قفزة صادرات الغاز العُماني... تنويع لمصادر الإيرادات المالية

31 ديسمبر 2022
اتفاقيات عُمانية مع اليابان لزيادة الصادرات (Getty)
+ الخط -

تستهدف الحكومة العُمانية تطوير قطاع الطاقة بالسلطنة، عبر تنويع مصادرها، والحد من أحادية الاعتماد على النفط، من خلال إحداث قفزة في تصدير الغاز، عبر اتفاقات جديدة مع اليابان ودول أوروبية.

وتتصاعد إيرادات صادرات الغاز في عمان بشكل مضطرد، حتى أصبحت تمثل نحو ثلث إجمالي إيرادات قطاع الوقود التقليدي، وربع إجمالي إيرادات السلطنة، حسبما رصدت "العربي الجديد"، ما عزز من أهمية إبرام الحكومة العمانية اتفاقية مع نظيرتها اليابانية لتصدير غاز السلطنة المسال على مدى يتراوح بين 5 - 10 سنوات، اعتباراً من عام 2025.
وتقضى الاتفاقية، حسبما أوردت وكالة الأنباء العمانية الثلاثاء الماضي، بتصدير السلطنة 2.35 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال سنوياً إلى اليابان، تتسلمها شركات "جيرا" و"ميتسوي إند كو"، و"إيتوشو كورب".

وجاء التوقيع في وقت تعاني فيه اليابان من تذبذب إمدادات الطاقة، بسبب زيادة الطلب العالمي، والقيود التي فرضتها العقوبات الغربية ضد روسيا على العرض، فيما تسعى عمان إلى تنويع مصادر الطاقة، والاتجاه نحو إنتاج الوقود النظيف تدريجيا، ضمن خطة لضبط المالية العامة للبلاد، ومواجهة تقلبات أسعار النفط، ولذا شملت الاتفاقية مع اليابان التعاون في إنتاج الهيدروجين، ووقود الأمونيا، وتدوير الكربون، والطرق الحديثة لإنتاج الميثان، حسبما أوردت صحيفة الرؤية العمانية، الثلاثاء.

وفي عام 2021 استوردت اليابان حوالي 1.9 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال من سلطنة عمان، ما يعني أن الاتفاق الجديد يمثل زيادة لصادرات الغاز العماني إلى اليابان بنسبة 1.2%.


تطوير الطاقة بالسلطنة
يمثل الاتفاق مع اليابان حلقة في مسلسل إجراءات لحكومة عمان ضمن مشروعها لتطوير قطاع الطاقة بالسلطنة، عبر تنويع مصادرها، والحد من أحادية الاعتماد على النفط، إذ تنتج السلطنة الغاز الطبيعي بكميات تتراوح بين 50 - 55 مليار متر مكعب سنوياً.

وفي هذا الإطار، سجّل إنتاج النفط والغاز في سلطنة عمان قفزة كبيرة خلال الأشهر الـ 10 الأولى من العام الجاري (2022)، مقارنة بالمدة نفسها من 2021.

وفي الربع الثالث من 2022، ارتفع إنتاج الغاز في السلطنة بنسبة 3% على أساس سنوي، بحسب بيانات رسمية لوزارة الطاقة والمعادن العمانية، وذلك بفضل إنتاج كميات جديدة من حقول الغاز في مربع 61 العماني التابع لشركة "بي بي" البريطانية وحقل مبروك في وسط البلاد.

أما صادرات الغاز فسجلت 8.491 ملايين طن متري بنسبة زيادة 8%، مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي، في حين بلغت صادرات الغاز الطبيعي المسال 156.8 ألف طن بنسبة زيادة 5%، بحسب بيانات الوزارة، التي أوردت أيضاً أن المعدل اليومي لتصدير الغاز العماني يبلغ نحو 138 مليون متر مكعب.

