تحت القصف الجوي والتهديد بالاجتياح البري لمدينة رفح الفلسطينية، يتباطئ دخول قوافل الإغاثة والمساعدات الإنسانية المتجهة من الحدود المصرية إلى قطاع غزة.
تعطلت مسيرة قوافل مساعدات أمام معبري كرم أبو سالم وبوابات رفح، مع الساعات الأولى من يوم أمس الاثنين، عندما شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية، شمال رفح، مواكبة لإعلان رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عن خطة لاجتياح رفح، زاعما وجود الأسرى الإسرائيليين في حوزة حماس دخل المدينة المتاخمة للحدود المصرية.
وبعد هدوء الضربات، وشروع بعض الشاحنات بالتحرك باتجاه المعابر، فوجئت بعشرات المستوطنين اليهود يعترضون مسيرة قوافل المساعدات، في تظاهرات مستمرة منذ أيام.
أكدت مصادر بالمعبر لـ"العربي الجديد"، مخاوفها من تراجع عدد الشاحنات التي تمر بمعبري رفح وكرم أبو سالم بمعدلات كبيرة، مع زيادة التهديدات الإسرائيلية باقتحام رفح، ومخاوف من ارتكاب مجازر واسعة في منطقة ضيقة يقيم فيها نحو 1.4 مليون إنسان، بين الخيام وبقايا البيوت التي قصفتها قوات الاحتلال.
أشارت المصادر إلى عبور عشرات شاحنات المساعدات الغذائية والمستلزمات الطبية، وعدد آخر من شاحنات الغاز والسولار، أول من أمس الأحد، مؤكدة وجود صعوبات تواجه إدخال المساعدات، مع استمرار التوتر على الحدود والمخاوف من تحريك القوافل باتجاه القطاع وسط هذه الأجواء.
يواجه سكان غزة حرب تجويع مستمرة للشهر الخامس على التوالي، بالتوازي مع تدمير معظم المخابز والأسواق والمستشفيات ومراكز الإيواء التابعة للمنظمات الدولية التي تحاول إنقاذ الأسر من كارثة إنسانية.
وكان المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك قد قال، الأسبوع الماضي، إن حد الجوع في قطاع غزة الفلسطيني زاد 12 ضعفاً بسبب الهجمات الإسرائيلية. وأوضح دوجاريك في تصريح صحافي، أنّ الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات يتعرضون لخطر جسيم بسبب نقص الغذاء وخدمات الرعاية الصحية وعدم كفاية المياه النظيفة في غزة.
وأشار دوجاريك إلى أن الوضع في غزة سيكون أسوأ بكثير إذا لم يتم توفير الخدمات العلاجية والوقائية اللازمة. وحسب إحصائية أممية، فإنّ 80 في المائة من السكان كانوا يعتمدون على المساعدات الإنسانية قبل العدوان، ثم بات جميع السكان بحاجة إلى المساعدات بعد العدوان.
من جانبها، أرجعت الخبيرة الاقتصادية وعضوة لجنة التحالف الشعبي لإغاثة الشعب الفلسطيني، نعيمة أبو مصطفى، انخفاض كميات المساعدات اليومية إلى أقل من 10% من احتياجات أهالي القطاع يومياً، إلى وقوف عصابات صهيونية على معبر كرم أبو سالم يعترض أفرادها على إدخال المساعدات، وما يسمح بدخوله يجري تفتيشه لاستبعاد وتدمير ما يرونه غير مناسب لأهوائهم ويلقون به على الأرض، بما يعرقل دخول أعداد كبيرة من الشاحنات ويعرض العاملين عليها للخطر.
تشير أبو مصطفى إلى أن أفراد العصابات الصهيونية، هم جنود بجيش الاحتلال يرتدون زياً مدنياً ومدججون بالأسلحة، وتدفع بهم إسرائيل للواجهة لتمارس المزيد من الضغوط على الدول التي تسعى لوقف فوري لإطلاق النار وإجبار الفلسطينيين على الاستسلام للشروط الإسرائيلية لتسليم الأسرى وإخراج حماس من غزة نهائياً.
وعزز الحصار الإسرائيلي من ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي في قطاع غزة ووصولها إلى مستويات غير مسبوقة، بعدما كانت قبل الحصار في مستوى يتلاءم مع الواقع المعيشي والاقتصادي للسكان الذين يعيشون في مساحة جغرافية لا تتجاوز 365 كيلومتراً مربعاً.
وعبرت منفذ رفح 10 سيارات إسعاف مقدمة من الإمارات للهلال الأحمر الفلسطيني قبيل لحظات من ارتكاب إسرائيل مجزرة جديدة في رفح، راح ضحيتها نحو 100 شهيد و100 مصاب، من بينهم أطفال، وخلفت عشرات الضحايا تحت الأنقاض، في اليوم الـ129 للعدوان الإسرائيلي على القطاع.
استهدفت الغارات الكثيفة منازل مأهولة بالسكان، قبالة جمعية الهلال الأحمر، وسط رفح، وضربت مناطق بشمال القطاع لدفعهم إلى الهروب إلى جنوبه. قالت أبو مصطفى إن المجازر الإسرائيلية الجديدة تستهدف "إبادة الفلسطينيين بالتقسيط" ودخول رفح على مراحل، مستهدفة تخويف الناس على أطفالهم والبحث عن مهرب خارج القطاع، أو البحث عن مكان آمن لن يجدوه.
من جانبه، دعا عضو لجنة المقاطعة الشعبية للمنتجات الصهيونية في مصر محمد المصري الحكومة للسماح للمجتمع المدني بإيصال المساعدات من الأدوية والطعام للفلسطينيين مباشرة من معبر رفح، لإنقاذ أرواح الجوعى الذين تلاحقهم إسرائيل على الحدود مع مصر.
وكان رئيس وزراء فلسطين محمد اشتية قد قال إن العدوان الإسرائيلي الوحشي، لليوم التاسع والعشرين بعد المائة، أسفر عن 100 ألف شهيد وجريح ومفقود في غزة، بالإضافة إلى 640 شهيدا بالضفة و10 آلاف أسير.
وحذر من أن تصعيد نتنياهو العدوان على رفح التي تؤوي 1.4 مليون إنسان يعيشون في ظروف قاسية بالخيام والعراء وتحت الأنقاض، يهدد بكارثة إنسانية جديدة، وأكد في مؤتمر صحافي، أمس، أن الشعب الفلسطيني لن يترك أرضه ولن يهجرها مهما تعنتت إسرائيل وأغلقت معابر غزة، ورغم حجزها للأموال المخصصة لإنقاذ المقيمين فيها.