قيس سعيد يعيق حصول تونس على قرض صندوق النقد الدولي

09 مارس 2023
سياسات قيس سعيّد تلقى موجة اعتراض شعبية وسياسية ونقابية عارمة (الأناضول)
+ الخط -

ليس هناك مؤشر يذكر على أن الرئيس التونسي قيس سعيد متحمس للموافقة على الخطوات اللازمة للتوصل إلى اتفاق على حزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي لا تزال متعثرة منذ شهور، ومن شأنها مساعدة البلاد على تجنب أزمة مالية.

وتوصلت تونس إلى اتفاق مع الصندوق على مستوى الخبراء في سبتمبر/أيلول للحصول على قرض بقيمة 1.9 مليار دولار، لكنها تخلفت عن الوفاء بالتزامات مهمة، ويرى المانحون أن ماليات الدولة تبتعد بشكل متزايد عن الأرقام التي تم حساب الاتفاق على أساسها.

وستواجه تونس ما لم تحصل على القرض أزمة شاملة في ميزان المدفوعات. ورغم أن معظم الديون داخلية، فإن هناك مدفوعات ديون خارجية تستحق في وقت لاحق من العام الجاري، وقالت وكالات للتصنيف الائتماني إن تونس قد تتخلف عن السداد.

وقالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، الشهر الماضي، إن تونس أحرزت تقدما جيدا، وإن مجلس إدارة الصندوق سينظر الاتفاق "قريبا جدا".

وذكرت متحدثة باسم الصندوق أن موعد نظر المجلس في الاتفاق سيتحدد بمجرد أن "تكمل السلطات متطلبات البرنامج".

وقال مسؤول تونسي إن "الأمور قد لا تكون تتحرك بسرعة لكنها تتحرك بوتيرة مطردة"، مضيفا أن الحكومة تتوقع إحراز تقدم "ربما في غضون أسابيع قليلة".

المانحون يتشككون

ولم تنفذ تونس تخفيضات مقررة في دعم الوقود، ولم تصدر قانون الشركات العامة الذي سبق أن وعدت به. ويعارض الاتحاد العام للشغل "الإصلاحات" الرئيسية التي يريدها صندوق النقد.

والأهم من ذلك هو أن سعيد لم يدعم الاتفاق علنا، ولم يلتزم بتوقيعه حال إقراره، مما يثير قلق المانحين من أنه قد يرفض القرض أو يلغي الإصلاحات بعد الحصول على الأموال أو يحملهم المسؤولية عن أي تداعيات اقتصادية مؤلمة تترتب عليها.

وإذا استغرقت تونس وقتا أطول من المقبول لاستكمال الاتفاق، فقد يرى الصندوق أن الأرقام التي يستند إليها لم تعد واقعية، وعليه يتعين إعادة المفاوضات من جديد. وليس من الواضح متى ستصل الأمور لهذه النقطة.

وتعاني الحكومة بالفعل لتغطية تكلفة واردات السلع الأساسية وشهدت الأشهر الماضية نقصا متكررا في سلع مدعومة مثل السكر والقهوة وزيت الطهي ومنتجات الألبان والأدوية. وتجاوز معدل التضخم 10%.

ودون الحصول على مساعدة خارجية، قد يتفاقم النقص ويمتد إلى سلع أخرى مثل الوقود، كما قد تواجه الحكومة صعوبات في دفع رواتب موظفي الدولة.

ولا يبدو أن أيا من المانحين الأجانب مستعد لإقراض تونس دون الطمأنينة التي يوفرها اتفاق مع صندوق النقد الدولي، ومن الممكن أن تنفد الأموال قريبا من السوق المالية المحلية.

ومن شأن مصادر التمويل البديلة، مثل السحب من احتياطيات العملة الأجنبية أو طباعة النقود، أن تقوض الدينار التونسي، مما سيؤدي إلى تفاقم الصعوبات التي تواجهها الحكومة في الاستيراد وتسريع وتيرة التضخم. وحذر البنك المركزي بالفعل من مثل هذه التحركات.

ورغم استمرار بعض المساعدات الخارجية، مع تقديم مؤسسات مالية دولية قروضا ذات أهداف محددة لدعم مشتريات الغذاء والوقود، لكنها لا تكفي لتمويل الموازنة التونسية.

أسلوب حاد

وقال مانحون إن تونس كان من المفترض أن ترفع أسعار الوقود بنسبة تتراوح بين ثلاثة وخمسة بالمائة شهريا بموجب اتفاق سبتمبر/ أيلول. لكنها لم تفعل ذلك منذ نوفمبر/تشرين الثاني، وعلى الرغم من توقع زيادة أخرى قريبا فسيتعين أن تكون كبيرة جدا لمواكبة الالتزامات.

وعلى الرغم من أن الحكومة قالت الشهر الماضي إنها وافقت على قانون بشأن الشركات المملوكة للدولة يُنظر إليه على أنه تمهيد لجهود إعادة الهيكلة لخفض العبء المالي الهائل الذي تشكله تلك الشركات على الدولة، إلا أن هذا القانون لم يصدر رسميا.

ويبدو أن التأخير يعود بالأساس إلى الرئيس سعيد، الذي سيطر على معظم السلطات في 2021 وحل البرلمان وعيّن حكومة جديدة وانتقل إلى الحكم بالمراسيم.

ولم يبد قيس سعيد اهتماما كبيرا بالسياسة الاقتصادية، باستثناء إلقاء اللوم على الفساد في مشاكل تونس، ورفض مناشدات المانحين بضرورة وجود قبول واسع لدى المجتمع للإصلاحات المؤلمة من خلال اتفاقات مع الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يعارضه بشدة الآن.

كما أنه بعيد كل البعض عن ترضية المانحين بأسلوبه الحاد وبحملة اعتقالات المعارضين وخطابه المناهض للمهاجرين والتدخل الأجنبي، ولم يترك لهم مبررا يذكر لمنح تونس فسحة إضافية.

وعلق البنك الدولي بالفعل عمله المستقبلي مع تونس، وقال صندوق النقد الدولي اليوم الخميس إنه "قلق" بشأن التطورات الأخيرة.

وفي الوقت نفسه، فإن تصريحات سعيد المتعلقة بالمساعدات توحي بأنه إذا كان صندوق النقد والمانحون يأملون في موافقته العلنية على صفقة تستلزم إجراء تخفيضات في الإنفاق لا تحظى بشعبية، فربما لا يحالفهم الحظ.

وقال سعيد لرئيسة الوزراء نجلاء بودن الشهر الماضي إن الحل ليس في الخضوع للإملاءات التي وصفها بأنها "شكل جديد من أشكال الاستعمار". وأضاف أنه إذا كانت الدول الأجنبية تريد مساعدة تونس "فليعيدوا أموالنا المنهوبة ويسقطوا الديون المتراكمة".

(رويترز)

المساهمون