- الإيقاف السابق لتصاريح العمل كان بسبب مخاوف من التأثير على التركيبة السكانية بالكويت، مع التأكيد على مشروع "التكويت" ومنع دخول العمالة الهامشية.
- إعادة فتح التصاريح تعكس الحاجة للعمالة المصرية، خاصة في قطاعات كالتعليم والأوقاف، وتوقعات بأثر إيجابي على الاقتصادين المصري والكويتي، وتعزيز تحويلات المغتربين.
أعاد فتح دولة الكويت تصاريح العمل بالقطاع الأهلي للمصريين مجددا، في مطلع إبريل/نيسان الجاري، بعد 16 شهرا من الوقف، تسليط الضوء على الأسباب التي استند إليها قرار الوقف وتلك التي دعمت إلغاءه، وسط أنباء عن بدء إتاحة التصاريح بالفعل في قطاعات بينها التعليم والأوقاف.
وجاء القرار الكويتي بتوجيه من نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وزير الداخلية بالوكالة الشيخ فهد اليوسف، إلى الإدارة العامة لشؤون الإقامة بالتنسيق مع الهيئة العامة للقوى العاملة والسفارة الكويتية لدى القاهرة، ويشمل استقبال طلبات إصدار تصاريح العمل للمصريين، حسب ما نقلت "الجريدة" الكويتية عن مصادر حكومية مطلعة.
وعلمت "العربي الجديد" من مصادر، رفضت ذكر اسمها، أن "القوى العاملة" و"شؤون الإقامة" في الكويت بدأتا بالفعل استقبال طلبات تصاريح العمل للعمالة المصرية وفقاً للمادة 17 من قانون الإقامة للعمل بالقطاع الحكومي، خاصة في قطاعي التعليم والأوقاف.
وكان قرار وقف تصاريح العمل في ديسمبر/كانون الأول 2022 قد تبعه إجراء تنفيذي بوقف أذونات العمل للمصريين حتى إشعار آخر، وذلك بعد نشر الإدارة المركزية للإحصاء في الكويت إحصائية بأن عدد العمالة المصرية بات الأعلى في سوق العمل بالبلاد بما يخل في "التركيبة السكانية" للبلاد.
ووفق بيانات رسمية، جاءت مصر في المرتبة الثانية لجهة أعلى عدد عمالة بالكويت، إذ بلغ عدد جاليتها في سوق العمل 483.45 ألف عامل وعاملة بنهاية يونيو/ حزيران 2023.
وحسب بيانات صادرة عن الإدارة المركزية للإحصاء الكويتية، بلغ عدد العمالة الوافدة أن 2.43 مليون فرد يحملون جنسيات 174 دولة من مختلف دول العالم يعملون في الكويت بنهاية يونيو 2023.
ويأتي ذلك في وقت أكدت فيه الحكومة الكويتية عزمها إنجاز مشروع "التكويت" في الجهات الحكومية، والالتزام بالنسب التي أقرها مجلس الوزراء على هذا الصعيد وفق القرار رقم 11 لسنة 2017.
وأكدت مصادر الحكومة الكويتية آنذاك أن الهدف الوحيد من قرار وقف التصريح بالعمالة المصرية هو "منع دخول العمالة الهامشية وضبط سوق العمل في البلاد"، مشيرة إلى "مخالفة السفارة المصرية لدى الكويت القوانين الكويتية المنظمة لسوق العمل" مع "سعي وزارة الداخلية الكويتية إلى تطبيق القوانين واللوائح المنظمة لسوق العمل بصورة حاسمة"، وفقا لما أوردته صحيفة "القبس" المحلية.
وتسعى الحكومة الكويتية للوصول إلى معالجات ملموسة لاختلالات التركيبة السكانية حتى عام 2027، عبر تطبيق خطة تستهدف ترحيل 70% من العمالة الوافدة، بينها الهامشية والأمية، والتي يبلغ مجموعها نحو مليون وافد.
والعمالة الهامشية هي العمالة غير المنتظمة "السائبة"، والتي تصاعدت المطالب الكويتية بالتصدي لها خلال أزمة إغلاقات وباء كورونا باعتبارها خطرا مجتمعيا وأمنيا.
ويعمل المصريون في الكويت بجميع القطاعات والمجالات، بما فيها تلك الهامشية، وتعتبر الجالية المصرية في الكويت ثاني أكبر وجود للعمالة المصرية في منطقة الخليج بعد السعودية.
