كيف تؤثر سوق السيارات الكهربائية على سباق انتخابات الرئاسة بأميركا

20 يونيو 2024
مصنع للسيارات الكهربائية - ولاية فيلادلفيا 6 يونيو 2024 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- الرئيس الأميركي جو بايدن وحزبه الديمقراطي يهدفان لجعل نصف السيارات الجديدة المباعة في الولايات المتحدة كهربائية بحلول 2030 لمواجهة تغير المناخ وخفض انبعاثات الغازات الدفيئة، مع التوازن بين حماية الوظائف الأميركية والتحول للتكنولوجيا الخضراء.
- بايدن يسعى لتعزيز الإنتاج المحلي للسيارات الكهربائية وتقليل الاعتماد على الصين، مع فرض تعريفات جمركية مضاعفة على الواردات الصينية، رغم مخاوف ارتفاع أسعار السيارات الكهربائية وتأثير ذلك على التقدم الأميركي.
- ولاية ميشيغن تبرز كمثال على التحديات المرتبطة بالانتقال إلى السيارات الكهربائية، مع التركيز على الحفاظ على الوظائف وتطوير التكنولوجيا والبنية التحتية اللازمة، في ظل السعي لتعزيز القدرات الإنتاجية الأميركية والانتقال العادل نحو مستقبل أخضر.

يسعى الرئيس الأميركي جو بايدن وحزبه الديمقراطي لإقناع الأميركيين بشراء السيارات الكهربائية ولكن الدعوات لا تتوقف داخل الحزب لعدم إغفال أهمية أصوات العمال أصحاب الياقات الزرقاء من العاملين في صناعة السيارات التقليدية التي تعمل بالبنزين.

وتقع السيارات الكهربائية وسط اثنتين من أولويات بايدن المتضاربة، وهما معالجة تغير المناخ وحماية الوظائف في الولايات المتحدة. واقترب بايدن من تحقيق هدفه، الذي أراد به أن يكون نصف السيارات الجديدة المباعة في الولايات المتحدة كهربائية بحلول عام 2030، ليكون ذلك بمثابة محطة مهمة في طريقه للوفاء بوعده الأوسع بخفض انبعاثات الغازات الدفيئة في البلاد إلى حوالي 50% أقل من مستويات عام 2005 بحلول نهاية العقد.

السيارات الكهربائية والانتخابات

وفي عام الانتخابات، تصبح هذه القضية مشحونة سياسياً أيضاً. وتعتبر ولايتا ميشيغن وأوهايو، وكلتاهما موطن لأعداد كبيرة من عمال صناعة السيارات، من الولايات المتأرجحة في الانتخابات الرئاسية، حيث يحاول كل من بايدن والمرشح الجمهوري دونالد ترامب جذب الناخبين من الطبقة العاملة هناك. ويرتبط الحفاظ على الوظائف في صناعة السيارات الأميركية مع تحركها نحو التكنولوجيا الخضراء إلى حد كبير بسلاسل التوريد، كون أكثر من نصف العاملين في صناعة السيارات في جميع أنحاء الولايات المتحدة، والبالغ عددهم 995 ألف شخص، يعملون في تصنيع قطع الغيار، وفقا لمكتب إحصاءات العمل.

وأصبحت التزامات بايدن المناخية مهمة للغاية بالنسبة للناخبين الشباب، رغم طرحه سياسة صناعية تهدد وتيرة استخدام المركبات الكهربائية في الولايات المتحدة، وبالتالي أهدافه البيئية. وتعد الصين أكبر منتج في صناعة السيارات الكهربائية في العالم، وتلعب دورًا كبيرًا في سلسلة توريد المواد الخام، وهو ما أبقى بايدن مستيقظاً أثناء الليل، ودفعه لفرض تعريفات جمركية إضافية على الصين، ضربت شركات صناعة السيارات والبطاريات لديها، لتتمكن الولايات المتحدة وسلاسل التوريد الأميركية من تبوّء مكانة أفضل في الأسواق العالمية.

والشهر الماضي، ضاعف بايدن التعريفات الجمركية المفروضة على السيارات الكهربائية القادمة لبلاده من الصين أربع مرات، لتصل إلى 100%. وستؤدي تعريفات بايدن من الناحية العملية إلى إغلاق أحد أكبر أسواق سيارات الركاب في العالم أمام أكبر منتج عالمي للسيارات الكهربائية، بالإضافة إلى تهديدها بإشعال حرب تجارية ضخمة، تدور رحاها خارج الولايات المتحدة، وتحديداً على الأراضي الأوروبية. وقال بايدن وقتها: "أنا مصمم على أن مستقبل السيارات الكهربائية سيتم صنعه في أميركا على يد الاتحادات العمالية".

وقالت إيلاريا مازوكو، رئيسة قسم الأعمال والاقتصاد الصيني في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، لصحيفة فاينانشال تايمز: "هذا بالضبط ما تشعر إدارة بايدن بأنها بحاجة إلى القيام به على الجبهة السياسية لأنها بحاجة إلى إعطاء الأولوية للوظائف". وتهدد السيارات الصديقة للبيئة أيضًا الوظائف في صناعة السيارات الأميركية، التي يشغل أكثر من نصفها أشخاص يصنعون قطع غيار المركبات. وتحتوي السيارات الكهربائية على مكونات أقل من السيارات التي تعمل بالبنزين، مما يعرض هذه الوظائف لخطر أكبر، وتتضاعف أهمية الأمر في عام الانتخابات.

