انعكس رفع أسعار الغاز والكهرباء على أثمان السلع الضرورية بالأسواق السورية، لتصل بحسب مصادر من العاصمة السورية دمشق إلى أعلى مستوى على الإطلاق، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة جديدة في أعداد الفقراء.
ورفعت وزارة التجارة وحماية المستهلك بحكومة بشار الأسد، أمس الثلاثاء، أسعار الغاز المنزلي والصناعي، لتعلن وزارة الكهرباء عن بدء تطبيق الأسعار الجديدة اعتباراً من اليوم.
وحدد قرار الوزارة سعر أسطوانة الغاز المنزلي الموزع عبر البطاقة الذكية بوزن 10 كيلوغرامات بـ 9 آلاف و700 ليرة سورية بدلًا من 4 آلاف و200 ليرة، وسعر بيع أسطوانة الغاز الصناعي الموزع عبر البطاقة الذكية بوزن 16 كيلوغراما بـ 40 ألف ليرة سورية، بدلًا من 9 آلاف و200 ليرة سورية (الدولار = 3500 ليرة).
وفي المقابل، كشفت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد" من العاصمة السورية دمشق، بدء العمل بالتعرفة الجديدة للكهرباء، بعد رفع أسعار الشرائح جميعها ولجميع استخدامات الكهرباء، المنزلي والصناعي والزراعي. وفي هذا السياق، يؤكد الاقتصادي السوري، حسين جميل لـ"العربي الجديد" أن رفع أسعار المشتقات النفطية والكهرباء، وقبلها أسعار الخبز والأرز والسكر، إنما تؤشر على بدء انسحاب النظام من دعم المواطنين وتحمل جزء من ارتفاع الأسعار.
ويضيف جميل أن رفع أسعار حوامل الطاقة، سينعكس على أسعار المنتجات الغذائية بالأسواق، ما يزيد من تراجع القدرة الشرائية للسوريين وزيادة نسبة الفقر التي تفوق حالياً 90%. وحسب تجّار، سجلّ سعر البيضة الواحدة أمس، 500 ليرة سورية وتعدى سعر كيلو الأرز 3200 ليرة والسكر 5600 ليرة.
وكانت أسعار سلة الخضار الأساسية في دمشق، قد قفزت خلال العام الجاري بنحو الضعف لبعض السلع ليسجل سعر كيلو البطاطا الارتفاع القياسي بعد أن ارتفع في خلال شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي من نحو 1800 إلى نحو 3000 ليرة.
وطاول ارتفاع الأسعار المنتجات الحيوانية ليزيد سعر كيلو شرحات الدجاج عن 14 ألف ليرة ويصل سعر كيلو لحم الخروف إلى 30 ألف ليرة سورية.
ويلجأ نظام بشار الأسد للجباية من السوريين، بعد حالات الإفلاس التي دفعته لرفع الضرائب في ظل توقعات بمواصلة رفع دعم السلع والمنتجات، بما فيها المشتقات النفطية، لتصل إلى مستويات الأسعار العالمية.
ويقول الخبير النفطي، عبد القادر عبد الحميد، لـ"العربي الجديد": يعاني نظام بشار الأسد، وبشكل واضح، من تخبط القرارات نتيجة الإفلاس وزيادة الطلب، بحلول الشتاء، ورفع حوامل الطاقة جميعها بواقع تراجع الإنتاج المحلي واستمرار معيقات توريد المشتقات النفطية. وهذا التخبط برأي الخبير السوري هو خطوة ما قبل سحب الدعم كاملاً وبيع المشتقات النفطية وفق الأسعار العالمية.
ويشير عبد الحميد إلى أن نسب رفع الأسعار "كبيرة جداً" ما يدلل على تخلي حكومة الأسد عن دعم السوريين الذين يعيشون أصلاً، فقراً مدقعاً. ويضيف أنه مع رفع سعر المازوت الصناعي بنسبة 161% دفعة واحدة، فهذا يعني الإجهاز على ما تبقى من الصناعة السورية التي تعاني أصلاً، من نقص الفيول، رغم رفع سعره الشهر الماضي، وانقطاع التيار الكهربائي لنحو عشرين ساعة يومياً. ويتوقع عبد الحميد أن تعلن حكومة الأسد مطلع العام الجديد، عن خطة سحب الدعم، وإن بمسميات ملطفة، كتوجيه الدعم إلى مستحقيه.
من جهته، يرى الصناعي السوري، محمد طيب العلو، أن المشكلة الحقيقية ليست برفع أسعار حوامل الطاقة، بل المشكلة بعدم توفرها، فرغم رفع الأسعار تعاني السوق السورية من ندرة عرض المشتقات النفطية والغاز، ما يخلق برأيه سوقاً موازية تفوق أسعارها ضعف الأسعار الجديدة "لقد قبلنا كصناعيين برفع سعر المازوت إلى 1700 ليرة لليتر، ولكنه ليس متوفراً، وقبلنا الشهر الماضي برفع سعر طن الفيول ليصل إلى 620 الفاً، ولكن هل وفروه؟"
ويلفت الصناعي السوري خلال تصريحه لـ"العربي الجديد" إلى أن رفع الأسعار يؤثر على الصناعة، ولكن الضريبة الكبرى سيدفعها المستهلك، لأن الصناعيين سيزيدون الأسعار بعد زيادة تكاليف الإنتاج.
وقال: "السؤال هنا هل لدى السوريين قدرة شرائية على مواكبة ارتفاع الأسعار. كما أن المواطن لم يسلم من ارتفاعات أسعار المشتقات النفطية، فبعد رفع سعر ليتر المازوت المدعوم من 180 إلى 500 ليرة ها هي الأخبار الجديدة تشير لرفع سعر الغاز المدعوم والكهرباء".
وتزداد التوقعات بارتفاع أسعار السلع والمنتجات الغذائية، بعد رفع أسعار المازوت والفيول والغاز الصناعي، ما سيزيد من تجويع السوريين الذي يصل متوسط دخلهم الشهري بحد أقصى إلى 77 ألف ليرة في حين تزيد تكاليف المعيشة لأسرة مكونة من 5 أشخاص، عن 1.24 مليون ليرة بحسب مركز قاسيون من العاصمة السورية دمشق الذي أشار إلى ارتفاع تكاليف الغذاء الأساسي فقط للأسرة بنسبة 40%، لتقفز من 550 ألف ليرة، إلى 766 ألف ليرة شهرياً.
وكان برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، قد حذر سابقاً من أن سورية تواجه أزمة غذاء غير مسبوقة، حيث يفتقر أكثر من 9.3 ملايين شخص إلى الغذاء الكافي، مبيناً خلال تقرير سابق أن عدد الأشخاص الذين يفتقرون إلى المواد الغذائية الأساسية ارتفع بواقع 1.4 مليون خلال نصف عام.