تبدأ قمة المناخ "كوب 28" اليوم الخميس في دبي، حيث يرتقب أن يشارك فيها زعماء من حول العالم.
وفي هذه المناسبة، رأى خبراء صندوق النقد الدولي، أن منطقة الشرق الأوسط تواجه واقعا بيئيا أليما، يؤثر على اقتصاداتها، في ظل ارتفاع درجات الحرارة بسرعة بلغت ضعف المتوسط العالمي، وتفاقم ندرة هطول الأمطار وتراجع إمكانية التنبؤ بها، مؤكدين أن الآثار تقع على الدول الهشة أكثر من غيرها مع احتمالات بتفاقم الصراعات.
تلك من بين الخلاصات التي نشرها جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، وحسن دودو ولينغ زو الاقتصاديان بتلك المؤسسة، بمناسبة مؤتمر الأمم المتحدة بشأن المناخ "كوب 28".
وأكد الخبراء على أنه "يجب على الحكومات في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى أن تكثف أهدافها للتكيف مع تغير المناخ وخفض مساهمتها في الاحترار العالمي على حد سواء".
ويحيل خبراء صندوق النقد الدولي على دراسة أجرتها المؤسسة المالية أخيرا، حيث خلصت إلى أن "الاضطرابات الاقتصادية الأساسية الناجمة عن تغير المناخ لا تهدد الأمن الغذائي فحسب وإنما هي أيضا تضعف الصحة العامة، مع ما لها من تأثير تعاقبي على الفقر وعدم المساواة والنزوح والاستقرار السياسي وحتى الصراعات".
خفض الناتج المحلي
ولاحظوا أن "الكوارث المناخية كانت في مضى قد أفضت إلى خسائر دائمة من تراجع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 5,5 في المائة في آسيا الوسطى و1,1 في المائة في اﻟﺸﺮق الأوسط وﺷﻤﺎل أﻓﺮﻳﻘﻴﺎ. ولن نشهد إلا زيادة في معدل تكرار هذه الكوارث".
ويذهبون إلى أن تلك الآثار المناخية تتجلى أكثر في الدول الهشة المتأثرة بالصراعات، و"التي تزيد معاناتها من خسائر الناتج بمقدار أربعة أضعاف في أعقاب الصدمات الجوية المرتبطة بتغير المناخ، مما يعقد حالة الهشاشة التي تعيشها بالفعل".
ويشير خبراء المؤسسة المالية الدولية إلى أن أزمات النزوح بسبب المناخ، تبين، مثلما هو الحال في الصومال، العواقب المدمرة والخسائر الإنسانية التي يسببها تغير المناخ، ولا سيما في البلدان والمناطق الضعيفة. وتغير المناخ يمكن أن يجعل الصراعات فتاكة بشكل أكبر.
ويحيلون على دراسات أجراها صندوق النقد الدولي حول التكيف وتخفيف الآثار، والتي توصلت إلى أنه يتعين استثمار حوالي 4 في المائة من إجمالي الناتج المحلي سنويا لتعزيز الصمود في مواجهة تغير المناخ بالقدر الكافي وتحقيق أهداف خفض الانبعاثات بحلول 2030.
اقتراحات خبراء لتخفيف أعباء التمويل
ويرى الخبراء أنه في ظل ارتفاع كلفة الاقتراض والقيود التي تحيط بصلاحيات الإنفاق الحكومي، يكتسي جذب مزيد من التمويل الخاص أهمية بالغة في سد الفجوات التمويلية، مؤكدين أنه "يمكن المساعدة على تخفيف أعباء التمويل وإرسال إشارات أوضح للمستثمرين باتخاذ تدابير مثل التعجيل بإصلاح دعم الوقود وضرائب الكربون، وغيرها من القواعد التنظيمية المتعلقة بالمناخ".
ويلاحظ هؤلاء أن هناك الكثير من البلدان في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى التي تتخذ بالفعل خطوات تهدف إلى تخفيف الآثار المدمرة لتغير المناخ، ضاربين المثل بسعي المغرب والأردن وتونس إلى تحسين ممارسات إدارة المياه، معتبرين أن ذلك يساعد على تعزيز صلابتها في خضم موجات الجفاف المطولة.
وسجل خبراء صندوق النقد أن بلدانا تعد العدة بهدف احتواء بصمتها الكربونية، بدءا من إصلاحات دعم الوقود الأحفوري في الأردن وحتى مشروعات الطاقة الشمسية في الإمارات العربية المتحدة وقطر.
ويشددون على أنه يجب في الشرق الأوسط، كما في آسيا الوسطى، أن "تمنح البلدان الأولوية للاستراتيجيات الشاملة التي لا تقتصر على معالجة الأزمات المباشرة وإنما هي أيضا تعد للعواقب الأطول أجلا من تغير المناخ.
كما يجب أن يمنح صناع السياسات الأولوية للاستثمار في إجراءات "لا تبعث على الندم" مثل البنية التحتية والزراعة القادرتين على تحمل تغير المناخ، فضلا عن إدارة مخاطر الكوارث، والحماية الاجتماعية".
وأوصى خبراء الصندوق بأن يعمد في الأجل القصير إلى تعزيز الاستثمارات في الطاقة المتجددة من خلال زيادة الإنفاق الحكومي وتوفير الدعم، غير أنهم يتصورون أن ذلك سيجعل عملية تحول نظام الطاقة أعلى تكلفة بوجه عام، لأنه لن يحقق الكفاءة الاقتصادية التي تنتج عن تسعير الكربون.