وحسبما أورد موقع "عمان أوبزرفر"، الأربعاء الماضي، فإن خطة السلطنة في كبح تأثير تقلبات أسعار النفط وتنويع مصادر الطاقة تهدف إلى توسيع نطاق مشروعات إنتاج الوقود النظيف وتصديره عالمياً، خاصة مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر جنوبي السلطنة (إتش تو عمان)، باستثمارات أجنبية مباشرة تصل إلى نحو 6.5 مليارات دولار، وذلك ضمن التحول إلى الطاقة البديلة ضمن "رؤية عمان 2040".

وأعلنت الحكومة العمانية عن المشروع ضمن حزمة مشروعات في مجال الهيدروجين الأخضر، وذلك قبل إعلانها الإطلاق الرسمي لاستراتيجية الهيدروجين الأخضر في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وفي سياق متصل، تتجه سلطنة عمان إلى التوسع في تصدير الغاز المسال، ليمتد سوق التصدير من اليابان، التي تعد أهم وجهة آسيوية للغاز العماني المسال على مدار الـ 22 عاماً الماضية، إلى أوروبا، خاصة مع تصاعد هاجس نقص الطاقة في القارة العجوز، في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا.

وبحسب تصريحات أدلى بها مدير عام التسويق بوزارة الطاقة والمعادن العمانية سابقاً، علي بن عبدالله الريامي، لمنصة الطاقة، في 13 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فإن الضغوط التي يمارسها الغرب على روسيا جعلت إمدادات الغاز الروسي شحيحة، ومن ثم انتهزت سلطنة عمان الفرصة بإرسال بعض الشحنات الفورية إلى أوروبا.

ويتوقع الريامي أن تكون هناك زيادة في الطلب على الغاز الخليجي خلال الأشهر المقبلة، وليس العماني فقط.

وزن صادرات الغاز

ودعمت إيرادات النفط والغاز في سلطنة عمان الميزانية العامة للبلاد، التي سجّلت فائضاً بنهاية سبتمبر/أيلول الماضي بلغ نحو مليار و123 مليون ريال عماني (2.92 مليار دولار) مقارنة بعجز قدره مليار و30 مليون ريال عماني (2.68 مليار دولار) في المدة ذاتها من عام 2021، حسبما أوردت نشرة الأداء المالي الصادرة عن وزارة المالية العمانية.

وسجلت أسعار تصدير الغاز المسال زيادة بنسبة 85% على أساس سنوي؛ إذ بلغت 15.1 دولاراً لكل مليون وحدة حرارية، في حين بلغ سعر صادرات سوائل الغاز الطبيعي 742.5 دولاراً لكل طن متري بنسبة زيادة 30% مقارنة بالمدة نفسها من 2021، بحسب بيانات رسمية.

دعمت إيرادات النفط والغاز في سلطنة عمان الميزانية العامة للبلاد، التي سجّلت فائضاً بنهاية سبتمبر/أيلول الماضي بلغ نحو مليار و123 مليون ريال عماني


وإزاء ذلك، ساهمت قفزة تصدير الغاز العماني في ارتفاع الإيرادات الحكومية بنسبة 43.4% حتى نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، مسجلة 10 مليارات و567 مليون ريال عماني (27.45 مليار دولار)، مقارنة بـ7 مليارات و368 مليون ريال عماني (19.14 مليار دولار) في المدة نفسها من عام 2021.

وأورد تقرير حديث أنه من المتوقع أن تساهم زيادة إيرادات النفط والغاز في تعزيز الموقف المالي للدولة خلال العام المقبل (2023).

لكن التقرير ذاته أورد توقعاً بانخفاض أسعار النفط بدءاً من عام 2024 إلى نحو 55 دولاراً للبرميل على أساس سنوي، ما يعني خلق أعباء على المالية العامة للسلطنة، ابتداء من العام بعد المقبل.
ولذا فإن اتفاق تصدير الغاز إلى اليابان يأتي ضمن تصاعد كبير للوزن النسبي الذي يمثله الغاز الطبيعي بالنسبة للاقتصاد العماني، وأهمية كبرى لدوره في ضبط أعباء المالية العامة للدولة في مرحلة هبوط أسعار النفط، حسب مراقبين.

 

المساهمون