غلاء السوق السوداء يجتاح جيوب المصريين وسط شحّ المعروض في الأسواق

03 يناير 2023
يؤكد تجار لـ"العربي الجديد" أن بعض قضايا مباحث التموين ملفقة (فرانس برس)
+ الخط -

فرضت قوة الطلب على السلع بالأسواق سطوتها بقسوة، وسط عروض شحيحة من السلع وأزمة واردات تترقب رفوف المحلات انتهاءها، الفترة المقبلة، فيما لا يزال مؤشر الأسعار عموماً يتخذ منحىً صاعداً بقوة، رغم تراجع بعضها مؤقتاً.

فقد انخفضت أسعار الأعلاف بنسبة 7% والدقيق الفاخر 10% والعادي 15% دفعة واحدة، اليومين الماضيين، مع خروج شحنات من الموانئ، اليومين الماضيين، عقب إنهاء قرار البنك المركزي لنظام الاعتماد المستندي، بينما تزداد الأسعار ارتفاعاً بالأسواق.

ورفع موزعو الألبان سعر كيلو الحليب السائب بنسبة 11%، حيث ارتفع في المناطق الشعبية من 18 إلى 20 جنيهاً، والمتوسطة من 20 إلى 22 جنيهاً، بينما رفعت شركات منتجات الأجبان والألبان أسعارها بمعدلات تبدأ من 3% إلى 7%، في إطار الزيادة المستمرة منذ أشهر، مع ندرة مستلزمات الإنتاج وارتفاعها. وراوح سعر كيلو اللبن المعبّأ ما بين 23 و 25 جنيهاً. (الدولار=24.7919 جنيها).

وقفزت أسعار البيض الأحمر فوق المائة جنيه، راوح سعر الطبق ما بين 98 و107، بمتوسط 100 جنيه عند الأغلبية الساحقة من الموزعين، والبيض البلدي من 87 إلى 95 جنيهاً والأبيض من 95 إلى 98 جنيهاً.

وزاد شحّ المعروض بالأسواق من الأرز، وزيت طهو الطعام من دوار الشمس والقطن والخليط، وارتفع سعر الفول والعدس والبقوليات السائبة نحو 3 جنيهات.

وتأتي ارتفاعات الأسعار وسط حالة من الترقب التي واكبت بدء أعمال اللجنة العليا للأسعار أمس، دون أن تحدد قائمة الأسعار الإرشادية للسلع الأساسية، التي وعدت بإعلانها للمستهلكين منذ منتصف ديسمبر الماضي.

ولم تأت اللجنة العليا، المشكلة من هيئة سلامة الغذاء ومديريات التموين وحماية المستهلك ومباحث التموين، بقرار من علي مصيلحي وزير التموين بجديد، حيث اكتفت بتحديد سعر إجباري للأرز، عند 15 جنيهاً للجمهور، بينما اكتفت بمطالبة الموزعين بكتابة سعر السلعة على العبوة أو إعلانها في مكان ظاهر وواضح للمستهلكين.

ويلتزم الموزعون تعليمات لجنة الأسعار التي وضعت منذ سنوات، بينما تنشط حالياً مع حملات أمنية مكثفة تستهدف البحث عن الأرز والسكر بمخازن ومعارض المحلات، وقد أحالت المئات من صغار الموزعين على المحاكمات العاجلة.

ويؤكد تجار لـ"العربي الجديد" أن بعض قضايا مباحث التموين ملفقة، تستهدف بث الذعر لدى التجار ومصادرة معروضات أخرى لا علاقة لها بالقائمة الإرشادية. لذلك، يحصل التجار على براءة من تلك القضايا، عند عرضها على النيابة العامة أو المحكمة المختصة. ومع ذلك تظل تلك المصادرات لفترة زمنية طويلة رهينة التفتيش على سلامتها صحياً، ومصلحة الضرائب التي تعيد فحص فواتير الشراء.