وتقول إدارة بايدن إن الغاية من فرض التعريفات على السيارات الصينية هي السماح للولايات المتحدة بتطوير سلاسل التوريد الخاصة بها، لكن المحللين يقولون إن مثل هذه السياسات الحمائية ستؤدي إلى ارتفاع أسعار السيارات الكهربائية للمستهلكين الأميركيين، وإن ذلك قد يؤدي إلى توقف المبيعات، ما يبقي الولايات المتحدة خلف الصين وأوروبا في اعتماد المركبات الكهربائية، ويعرض للخطر، ليس فقط أهداف إدارة بايدن، ولكن أيضًا الإقبال العالمي على المركبات الكهربائية. ويقول معهد الموارد العالمية إن ما بين 75% و95% من سيارات الركاب الجديدة المباعة بحلول عام 2030 يجب أن تكون كهربائية إذا أردنا تحقيق أهداف اتفاقية باريس.

ورغم التشجيع المستمر من إدارة بايدن للأميركيين بالتحول إلى السيارات الكهربائية، لا تبدو الأمور ميسرة لفعل ذلك للكثيرين، ويرجع ذلك بالأساس إلى الأسعار المرتفعة للسيارات، وبالتزامن مع استمرار معدلات الفائدة الأميركية على ارتفاعها، حيث تضافَر ارتفاع التكلفة مع المخاوف بشأن نطاق القيادة وتوفر البيئة التحتية للشحن لتهدئة حماس المشترين، حتى بين أولئك الذين يعتبرون أنفسهم أصدقاء للبيئة. وفي حين أن تكنولوجيا السيارات الكهربائية لا تزال تتطور، وأن شعبية السيارات الكهربائية تستمر في الازدياد، فقد تباطأ نمو المبيعات. ويعيد العديد من شركات صناعة السيارات النظر حالياً في خطط التصنيع، مما يؤدي إلى خفض أعداد السيارات الكهربائية التي خططت لإنتاجها للسوق الأميركية لصالح السيارات ذات محركات الاحتراق والهجينة.

ومن ناحية أخرى، تعد ولاية ميشيغن المهمة والمتأرجحة في هذا السباق الرئاسي مرادفاً لصناعة السيارات التقليدية في الولايات المتحدة، كونها موطناً لكثير من عمال صناعة السيارات، الذين تحظى أصواتهم بأهمية كبيرة لدى كل من بايدن وترامب. وينظر إلى الولاية باعتبارها مسقط رأس صناعة السيارات في الولايات المتحدة، وتقود القطاع الهام في الاقتصاد الأميركي بسبب إنتاجها لعدد من السيارات أكثر من أي ولاية أخرى. وتبلغ حصة ميشيغن أكثر من 18% من إجمالي إنتاج السيارات في الولايات المتحدة، بحسب بيانات غرفة ديترويت الإقليمية.

وشهدت مدينة ديترويت بولاية ميشيغن تشغيل أول مركبة تعمل بالبنزين في عام 1896، بسرعة تصل إلى 20 ميلًا في الساعة، وفي عام 2017، خرج أكثر من مليوني سيارة وشاحنة من 11 خط تجميع في ميشيغن؛ منها أكثر من 1.7 مليون في مصانع التجميع الواقعة في منطقة ديترويت. وتعد الولاية الأميركية موطنًا لأكثر من 1600 مؤسسة تصنيع مرتبطة بالسيارات، فضلًا عن 17 مقرًا رئيسًا للشركات المصنعة للمعدات الأصلية أو مراكز التكنولوجيا.

ولا يأتي تفوق ولاية ميشيغن في صناعة السيارات بالعدد فقط، كونها موطنًا لعمالقة صناعة السيارات الأميركية مثل جنرال موتورز وفورد، ويوجد فيها نحو 96 من أفضل 100 مورد لأميركا الشمالية. ولا تعد ميشيغن مكانًا للتصنيع فقط، إذ يوجد بها أكثر من 2200 منشأة أبحاث لتصميم وهندسية واختبار السيارات، وغيرها من الأمور المتعلقة بالصناعة. وتأتي الولاية أيضاً في المرتبة الأولى بين الولايات الأميركية، في ما يتعلق بعدد المشروعات والتشريعات الخاصة باختبار المركبات.

وبصفة عامة، بلغ إنتاج السيارات في الولايات المتحدة 9.17 ملايين وحدة في العام الماضي، ارتفاعًا من 8.82 ملايين سيارة خلال 2020، حينما تضررت صناعة المركبات عالميًا، مع اضطرابات سلاسل التوريد؛ جراء الإغلاقات المتعلقة بوباء كورونا. وخلال أكثر من عقدين، لم يتمكّن إنتاج السيارات في أميركا من كسر الرقم القياسي المسجل في 1999 عند 13.01 مليون سيارة، بحسب شركة الأبحاث الألمانية ستاتيستا.

المساهمون