غزة بلا مواد تنظيف... الأسعار تقفز إلى أكثر من 20 ضعفاً

09 يوليو 2024
منتجات تنظيف للبيع وسط مبانٍ مدمرة (محمد عابد/فرانس برس)
+ الخط -

 

تشهد الأسواق والمحال التجارية في قطاع غزة حالة من النقص الحاد وغير المسبوق في أدوات ومواد التنظيف، ما تسبب في ارتفاع أسعار الأصناف المحدودة والكميات القليلة المعروضة بشكل خيالي، وصل في بعض السلع إلى أكثر من 20 ضعفاً.
ويتسبب الإغلاق الإسرائيلي المتواصل لكافة المعابر المؤدية إلى قطاع غزة منذ بداية العدوان في السابع مع أكتوبر/ تشرين الاول الماضي في خلق مجموعة من الأزمات التي تمس الاحتياجات والمتطلبات الأساسية للفلسطينيين، وفي مقدمتها المواد الغذائية، والماء، والكهرباء، والأدوية، والمستهلكات الطبية، كذلك الأدوات الصحية، ومواد التنظيف.
وتضاعفت أزمة مواد التنظيف في قطاع غزة مع السيطرة الإسرائيلية الكاملة على معبر رفح الواصل بين جنوبي قطاع غزة المُحاصر مُنذ سبعة عشر عاماً، وبين جمهورية مصر العربية مطلع شهر مايو/ أيار الماضي، وما رافقها من منع تام لدخول المواد الأساسية، والمساعدات الإنسانية التي تتضمن بعضاً من أدوات ومواد التنظيف.
 

اختفاء مواد التنظيف من غزة


ويتزامن غياب الأصناف البارزة من مواد التنظيف، ولوازم النظافة الشخصية من المحال التجارية والأسواق والبسطات الشعبية مع الاحتياج الشديد للتنظيف والرعاية الشخصية، خاصة في ظل حالة النزوح التي يعيشها نحو 1.5 مليون فلسطيني في مراكز اللجوء والخيام التي تفتقد لأدنى مقومات الحياة والنظافة الشخصية والرعاية الصحية، علاوة على غرق الطرقات والأسواق بطفح المياه العادمة نتيجة عدم القدرة على تصريفها بالأساليب المتبعة بسبب الانقطاع الكامل للكهرباء، ومنع دخول مشتقات البترول التي يُمكنها تشغيل المولدات الكهربائية البديلة.

يقول بائع مواد تنظيف في سوق دير البلح الشعبي، رائد أحمد، إن الإغلاق الإسرائيلي الكامل للمعابر، وخاصة بعد السيطرة على معبر رفح، أثر بشكل كبير على العديد من السلع الهامة، وفي مقدمتها مواد التنظيف، والتي بات يعتمد عليها الناس بشكل أكبر من السابق، بفعل انتشار الأوبئة، والفيروسات نتيجة التكدس في المدارس ومراكز الإيواء ومخيمات اللجوء.



أدوات مصنعة يدوياً

ويلفت أحمد لـ "العربي الجديد" إلى أن غياب السلع وتضاعف أسعارها لم يمكناه من توفير أي من مواد التنظيف، باستثناء الكلور وسائل جلي الأدوات المطبخية والتي تم تصنيعها يدويا، موضحا أن عمله كان يعتمد على بيع المُنظِفات الأصلية، والكلور الخام، وسوائل الجَلي والغسيل المُركزة، والمُطهِرات، والمُعقِمات، والمعطِرات، علاوة على أصناف الصابون، والشامبو، والمناديل الورقية والمُعطرة، وليف الجلي والاستحمام، وكريمات وزيوت العناية بالبشرة والشعر، والتي نفدت من الأسواق بشكل شبه كامل.

ويشير إلى أن حالة النقص الشديد في بضائع مواد التنظيف، أو الغلاء الشديد في أصنافها تُضاعف معاناة الفلسطينيين الذين يتعرضون لمُختلف أشكال الأزمات خلال الحرب، والتي أضعفت من قدرتهم الشرائية، ويقول: "في الوضع الطبيعي كان البيع ضعيفا بفعل التأثيرات السلبية للحصار الإسرائيلي، وقد جاءت الحرب لتُعدم الحركة التجارية بشكل كامل، بخاصة مع حالة الغلاء غير المسبوق في الأسعار".
وتعتبر الأزمة الاقتصادية من أبرز الأزمات التي تواجه الفلسطينيين منذ بداية الحرب قبل تسعة أشهر، بفعل عدم قدرتهم على الحصول على رواتبهم، أو صرفها نتيجة عدم وجود سيولة، إضافة إلى النسب المرتفعة التي تفرضها مكاتب الصرافة ووكلاؤها على كل عملية صرف، إذ قد تصل النسبة إلى ما يزيد عن 25% على كل عملية سحب للنقود، والتي يتم تسليمها بالية أو تالفة، الأمر الذي يعيق الكثير من العمليات التجارية.