ويوضح تاجر التجزئة إبراهيم الزعفراني أن كبار التجار شرعوا بإعلان تخفيضات في أسعار طن الدقيق الفاخر من 24 ألفاً إلى 21.5 ألف جنيه، والعادي من 16.5 ألفاً إلى 12 ألف جنيه، وتخفيض العلف من 25 ألفاً إلى 22.7 ألفاً، بعد السماح لهم بإدخال كميات كبيرة من الموانئ.

ويؤكد إبراهيم أن تجار التجزئة والموزعين فوجئوا بأن الأسعار المعلنة من قبل كبار التجار في أجهزة الإعلام وعلى مواقع شركاتهم، لا تنفذ على أرض الواقع.

وكشف الزعفراني لـ"العربي الجديد" أن كبار الموردين وقعوا بين أمرين: خفض سعر السلع المستوردة، وعدم قدرتهم على الحصول على الدولار من البنوك بالسعر الرسمي، مع ضرورة التزامهم سداد قيمة الواردات وتكاليف الجمارك بالدولار، الذي يباع في السوق السوداء بنحو 34 جنيهاً.

ويشير موردون إلى أن الحكومة التي سهلت دخول المنتجات من الموانئ لم تلتزم تدبير العملة للتجار، لذلك لا يتصرفون ببيع البضائع الحديثة إلا في حدود ضيقة، وطبقاً لسعر آجل للدولار. وأشار موردون إلى أن شركات التوريد تمنح الموزعين البضائع بالقطارة، فيما يعتبر حيازة المنتج ثروة لا يجب التفريط بها إلا لضرورة.

ولم يعد للجنيه وزن لدى التجار والموزعين، الذين يحسبون كل سلعة وفقاً لسعري الدولار والذهب، باعتبارهما القيمة الأكثر ثباتاً ويقيناً. وعكست رؤية التجار قوتها على الأسواق، فظل الطلب أكثر من المعروض، من السلع الإرشادية كافة التي لم تحدد الحكومة أعدادها، منذ انتفاضة لها باجتماع وزاري موسع، نهاية الأسبوع الثاني من ديسمبر الماضي.

ويؤكد أشرف حسني، رئيس شعبة المواد الغذائية بالغرفة التجارية، لـ"العربي الجديد" أن يتبع قرارات الإفراج الجمركي عن السلع توفير العملة للموردين، حتى يتمكنوا من إدخال السلع دون تكلفة كبيرة.

ويؤكد وزير التموين علي مصيحلي، أن اللجنة العليا للتسعير لن تحدد سعراً إجبارياً على السلع، مشيراً في تصريحات صحافية إلى تكليفها وضع سعر عادل للسلع الاستراتيجية والأساسية، تراوح ما بين 10 إلى 15 سلعة. 

ولم يلتزم الوزير عدالة التسعير وفقاً لرأي موزعي الأرز الذين يريدون سعراً عادلاً يبدأ من 18 جنيهاً، حيث تصل تكلفة الكيلو عند المزارع إلى نحو 14 جنيهاً و16 جنيهاً عند توزيعه سائباً.

وتبثّ الحكومة روحاً من التفاؤل عبر الإعلام، حول خفض الأسعار تدريجاً، وتأكيدها لسرعة الإفراج عن السلع الواردة بالجمارك، التي تصل قيمتها الإجمالية إلى نحو 14.5 مليار دولار، مستهدفة تغطية احتياجات المستهلكين، وتهدئة الأسواق، قبل حلول شهر رمضان المقبل، وتشغيل المصانع المعطلة بسبب شحّ المواد الخام، التي بلغت نسبتها نحو 80% نهاية العام الماضي.

ويظل الدولار القوة السحرية المتحكمة بقدرة الحكومة على تدبيره من البنوك للموردين، وتكلفة شرائه، العامل الأساسي، في تحديد أسعار السلع. لذلك، يرى محللون ماليون أن الأيام المقبلة ستكون أكبر شاهد على قدرة الحكومة على إدارة الأسواق، بتوفير المزيد من الدولار، وإعادة تشغيل المصانع والحد من معدلات التضخم ودفع الصادرات، لمواجهة العجز المتصاعد والمزمن في الميزان التجاري.

المساهمون