عودوا لمقاعدكم واستمتعوا بأموالنا

19 ديسمبر 2016
سويسرا تعيد أموال مصر المنهوبة لرموز نظام مبارك
+ الخط -

 

ليس مهماً أن تحصل على صك البراءة حتى تستعيد أموال مصر المنهوبة المودعة باسمك في بنوك سويسرا، جنة الأموال المغسولة في العالم، وليس مهماً أن تبرأ ساحتك وذمتك أمام المصريين لتسترد ما يقرب من مليار دولار جمدتها السلطات السويسرية بعد ثورة 25 يناير بناء على طلب من أول حكومة مصرية تم تشكيلها.

وليس مهماً أن تحصل على صك البراءة من المحاكم المصرية، فطريق استرداد الأموال المنهوبة بات سهلاً مفروشاً بالسجاد الأحمر في مبني وزارة العدل الهائل بمنطقة لاظوغلي بوسط القاهرة.

فقط اذهب لمكتب جهاز الكسب غير المشروع .. أطلب ملفك وبعدها تصالح في كل قضايا الفساد المالي المقامة ضدك منذ قيام الثورة وعلى مدى 6 سنوات.

ادفع عدة مئات من ملايين الجنيهات مقابل التصالح وأغلق ملفك نهائياً، فهذه الملايين لن تؤثر كثيراً في بحور المليارات التي جمعتها طوال 30 عاماً وتمتلكها في الداخل والخارج.

بعدها أحصل على صك البراءة وسافر إلى العاصمة الفخمة زيورخ وقدم للسلطات السويسرية ما يفيد تصالحك مع السلطات المصرية في القضايا المالية المقامة ضدك، والتي كانت حتى أمس تتهمك بالفساد المالي واستغلال النفوذ وتقاضي العمولات وغسل الأموال وتهريب الأثار ومعها تهريب ثروات المصريين للخارج وايداعها في مصارف وعقارات أوروبا.

هل هناك أسهل من ذلك لاستعادة أموال مبارك ورموز نظامه من سويسرا التي هي في الأصل أموال المصريين؟


الآن من حق آل مبارك أن يستمتعوا بأموال مصر المنهوبة، ومن حق رموز نظام مبارك أن يستردوا الأموال المودعة بأسمائهم في بنوك سويسرا والتي تم تجميدها منذ 2011.

وعلى جموع المصريين أن يرضوا بالأمر الواقع ويلتزموا الصمت وألا يطالبوا مرة أخرى باسترداد هذه الأموال، لأنها باتت نظيفة ومغسولة وقد تنتقل من خزائن البنوك السويسرية إلى حسابات مصارف عالمية أخرى، وقد تظل داخل بنوك سويسرا نفسها، لكن هذه المرة حرة طليقة بلا تجميد ولا تهديد ولا حديث عن ردها إلى الدولة المصرية بحجة أنها من مصادر غير مشروعة.

يوم السبت الماضي أعلن النائب العام السويسري مايكل لوبير، أنه تم فك تجميد 180 مليون فرنك سويسري من الأموال المجمدة لدى سويسرا منذ عام 2011، وإعادتها إلى أصحابها الذين سمّاهم بالملاك الشرعيين لها.

وبعد أن كانت سويسرا تتحدث عن تجميد أموال 13 من رموز نظام مبارك منذ قيام الثورة المصرية تراجع العدد إلى 6 شخصيات فقط، وبعد أن كان المبلغ المُجمد 580 مليون فرنك سويسري بات المبلغ المتبقي 400 مليون فرنك سويسري، وغدا قد يكون صفراً.

إعادة سويسرا الأموال المنهوبة لم يأت عقب تقديم السلطات المصرية ما يؤكد صدور أحكام قضائية تبرئ ساحة هؤلاء من رموز نظام مبارك من تهم الفساد المالي، بل جاءت بسبب عمليات تصالح قامت بها أجهزة رقابية في الدولة المصرية معهم.

أمس تصالح حسين سالم ومحمد منصور، واليوم يتصالح رشيد محمد رشيد، وغداً يوسف بطرس غالي الصادر ضده حكم غيابي بالسجن 30 عامًا في قضايا تتعلق بالفساد المالي، والبقية تأتي ليتحول ملف استرداد الأموال المنهوبة من سويسرا إلى سراب، وحكاية تسردها أمهات شهداء الثورة المصرية على أبنائهم الصغار.

المساهمون