لكن متغيرات الوضع الخاص بالعمالة الوافدة في الكويت، خلال مدة الأشهر الـ16 الماضية، دفعت لإعادة مراجعة الحسابات بشأن تصاريح العمالة المصرية، بحسب مصادر الحكومة الكويتية، مشيرة إلى أن "القوى العاملة" اشترطت للموافقة على منح التصريح ضرورة إجراء الفحص الطبي للعامل قبل قدومه إلى البلاد باستخدام الرقم القومي المصري، حسب ما أوردت "الجريدة".
وأوضحت المصادر الحكومية أن التقديم للتصريح من "خلال الأوراق الرسمية الخاصة بالفحص هدفه قطع الطريق أمام أي محاولات للتلاعب بالنتائج في حال كانت إيجابية ولا تؤهل صاحبها للحصول على التصريح ودخول البلاد".
وقف التلاعبات
يشير الخبير الاقتصادي محمد رمضان، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن "تلاعبات" في عمل وإقامة العديد من المصريين كانت وراء قرار وقف التصريح بعملهم في الكويت على مدى 16 شهرا، مؤكدا أن هذه الفترة وضعت فيها السلطات الكويتية معايير لضمان عدم تكرار تلاعبات العمل والإقامة.
وبعد حل إشكالية هذه التلاعبات، أعادت الكويت تصاريح العمل للمصريين، بحسب رمضان، مشيرا إلى أن مصر بلد مهم في تصدير العمالة التي تحتاجها الكويت على نطاق واسع.
ويلفت رمضان إلى أن كثيرا من المؤسسات والشركات في الكويت تفضل العمالة المصرية لاعتبارات التقارب الثقافي بين الشعبين، خاصة في ما يتعلق باللغة والدين، وبالتالي فإن القرار السابق بوقف تصاريح العمل للمصريين لم يلغ الحاجة الكويتية الماسة للعمالة المصرية.
ويوضح رمضان أن التلاعبات تتعلق بإشكاليات في آلية الاستقدام، مشيرا إلى أن السلطات الكويتية ضبطت حالات مخالفة في هذا الشأن، بيد أنها وصلت الآن على ما يبدو إلى صيغة تسوية تجعلها مطمئنة لفتحها تصاريح العمل للمصريين مرة أخرى.
يشير الخبير الاقتصادي محمد الناير، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن عودة فتح الكويت تصاريح العمل الخاصة بالمصريين خطوة كبيرة لها انعكاساتها على الاقتصادين المصري والكويتي
ويؤكد رمضان أن الكويت بحاجة ماسة إلى العمالة الوافدة لتحقيق نمو اقتصادي من خلال المشاريع المختلفة للقطاع الخاص، وكلها تحتاج إلى عمالة وافدة، مشيرا إلى أن مصر تحتل المركز الثاني في جلب العمالة الوافدة إلى الكويت بعد الهند، وبالتالي فإن جودة العمالة المصرية كبيرة وتمثل إفادة مهمة للاقتصاد الكويتي، حسب تقديره.
سد النقص
وفي السياق، يشير الخبير الاقتصادي محمد الناير، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن عودة فتح الكويت تصاريح العمل الخاصة بالمصريين خطوة كبيرة لها انعكاساتها على الاقتصادين المصري والكويتي، فالكويت ستتمكن من استقطاب عمالة مصرية في مجالات محددة تعاني فيها نقصا، مثل القطاع الطبي، الذي يحتاج إلى الأطباء والممرضين والممرضات، والتدريس، سواء في التعليم الأساسي أو أساتذة الجامعات.
ويضيف الناير أن قرار عودة تصاريح العمل للمصريين يستهدف استقطاب عمالة لوظائف أخرى مطلوبة، كالتقنين والحرفيين من خريجي المدارس التقنية التي تحتاج إليها دول الخليج عموما والكويت خصوصا.
وينوه الناير، في المقابل، إلى أن القرار الكويتي يمثل إفادة كبيرة للاقتصاد المصري، الذي يستفيد من ارتفاع حصيلة تحويلات المغتربين التي تدعم الخزينة العامة للدولة من خلال التحويلات المالية، خاصة بعد تحرير سعر الصرف في مصر وإزالة الفجوة بين السوقين الرسمية والموازية أخيرا.
ومن شأن فتح تصاريح العمل لمزيد من المصريين في الكويت أن يعظم من تدفق تحويلات المغتربين عبر القنوات الرسمية، وبالتالي إفادة الاقتصاد المصري، إذ تعد مصر الدولة السادسة على مستوى العالم من حيث تحويلات المغتربين، بحسب الناير، لافتا إلى أن مصر في أمس الحاجة لقناة تمثل تدفقا للنقد الأجنبي على البلاد في ظل عدم استقرار سعر صرف الجنيه المصري خلال الفترة الماضية.