انتقلت قوة التفاوض في عقود الغاز الطبيعي طويلة الأجل الواردة إلى تركيا، من أيدي الموردين الأجانب إلى أنقرة، بعد تحقيق الأخيرة كشفين عن الغاز في مياه البحر الأسود.
ومن المنتظر أن يفتح الكشفان الباب واسعا أمام احتمالات اكتشافات أخرى لمصادر الطاقة التقليدية بالبحر الأسود أو المتوسط، في وقت أصبح فيه الأخير ساحة ساخنة للتنقيب من جانب الدول الساحلية.
وفي 17 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اكتشاف 85 مليار متر مكعب إضافي من الغاز الطبيعي في البحر الأسود، ليرتفع إجمالي احتياطي الغاز المكتشف في منطقة "تونا ـ 1/ حقل صقاريا" إلى 405 مليارات متر مكعب.
"جوناثان ستيرن"، مؤسس قسم أبحاث الغاز الطبيعي في معهد الطاقة بأكسفورد، قال إن الاكتشاف التركي للغاز الطبيعي في البحر الأسود، سيقوي موقف أنقرة في العقود طويلة الأجل التي ستعقدها في مجال الطاقة.
وذكر "ستيرن" في حديث مع الأناضول، أنه "حسبما أعلم فإن الإنتاج التركي من الغاز سيصل سنويا إلى 6 مليارات متر مكعب، وسيكون لهذا الإنتاج تأثير على المفاوضات التي تتعلق بالعقود طويلة الأجل مع شركة غاز بروم وغيرها".
وأشار إلى أنه لم يتم اكتشاف مثل هذه الكميات الضخمة في تركيا أو في البحر الأسود عامة، حتى الآن، ولفت إلى احتمال وجود اكتشافات أخرى جديدة.
وتعادل قيمة احتياطي الغاز المكتشف بحقل صقاريا، نحو 85 إلى 90 مليار ليرة تركية (10.7 - 11.3 مليار دولار)، وسيتيح لتركيا تلبية احتياجاتها المنزلية من الغاز الطبيعي محليا لمدة 25 عاما، وتلبية كامل احتياجاتها من الغاز لمدة 8 سنوات. وتستهلك تركيا نحو 45 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا.
وتشير التوقعات التركية لإمكانية البدء باستخراج الغاز الطبيعي بحلول 2023، ووفق الخبير الدولي، فإن "هذا أمر ممكن، ولكن وفق معلوماتي فإن الشركات التركية تعتزم القيام بهذا دون تلقي أي مساعدات خارجية".
وزاد ستيرن: "لذا سيستغرق الأمر وقتا أطول، إذ يتعلق هذا الأمر بعمق المنطقة.. لقد تم العمل مع شركة إيني الإيطالية لتطوير حقل ظهر للغاز في مصر.. لذلك تم إنجازه في وقت سريع دون أية مشكلات مادية أو تقنية".
من جهته، "روبين ميلز" المدير التنفيذي لشركة "قمر إنيرجي لاستشارات الطاقة" ومقرها دبي، قال إن العمل بالحقل سيستغرق بضع سنوات.
وأضاف ميلز: "أثناء هذه الفترة ستحتاج تركيا إلى شراء كامل احتياجاتها من الطاقة من الخارج.. إلا أن هذا الكشف سيكون ورقة رابحة وميزة لتركيا في مباحثاتها للعقود طويلة الأجل".
وأكد ميلز على احتمالية القيام باكتشافات أخرى جديدة في البحر الأسود.. "قد تكون هناك اكتشافات جديدة في هذه المنطقة بسبب وجود مساحة غنية بالغاز تمتد من المناطق البحرية المفتوحة لرومانيا وبلغاريا وحتى المياه الإقليمية التركية".
وأضاف: "ربما مؤسسة البترول التركية ليس لديها الخبرة في القيام بالأعمال المتعلقة بالغاز الطبيعي في المناطق المائية العميقة.. كما أن البنية التحتية في البحر الأسود أقل، لذا ستكون المهمة أكثر صعوبة من الناحية اللوجستية".
وسينتهي جزء من عقود الشراء طويلة الأجل التركية بحلول 2021؛ وسيتم الاتفاق على عقود شراء جديدة بمجموع 11.6 مليار متر مكعب. ومن المنتظر التعاقد على كميات أكبر من هذه بحلول عام 2026.
وسيعمل حقل الغاز في صقاريا بالبحر الأسود والاكتشافات الأخرى المحتملة على تقوية وتعزيز موقف الشركات التركية في المفاوضات التي ستتم في السنوات القادمة، من ناحية السعر وشروط التعاقد. وانتهت اتفاقية الغاز الطبيعي المسال بين شركة "بوطاش" وقطر بقيمة 2.1 مليار متر مكعب في الشهر الماضي.
وبحلول 2021 ستنتهي اتفاقية الغاز التي تقوم بها الشركة بواقع 4 مليارات متر مكعب من شركة غازبروم الروسية عبر البلقان، كما ستنتهي اتفاقية شراء الغاز الطبيعي المسال من نيجيريا بواقع 1.3 مليار متر مكعب في العام نفسه.
وعلى صعيد القطاع الخاص، من المتوقع أن تنتهي اتفاقية الغاز بين كل من شركتي أوراسيا والبوسفور للغاز مع روسيا في 2021، والمقدرة بإجمالي 1.5 مليار متر مكعب، بواقع 750 مليون متر مكعب لكل شركة منهما.
كما ستنتهي اتفاقيات شركة إنركو إنيرجي بواقع 2.5 مليار متر مكعب، وشركة شل إنيرجي بواقع 250 مليون متر مكعب.
وبهذا ستُعقد مفاوضات أخرى في 2021 حول اتفاقيات شراء الغاز الطبيعي بقيمة إجمالية 11.6 مليار متر مكعب.
(الأناضول)