مع اتهام أربع مجموعات عملاقة لصناعة السيارات في إطار فضيحة "ديزل غيت"، يمكن للملايين من مالكي السيارات في فرنسا المطالبة بتعويضات، لكن ما زال من الصعب تقدير قيمة الفاتورة المحتملة لذلك.
بعد اتهامات من وكالة حماية البيئة الأميركية في عام 2015، أقرّت شركة "فولكسفاغن" بتزويد 11 مليون سيارة برمجيات قادرة على جعلها تبدو أقل تلويثا أثناء الاختبارات المعملية.
وبعد خمس سنوات من التحقيق في فرنسا، تم هذا الأسبوع توجيه تهمة "الخداع بشأن سلع تشكل خطراً على صحة الإنسان أو الحيوان" إلى مجموعات "فولكسفاغن" و"رينو" و"بيجو" و"سيتروين". وسيتم النظر في توجيه الاتهام إلى "فيات كرايسلر" في مطلع يوليو/تموز.
يمهد ذلك لمحاكمة محتملة في فرنسا، مع إمكان فرض غرامات بالمليارات على الشركات المصنعة، فضلاً عن تعويض مالكي المركبات التي انخفضت قيمتها بعد تكشف الفضيحة في سبتمبر/أيلول 2015.
وقال رافائيل بارتلومي، من وكالة "يو في سي-كو شوازير" للدفاع عن المستهلك، إنه "في حال جرت محاكمة جنائية، يمكن لجميع مشتري الطرازات الجديدة المعنية بهذه العلامات التجارية أن يصبحوا طرفاً مدنياً" ويطلبوا التعويض.
غير أن "رينو" و"فولكسفاغن" و"ستيلانتس"، الشركة الأم الجديدة لـ"بيجو"، و"سيتروين" و"فيات كرايسلر"، تعتبر أنها لم ترتكب أي ذنب.
انبعاثات مموَّهة
كشفت لجنة خبراء عيّنت في فرنسا بعد الفضيحة عام 2015 عن "مفارقات" في انبعاثات سيارات من عدة علامات تجارية.
ونهاية عام 2016، كشفت "المديرية العامة للمنافسة وشؤون المستهلك ومكافحة الاحتيال" عن اختلافات تصل إلى 377%، بين أداء بعض طرازات "رينو" العاملة بالديزل عند فحصها في المختبر ولدى استخدامها في ظروف حقيقية.
يشمل ذلك مئات آلاف المركبات في فرنسا: أكثر من 950 ألف عربة "فولكسفاغن" و900 ألف "رينو"، و1,9 مليون عربة "بيجو" و"سيتروين" بيعت بين سبتمبر/أيلول 2009 وسبتمبر/أيلول 2015، وفق المديرية.
وصرّح عضو لجنة الخبراء برتران أوليفييه ديكرو، لصحيفة "ليزيكو" الفرنسية، بأنّ "جميع الشركات المصنعة استخدمت أنظمة تحكم في التلوث، تتوقف عن العمل في ظروف حرارة أو سرعة معينة".
الغرامة ستكون 1,68 مليار يورو، أي ما يعادل 10 بالمئة من حجم التعامل المتعلق بـ900 ألف سيارة تعمل بالديزل
وأضاف الخبير "الصعوبات التي يواجهها القضاء تتعلق بإثبات النية في الاحتيال أثناء إصدار الشهادات" حول مستوى الانبعاثات.
من جهته، قال مدير الهندسة في مجموعة "رينو" جيل لوبورن، الثلاثاء، إنه "لم توجد قطّ برامج خداع في محركات رينو". وأضاف المهندس: "تمت معايرة أنظمة التحكم في التلوث من أجل الحفاظ على التكنولوجيا وسلامة الناس". وتابع أنّ الفوارق في الانبعاثات "ليست جديدة ولا مفاجئة"، وتتوافق مع المعيار القديم لقياس الانبعاثات.
عقوبات رادعة
بعد أن كان سائداً في أوروبا خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تراجع الديزل بسبب الفضيحة، فقد انهارت حصته في السوق لصالح البنزين ثم السيارات الهجينة والكهربائية.
ويعاقب على جريمة "الخداع بشأن سلع تشكل خطراً" بغرامة قدرها 750 ألف يورو. وتمكن زيادة الغرامات إلى 10% من رقم التعامل السنوي "بما يتناسب مع الفائدة المتأتية من المخالفة".
بناء على إجمالي حجم المعاملات السنوية، قدرت "المديرية العامة للمنافسة وشؤون المستهلك ومكافحة الاحتيال" الحد الأقصى للغرامات بـ5 مليارات يورو على شركة "بي إس آي" و3,58 مليارات على شركة "رينو".
ولكن ينتظر أن تكون الغرامة أقل من ذلك بكثير، وستحدد "بطريقة تتناسب مع الفوائد المتأتية من الخداع" وفقاً للنصوص المعمول بها. ويعني ذلك بالنسبة لـ"رينو" أنّ الغرامة ستكون 1,68 مليار يورو؛ أي ما يعادل 10% من حجم التعامل المتعلق بـ900 ألف سيارة تعمل بالديزل، وليس 10% من إجمالي رقم أعمال المجموعة.
وصرح محامي نحو مئة من المدعين في القضية فرانسوا لافورج، لإذاعة "فرانس إنفو"، الأربعاء "نعتقد أنه يجب أن تكون هناك عقوبات رادعة، عقوبات جنائية في شكل غرامات، أو حتى عقوبات أخرى، وفي الوقت نفسه تعويض الأضرار التي لحقت بأصحاب العربات".
في فرنسا، طُلب من شركة "فولكسفاغن" لأول مرة، في إبريل/نيسان، دفع أربعة آلاف يورو تعويضاً لمالك إحدى السيارات المعنيّة؛ أي حوالى 15% من سعر الشراء.
والسؤال يتصل بتحديد أي من المالكين الآخرين، ومن أي علامات تجارية، سيكونون قادرين على المطالبة بالتعويض على أساس أن عرباتهم لا تتوافق مع المواصفات المعلن عنها، وكم سيكون عددهم.
(فرانس برس)