تداعيات كورونا والاحتجاجات تضربان تجارة التجزئة في هونغ كونغ

26 ديسمبر 2021
انخفضت الإيجارات بشكل كبير في هونغ كونغ (Getty)
+ الخط -

سددت ثلاث سنوات من الاحتجاجات المدافعة عن الديمقراطية التي أعقبها كوفيد-19، ضربة موجعة لتجار التجزئة في هونغ كونغ، الذين لطالما اعتمدوا على السياح الصينيين من البر الرئيسي.

فبعدما تباهت هونغ كونغ، في الماضي، بإيجارات المحال لديها التي كانت تُعد بين الأعلى في العالم، تراجع القطاع بشكل كبير في المدينة.

لكن شوينغ شوي، وهي أول بلدة تقع عبر المعبر الحدودي البري الرئيسي، سارعت إلى استغلال الفرصة لتطوير اقتصادها المحلي، حيث كانت البلدة معروفة باعتبارها مكانا لشراء منتجات من دون ضرائب لإعادة بيعها في البر الصيني الرئيسي، في إطار عملية تعرف بالتجارة الموازية.

قالت يوجين تشان (22 عاما) التي تقطن المنطقة منذ طفولتها، "ترتبط انطباعات الناس عن شوينغ شوي بالتجارة الموازية والبر الصيني الرئيسي".

وتستذكر تشان الأرصفة المكتظة بأشخاص يملأون أمتعتهم بالمستحضرات وحليب الأطفال أو الأدوات المنزلية لسد الطلب الهائل عبر الحدود.

لكن كل ذلك اختفى غداة الاحتجاجات الضخمة المطالبة بالديمقراطية، التي أعقبتها تدابير إغلاق للحدود على خلفية تفشي الوباء.

وفي كانون الثاني/يناير 2019، قبل اندلاع الاحتجاجات بمدة قصيرة، بلغ عدد القادمين من البر الرئيسي ذروته (5.5 ملايين). وبعد عامين، انخفض هذا العدد إلى أقل من 3000 شخص. علما أن تعداد سكان هونغ كونغ يبلغ نحو 7.5 ملايين نسمة.

قال كبير مدراء الأبحاث والاستشارات لدى "سافيلز"، سايمن سميث، إنه "انخفاض هائل في الطلب"، متابعا أن "موجة الإنفاق من البر الرئيسي، خصوصا تلك التي تركّز على المنتجات الفاخرة والساعات والمجوهرات وسلع المصمّمين، رفعت الإيجارات إلى مستويات قياسية عالميا".

انخفض عدد السياح القادمين من الصين إلى هونغ كونغ من 5.5 مليون شخص في 2019 إلى أقل من 3000 شخص في 2021

وكانت أحياء التسوّق الشهيرة في هونغ كونغ تتباهى في الماضي بـ"شوارع ذهبية"، حيث إيجارات المتاجر أغلى من مثيلتها في شارع "فيفث أفنيو" في نيويورك.

وقال سميث إن إيجارات المتاجر في المناطق الأبرز خضعت لـ"تصحيح جوهري" وتراجعت إلى مستويات عام 2003، بانخفاض نسبته أكثر من 75 في المائة عن مستويات الذروة التي سجّلت عام 2013.

جوانب مشرقة

 

وأشار محللون إلى إعادة موازنة لصالح الاستهلاك المحلي، إذ اشترت أعمال تجارية أقل تكلفة بعض المتاجر الواقعة في أحياء التسوّق الأهم.

 

ففي منطقة فسيحة وسط هونغ كونغ تدعى "سنترال"، حيث إيجارات المحال من بين الأعلى في العالم، حلّت مكان علامة "إم سي إم" التجارية الفاخرة سلسلة المنتجات الرياضية "ديكاثلون" التي استأجرت الموقع لقاء 103 آلاف دولار شهريا، أي بخصم تبلغ نسبته 70 في المائة، وفق تقارير إعلامية.