تضاعف الأسعار

ووفقاً لقاعدة العرض والطلب، يوضح أحمد أن العديد من أصناف مواد التنظيف المتوفرة بكميات بسيطة للغاية تضاعفت أسعارها بشكل هستيري نتيجة النقص الحاد، حيث وصل سعر لتر الكلور إلى قرابة 15 شيكل، بعد أن كان يُباع بشيكل واحد، كذلك لتر سائل الجلي، فيما وصل سعر لتر الشامبو إلى مائة شيكل، بعد أن كان يُباع بعشرة شيكل أو أقل، كذلك تضاعف سعر كريم الشعر ليصل إلى ما يزيد عن 30 شيكل، وبعض أصناف الزيوت الطبية التي اختفت أو ارتفع سعرها إلى 15 ضعفاً، في الوقت الذي وصل فيه سعر شفرة حلاقة الذقن التي كانت تُباع بنصف شيكل، إلى قرابة 20 شيكل (الدولار = 3.77 شيكل).
من ناحيته، يوضح صاحب محل خاص ببيع مواد التنظيف في حي النصر غرب مدينة غزة، ناصر الدريملي، أنه قام بعد خمسة أشهر من البطالة بافتتاح بسطة لبيع أدوات ومواد التنظيف، ومُستلزمات العناية الشخصية، إلّا أنها بدأت بالنفاد شيئاً فشيئاً من الأسواق إلى أن باتت شحيحة وتباع بأسعار مضاعفة.

ويلفت الدريملي لـ "العربي الجديد" إلى أن النقص الحاد في مواد التنظيف المُستوردة دفعه وعددا من الباعة إلى الاعتماد بشكل أساسي على شراء وبيع الطرود الصحية التي يتم توزيعها على النازحين، الذين يرغبون باستبدال بعض أصنافها بسلع أخرى، وتتضمن تلك الطرود الصابون، والمناديل الورقية والمعطرة، وأكياس القمامة، والمناشِف الشخصية، ومعجون وفراشي الأسنان، والصابون العادي والسائل، إلى جانب باقي أنواع المنظفات.

يوضح صاحب محل خاص ببيع مواد التنظيف في حي النصر غرب مدينة غزة، ناصر الدريملي، أنه قام بعد خمسة أشهر من البطالة بافتتاح بسطة لبيع أدوات ومواد التنظيف


ويشير الدريملي إلى أن تشديد الخناق من الاحتلال الإسرائيلي عبر إغلاق المعابر، ومنع دخول المُساعدات الإنسانية تسبب في تعطيل دخول تلك الطرود الصحية، والتي كانت تُعين المواطنين على توفير البدائل عن بعض الأصناف المفقودة منذ بداية العدوان، فيما كانت تسد رمق أسرته، حيث يعتمد على مهنته الحالية في توفير قوت أطفاله.



أزمة حادة


وتتزايد حدة الأزمة لدى الغزيين، وفي مقدمتهم مئات آلاف النازحين، وعن ذلك يوضح الفلسطيني إسلام البسيوني لـ"العربي الجديد" أنه يواجه أزمة مالية خانقة بفعل توقفه عن العمل منذ بداية الحرب ونزوحه برفقة عائلته إلى المنطقة الوسطى، بالتزامن مع النقص الحاد في مختلف السلع وآخرها أدوات ومواد التنظيف، ويقول: "في حال توافر كميات قليلة وأصناف محدودة، يتم عرضها بأسعار تفوق قدرتنا على الشراء، رغم حاجتنا الماسة لتلك الأدوات في ظل ظروف النزوح القاسية وغير الصحية".

ويتسبب نزوح مئات آلاف الفلسطينيين عن منازلهم بما فيها من مستلزمات، بتوجههم لشراء المواد الأساسية الخاصة بالتنظيف، كالمكانس والقشاطات والجرادل (أدوات النظافة المنزلية)، وباقي مواد التنظيف، إلّا أن الإغلاق الإسرائيلي للمعابر، وعدم السماح بدخول البضائع تسبب بحالة من الشُح الشديد في الأسواق، في ظل تزايد حاجة المواطنين لتلك المواد، خاصة مع طول أمد الحرب، التي دخلت شهرها العاشر. وتعاني غزة من أزمة بيئية كبيرة، بسبب تدمير الاحتلال للبنية التحتية وتلوث المياه وتراكم النفايات، وفي المقابل باتت الهيئات المحلية غير قادرة على الحد منها.

المساهمون