سيعيد تقديم مشروع قانون يسمى "قانون محاسبة أوبك". ويلزم ذلك القانون الرئيس الأميركي بالضغط على الدول الأعضاء في أوبك وحلفائهم لإجراء محادثات حول إنهاء تنسيقهم في إنتاج النفط وتسعيره. وفي حالة عدم حدوث تغيير من خلال تلك المحادثات، تقوم الإدارة الأميركية بنقل الملف إلى منظمة التجارة العالمية.
ونقلت مجلة "بوليتيكو" عن عضو مجلس النواب توم مالينوسكي مطالبته للإدارة الأميركية بـ"التوقف عن التصرف كالمهزومين" في العلاقة مع السعودية والإمارات، مشيراً إلى ضرورة "التأكيد على أن الخدمات التي نقدمها لهذه البلدان تتطلب منها مراعاة مصالحنا واهتماماتنا المشروعة". وأضاف: "وإذا لم يكونوا مستعدين للقيام بذلك، فعليهم العثور على صديق آخر"، وفق تعبيره.
واعتبر مالينوسكي أن قرار خفض الإنتاج سيعزز أسعار النفط بطريقة تساعد روسيا على الاستمرار في شن حربها على أوكرانيا، مؤكداً ضرورة عدم تقديم الولايات المتحدة مساعدة عسكرية للدول الراغبة في مساعدة موسكو بهذه الطريقة.
ومنذ أكثر من عشرين عاماً، طرح في الكونغرس مشروع قانون، أطلق عليه NOPEC، يسمح لوزارة العدل الأميركية بمقاضاة أعضاء منظمة أوبك بتهمة مخالفة قوانين منع الاحتكار، ومن ثم مصادرة أصولهم في الولايات المتحدة لفرض تنفيذ أي غرامات مالية يحكم بها عليهم. لكن لم يتم إقرار القانون حتى الآن، حرصاً على العلاقات مع السعودية، كما يقول المحللون. ويرى محللون أن قرار "أوبك+" الأخير قد يعيد إحياء هذا التشريع.
لكن شريف نافع، خبير أسواق النفط والمدير السابق بشركة هاليبرتون، يعتقد أن أميركا من مصلحتها ارتفاع أسعار النفط الناتج عن خفض الإنتاج، ويضيف: "هم غير غاضبين بشكل كبير…. لكن لا بد أن يقولوا إنهم غاضبون".
وفي حوار مع "العربي الجديد"، أوضح نافع أن "كبريات شركات البترول العالمية أغلبها من أميركا، وهي تستفيد من ارتفاع الأسعار".
ومع ذلك، يرى نافع أن هناك بدائل لو أرادت الإدارة الحالية تعويض النقص في الإنتاج، منها "وضع خطة سياسية لتحفيز الدول غير المنتسبة لـ"أوبك" لزيادة اكتشافاتها وزيادة الاحتياطي والإنتاج". ويضيف: "وهناك فكرة طرحها البعض وقد تكون أصعب، وهي الدخول بثقل في فنزويلا وقلب نظامها ووضع نظام بديل يكون موالياً تماماً لأميركا، ثم رفع الحظر المفروض عليها". وأكد نافع أن هذا يجعل أميركا تتحكم في أكبر احتياطي بترول في العالم.
وفي 2019، دعمت واشنطن بقوة زعيم المعارضة الفنزويلية خوان غوايدو لإسقاط الرئيس نيكولاس مادورو، لكن دون جدوى.
ومن ناحية أخرى، قال مسؤولون أميركيون إن فرض حظر على صادرات الديزل والبنزين أمر ممكن، لكنه ليس وشيكًا. وقال محللون إن الإدارة من المرجح أن تنتظر لترى ما إذا كانت الأسعار سترتفع مرة أخرى قبل اتخاذ إجراء صارم.