 

وانخفضت الإيجارات كذلك في "كوزواي باي"، وهو حي تسوّق آخر عرف بارتفاع إيجاراته بشكل كبير.

 

وأما في شيونغ شوي، فاستغل أصحاب مشاريع، على غرار دريم لو، الفرصة لإطلاق أعمال تجارية موجّهة أكثر للسكان المحليين، فاختار فتح متجر للبقالة.

 

وقال لو إنه "خلال فترة ازدهار السياحة من البر الرئيسي، كانت ما بين 80 إلى 90 في المائة من الأعمال التجارية في منطقة شوينغ شوي للتسوّق تستهدف العاملين في التجارة الموازية".

 

 

 

 

 

 

وأضاف أن الإيجارات المرتفعة كانت تعني أن الأعمال التجارية الموجّهة للسكان المحليين، مثل متاجر المعدات والكتب وصالات السينما، لن تتمكن من الصمود، مؤكدا أننا "كنا نشعر بأن المنطقة ليست لنا، بقي الوضع على هذا الحال لسنوات".

 

 

 

وأجج الوضع الاقتصادي في البلدات الحدودية مثل شوينغ شوي الاحتجاجات منذ عام 2012، وكان عاملا مهما ساهم في تصعيد التوتر بين الصين وهونغ كونغ على مدى العقد المنصرم.

 

 

 

وعندما بدأ الوباء، رأى لو جانبا مشرقا تمثّل في انخفاض الإيجارات ليفتتح "بيووتر مارت" الذي يركّز على منتجات "صنعت في هونغ كونغ"، حيث يمثّل متجره، إلى جانب مقهى ومشغل قريب للخزف، موجة أعمال تجارية وليدة تسعى للاستجابة إلى الطلب المحلي، مؤكدا أنني "آمل بأن يكون بإمكان سكان شوينغ شوي العودة للإقامة والإنفاق هنا".

 

 

 

ما زال غير واضح إن كان اقتصاد التجزئة في هونغ كونغ سيعود إلى نموذجه المعتمد على البر الرئيسي الصيني أم أنه سيقوم على مسار مستقبلي جديد

 

 

 

مستقبل ضبابي

 

 

 

وتجري هونغ كونغ، التي سارت على خطى الصين في تبني سياسة صارمة للغاية للسيطرة على كوفيد، مفاوضات لاستئناف السفر بشكل طبيعي ولكن محدود مع البر الرئيسي.

 

 

 

وتكشف الاستطلاعات أن العديد من سكان هونغ كونغ متحمّسون لعبور الحدود، سواء من أجل التجارة أو السياحة أو للقاء أفراد عائلاتهم.

 

 

 

إلا أن سميث لفت إلى أن مقترح حكومة هونغ كونغ بشأن حصة يومية تشير تقارير إلى أنها تبلغ حوالى ألف شخص، لن يكون لها "أي تأثير كبير" على زيادة إنفاق السياح ليعود إلى مستويات ما قبل الوباء.

 

 

 

 

 

 

وعشية إعادة فتح الحدود، ما زال غير واضح إن كان اقتصاد التجزئة في هونغ كونغ سيعود إلى نموذجه المعتمد على البر الرئيسي أم أنه سيقوم على مسار مستقبلي جديد.

 

 

 

لكن تشان قالت إن إغلاق الحدود لن يكون إلا "توقفا وجيزا"، معربة عن خشيتها من عودة التجارة الموازية إلى سابق عهدها، لكنها أكدت أنها ستركّز حاليا على الحاضر.

 

 

 

وقالت "وأخيرا أعرب أحد أصدقائي عن رغبة في القدوم لزيارة شوينغ شوي لتجربة أحد المطاعم.. إنه تغيير جيد".

 

 

 

وأضافت "الأجواء لم تعد خانقة أو مربكة، بالعكس نشعر بأننا مجتمع صغير. أعتقد أن الجميع يشعرون بارتياح أكبر".

 

 

 

(فرانس برس)

 

المساهمون