عاد النشاط لسوق العملات الأجنبية الموازية في الجزائر، في أعقاب إعلان الحكومة فتح المجال الجوي بعد أكثر من سنة من الغلق، بسبب كورونا، بالإضافة لإعطاء الضوء الأخضر أخيرا لاستيراد السيارات المستعملة، ما ينذر بارتفاع الطلب في الأسواق الموازية للعملة، وعودة اتساع الهوة لأسعار الصرف بين السوقين الرسمية والموازية، التي ضيقها تهاوي الدينار في الأشهر الأخيرة في التعاملات البنكية الرسمية.
على بعد أمتار من مجلس الأمة، في ساحة "بور سعيد"، أو "السكوار" كما يحلو للجزائريين تسميتها، أشهر أسواق العملات في البلاد، بدأ النشاط يعود إليها بعد أشهر، لم يجد فيها بائعو "العملة" من زبون.
وظلوا يتقاسمون أزقتها مع بعضهم البعض ينتظرون بائعا أو مشتريا لأي عملة كانت، فخبر فتح المجال الجوي وعودة استيراد السيارات المستعملة، أثلج صدور باعة العملة، الذين يعدون الممول الأول للجزائريين في ظل منع القانون لبيع العملات في البنوك.
سوق العملة شهد نشاطا في الأيام الأخيرة أعاد الأمل للبائعين الذين عانوا الأمرين منذ مارس 2020، بسبب غلق الحدود وتجميد الاستيراد وغيرها من النشاطات التجارية
يقول الشاب أسامة بائع للعملة بسوق "السوكوار" إن "سعر العملات قفز بدينارين إلى 3 دنانير في الأيام الأخيرة، فاليورو ارتفع من 211 دينارا لليورو الواحد، إلى 213 دينارا للبيع، في حين بلغ سعر صرف الدولار 178 دينارا للبيع بعدما كان عند 175 دينارا الأسبوع المنصرم، ونفس الشيء للجنيه الاسترليني".
وأضاف لـ"العربي الجديد" أن "سوق العملة شهد في الأيام الأخيرة حركية أعادت الأمل للبائعين الذين عانوا الأمرين منذ مارس/آذار من السنة الماضية، بسبب غلق الحدود وتجميد الاستيراد وغيرها من النشاطات التجارية، التي "قتلت أسواق العملة" حسب البائع.
من جانبه، يتوقع البائع كمال في حديث مع "العربي الجديد" أن "تعود الحياة لسوق العملة الموازية مع فتح الأجواء وعودة رحلات المسافرين من وإلى الجزائر، كما نراهن على استيراد السيارات المستعملة لإنقاذ نشاطنا".
ويؤكد كمال أن "بائعي العملة في الأسواق الموازية عاشوا سنة صعبة، بسبب الركود الذي ضرب نشاطهم بعد غلق الحدود وتجميد الاستيراد خاصة من الصين في الأشهر الأولى بعد تفشي الوباء، وحتى بعد عودة الاستيراد ظل يسير بوتيرة ضئيلة بسبب تقليص الجزائر لحجم تدفق السلع في ظل الوباء وكبح الواردات".
وكانت الجزائر قد قررت إنهاء العزلة التي فرضها انتشار فيروس كورونا، قبل أكثر من سنة، وذلك بفتح الحدود أمام الرحلات التجارية ونقل المسافرين، مطلع يونيو/ حزيران الحالي.
حملت الموازنة التكميلية لـ 2021، الضوء الأخضر لتحرير استيراد السيارات المستعملة، في خطوة تستهدف استرضاء الشارع وامتصاص غضب الحراك الشعبي
وسمحت الحكومة الجزائرية بثلاث رحلات أسبوعية من وإلى فرنسا، من قبل الجوية الجزائرية، تربط باريس ومرسيليا بالجزائر العاصمة، كما ستضمن شركة الخطوط الجوية الجزائرية رحلة أسبوعية من وإلى إسطنبول وبرشلونة وتونس العاصمة.
وحملت الموازنة التكميلية للعام 2021، الضوء الأخضر لتحرير استيراد السيارات المستعملة رسمياً، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تستهدف استرضاء الشارع وامتصاص غضب الحراك الشعبي المتواصل منذ 22 فبراير/شباط 2019، يقابله تخوف من أن يفتح هذا القرار بابًا جديًدا على الفساد في حال غياب الرقابة الحكومية.
إلى ذلك، يرى الخبير المالي، نبيل جمعة، أن "تفاعل السوق الموازية مع رفع الحظر عن الرحلات الجوية واستيراد السيارات المستعملة، لسبب وحيد وهو كون السوق الموازية للعملة هي الممول الوحيد للجزائريين وحتى الأجانب المقيمين في البلاد بالعملات، فقانون الإقراض والنقد يمنع على البنوك بيع العملات إلا بعد تقديم تذكرة سفر مع حجز الفندق، وذلك مرة واحدة في السنة، على ألا يتعدى حجم العملة المُباعة 15 ألف دينار".
ويقترح الخبير جمعة، في حديث مع "العربي الجديد"، "فتح مكاتب صرف في الجزائر وذلك لامتصاص الكتلة المالية المتداولة في الأسواق الموازية، والسماح للجزائريين بشراء العملة بطرق أكثر ليونة وبأسعار معقولة".