قفزات الصين ومهمة بايدن الصعبة

08 مارس 2021
قطارات الشحن من الصين إلى أوروبا (Getty)
+ الخط -

بينما تغرق الاقتصادات العالمية الكبرى والصغرى، على حد سواء، في وحل الانكماش والركود والتعثر المالي والبطالة والفقر والغلاء وتراجع فرص العمل المتاحة، وعجز الموازنات العامة المزمن وتضخم الدين العام بمعدلات غير مسبوقة، نجد أن الاقتصاد الصيني، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، يشهد انتعاشاً قوياً، ويسترد عافيته بسرعة، ويفلت في وقت قياسي من حالة الشلل التي تسببت فيها جائحة كورونا، تغذّيه خطط حكومية واثقة من نفسها، ومتانة قوية في قطاعات رئيسية كالإنتاج والصناعة والتصدير، ورغبة في تجاوز ملف كورونا بسرعة وطيً صفحة الوباء.
وبينما تنشغل الولايات المتحدة، صاحبة أقوى وأكبر اقتصاد في العالم، بمكافحة تفشي وباء كورونا ومحاولة تقليل أعداد الإصابات والوفيات الناجمة عنه، وضخ تريليونات الدولارات في الأسواق لتحفيز الاقتصاد، والحيلولة دون سقوط الشركات العملاقة وانتشار البطالة، تخطو الصين خطوات سريعة نحو النمو الاقتصادي المستدام، واستعادة أسواقها التصديرية، ومعاودة تنفيذ خططها الرامية إلى أن تكون صاحبة الاقتصاد الأول في العالم في غضون سنوات قليلة.

الصين كانت من الدول النادرة التي حققت معدل نمو اقتصادي إيجابي في عام 2020

وبينما تحاول منطقة اليورو بقيادة ألمانيا لملمة الجراح الاقتصادية العنيفة الناتجة عن تفشي الوباء وتسببه في حالة كساد غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية، يحقق التنين الصيني قفزات، سواء في مجال الإنتاج والصناعات التحويلية أو الصادرات الخارجية أو معدلات النمو وجذب الاستثمارات الخارجية.
فالصين كانت من الدول النادرة التي حققت معدل نمو اقتصادي إيجابي في عام 2020 بلغ 2.3%.

بل إن معدل النمو فاق التوقعات في الربع الأخير من العام الماضي، حيث بلغ 6.5% على أساس سنوي، لتصبح الصين الاقتصاد الرئيسي الوحيد في العالم الذي لم ينكمش في ذلك العام، في ظل مصاعب شديدة تواجهها اقتصاديات دول كبرى عديدة لاحتواء الجائحة، منها بريطانيا وألمانيا وفرنسا واليابان وإيطاليا.

أزمة الوباء تركت مساحة كبيرة للصادرات الصينية لإعادة غزو الأسواق العالمية، وهو ما يفسر الأرقام الرسمية الصادرة أمس، حيث قفزت تلك الصادرات بنسبة 50.1% خلال أول شهرين من العام الجاري 2021 على أساس سنوي، مدفوعة باستمرار تحسّن الطلب العالمي، والتعافي من التراجع الحاد في أول شهرين من 2020.

بل إن الصادرات الصينية حققت قفزة غير مسبوقة في شهر فبراير الماضي حيث زادت بنسبة 150%.
والصين احتلت المرتبة الأولى عالميا في جذب الاستثمارات الأجنبية الجديدة، خلال عام 2020، رغم تفشي وباء كورونا، لتتفوق بذلك على الولايات المتحدة، حيث استقطبت تدفقات نقدية بقيمة 163 مليار دولار، مقابل 134 مليار دولار جذبتها أميركا.

الأرقام تؤكد تحرك الصين سريعا نحو قيادة الاقتصاد العالمي الذي طالما هيمنت عليه الولايات المتحدة منذ عشرينيات القرن الماضي.

والصين التي تجاوزت الولايات المتحدة في عدد القطع البحرية، لتصبح أكبر قوة بحرية في العالم، حسب تقرير استخباراتي أميركي حديث، قد تتفوق عليها اقتصاديا قبل عام 2028، وهو ما يصعّب مهمة الإدارة الأميركية بقيادة جو بايدن في محاصرة الاقتصاد الصيني ومشروعاته العملاقة، ومنها طريق الحرير وربط العالم بشبكة طرق برية وسكك حديد وموانئ وغزو أفريقيا والسيطرة عليها.

المساهمون